الفئات الممنوعة من التصويت بانتخابات مجلس الشيوخ.. المحجور عليه.. المصاب باضطراب نفسى أو عقلى.. والمحكوم عليه نهائيا فى جناية    "تكريم وتمكين".. ملتقى بجامعة قناة السويس لربط الإبداع الأكاديمي بفرص التوظيف    راتب 25 ألف جنيه وتأمين صحي، مطلوب فلاحين للعمل في لبنان    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025    سلسلة غارات جديدة للاحتلال على جباليا البلد شمال غزة    إسرائيل تعرض سحبا أوسع لقواتها من غزة ضمن مقترح جديد لوقف إطلاق النار    مباحثات مغربية أوروبية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية    إعلام إسرائيلي: الجيش غارق في وحل غزة وقيادته تخشى مواجهة المستوى السