41 عاماً عمر الفترة الزمنية التى مرت على النكسة، حرب الأيام الستة، التى انهزم فيها العرب جميعاً، حرب انتهت واسترد العرب بعض ما خسروه، استردوا جزءاً من الأرض، ولم يستردوا حتى جزءاً من حقوق الأسرى، أسرى الحرب الذين لقوا مصرعهم بعد الأسر، دفنوا فى مقابر جماعية حفروها بأيديهم.. قتلوا ولم يحاربوا من الأصل، إنها الحقيقة التى فجرها فيلم الأسرى "روح شاكيد"، الذى عرضه التلفزيون الإسرائيلى. الفيلم وما فيه.. تضمن الفيلم كيفية تصفية الأسرى المصريين فى حرب عام 1967 فى شبه جزيرة سيناء وداخل السجون الإسرائيلية، وتحدث فى هذا الفيلم الوثائقى عدد كبير من الجنود الذين خدموا فى صفوف وحدة "شاكيد"، وكشفوا عن عمليات القتل التى قاموا بها "بدم بارد" ضد جنود من وحدة " الكوماندوز" المصرية، وهم فى طريق انسحابهم للغرب داخل سيناء بعد توقف القتال. وخلال الفيلم تحدث عدد من الجنود الذين خدموا تحت قيادة "بنيامين بن إليعازر" وزير البنى التحتية الإسرائيلي الحالى، إنهم قتلوا الجنود المصريين مدفوعين بشهوة الانتقام، وتنفيذا لتعليمات عسكرية من قادتهم. وتخلل الفيلم مقاطع وثائقية مصورة تظهر إطلاق النار على الجنود المصريين رغم كونهم مجردين من الأسلحة، أو رافعى الأيدى وهم على الأرض. أسرى 67 فى القانون الدولى تأتى هذه الوقائع ضمن جرائم الحرب، والتى تعتبر أخطر الجرائم فى القانون الدولى والأفعال المنافية للإنسانية الناجمة عن سياسات الفصل العنصرى والتى تقع مسئوليتها على ممثلى سلطة الدولة وليس الأفراد الذين ارتكبوها فقط، وذلك لتسامحهم فى ارتكابها. وتمثل هذه الجرائم خرقا للاتفاقيات الدولية كاتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بمعاملة أسرى الحرب، وكذا الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية الموقعة فى لاهاى، والتى تنص على وجوب معاملة أسرى الحرب بما يحفظ لهم كرامتهم وآدميتهم الإنسانية، وكذلك حقوقهم منذ وقت الأسر تحت سلطة حكومة العدو وليس تحت سلطة الأفراد والوحدات العسكرية التى قامت بأسرهم، خاصة إذا كانوا قد ألقوا سلاحهم، حيث يجب معاملتهم بصورة إنسانية فى جميع الأوقات، فى ما يحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أى فعل أو أعمال غير مشروعة يسبب موت أى أسير فى عهدتها. فؤاد حجازى.. يكفى إثارة المشكلة الأديب فؤاد حجازى الذى أصدر من قبل كتاباً بعنوان "إنهم يقتلون الأسرى"، ورواية "الأسرى يقيمون المتاريس"، أوضح فى عدة تصريحات صحفية مختلفة أن كل هذه الاعترافات قديمة، ويستشهد فى ذلك باعتراف آرييه بيرو بقيامه فى عامى 56 و67 بتوثيق أيدى الجنود المصريين، والمرور عليهم بالدبابات مع الجنرال رفائيل إيتان وقتها، ويشير إلى اعتراف دانى وولف بأنه تم قتل عمال التراحيل المصريين فى اليوم التالى للمعركة فى متلا والذين كان عددهم 49 عاملاً. وهناك اعترفات أخرى كان أبرزها اعتراف عاموس نئمان، نشرتها معاريف عام 95، وقال إنه كان سعيداً عندما زار شرم الشيخ، وشاهد الهياكل العظمية للجنود الذين يبلغ عددهم 169 جندياً مصرياً، الذين قتلهم وهم يهربون فى عام 67. أبو الغيط.. الملف مازال مفتوحاً. أكد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية أن ملف قضية أسرى حرب 1967 "سيظل مفتوحاً حتى نحصل على نتائج التحقيقات التى تجريها إسرائيل". وقال إن مصر "ستتابع القضية وأنه منذ تفجر الموضوع عام 1995 ونحن نرصد ونتابع". وقد أدان مجلس الشعب بالإجماع برئاسة د.أحمد فتحى سرور جريمة قتل 250 أسيراً مصرياً، وأكد النواب أن هذه الجريمة لاتسقط بالتقادم، وطلب د.سرور حضور وزير الخارجية أمام لجنة مشتركة من لجان العلاقات الخارجية والشئون العربية والأمن القومى، وطالب بأن تظل اللجنة فى حالة انعقاد مستمر مهما طال الأمد. كما دعا البيان الخارجية المصرية إلى التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى لسرعة محاكمة مرتكبى هذه الجرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية كمجرمى حرب، إذ لا تسقط جرائم الحرب بمرور الزمن أو التقادم، و "ليتذكر الإسرائيليون أن جرائم النازى ضدهم إذا كانت لم تسقط حتى الآن من ذاكرتهم، فإن جرائمهم لن تسقط من ذاكرة الشعب المصرى وأمته العربية". وانضم مجلس الشورى إلى موقف مجلس الشعب وأدان الجريمة، وأكد رئيس المجلس صفوت الشريف أن "هذه الجريمة الشنعاء لا تسقط بالتقادم". وقال إنها "جريمة شنعاء لا يجوز السكوت عليها"، مطالباً الدولة بالتصدى لهذه التصفية الخطيرة ومعاقبة المخالفين للاتفاقات الدولية وتابع: "لا يرتكب تلك الجرائم إلا إرهابى خرج من مستنقع الحقد والغل" فى إشارة إلى "بن أليعازر"، داعياً إلى التحرك العالمى لكشف تلك الواقعة "لأنها جريمة حرب وحتى نأخذ حق شهدائنا الأبرار". الجانب الإسرائيلى.. تضارب وأخبار غير دقيقة قال أحد ضباط "وحدة شاكيد" المتهمة بارتكاب الجريمة ويدعى شلومو غرونى فى تصريحات نقلتها وسائل الإعلام إن الجنود المصريين قُتلوا فى "معركة مشروعة" خلال الحرب، لكنه أضاف فى حديثه إلى الإذاعة الإسرائيلية الرسمية أن العملية وقعت فى "اليوم السابع" من الحرب (حرب الأيام الستة)، حين تلقى وجنود الوحدة الأمر بملاحقة عناصر كتيبة الفدائيين الفلسطينيين "التى واصلت التحرش بنا فيما سائر القوات المصرية انسحبت نحو قناة السويس". وزاد أن الأمر الذى أصدره قائد الوحدة بنيامين "بن أليعازر" قضى بضرب الكتيبة المذكورة وتصفيتها "وهذا ما حصل فى معركة مشروعة تماماً، وليست عملية انتقام كما يقال". ومن جانبه اعترف وزير البنى التحتية الحالى وزير الحرب السابق "الإسرائيلى" بنيامين بن أليعازر بقيام وحدته "شاكيد" بقتل 250 جندياً عام 67، مبرراً ذلك بأنهم فلسطينيون وليسوا مصريين، بعكس ما جاء فى الفيلم الوثائقى، وأكد بالصوت والصورة وقوع مجزرة ضد جنود مصريين عقب انتهاء القتال فى يونيو 67. وكان "بن أليعازر" قد أصدر بياناً بعد الضجة التى أثارها الفيلم فى مصر وخارجها، نفى فيه تورطه ووحدته بإعدام 250 جندياً مصرياً فى حالة غير قتالية، وزعم "بن أليعازر" أن وحدة "شاكيد" التى تولى قيادتها وقتذاك لم تقتل بدم بارد جنوداً مصريين إنما قتلت250 جندياً فلسطينيا من لواء الفدائيين. فى النهاية ينبغى التأكيد على أن الموضوع أصبح عبارة عن وقائع حقيقية منشورة وموثقة فى فيلم، ينتهك حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولى، وسط إثارة وتحفظ، ومجرد تنديد مصرى فى مقابل تضارب واعترافات إسرائيلية مختلفة. إن الملف يحتاج إلى تحريك دولى، يمكن من خلاله الحصول على تعويضات قد تصل وفق تقديرات العديد من خبراء القانون الدولى إلى عشرة مليارات دولار.. وهو رقم كفيل بانهيار دولة إسرائيل!!!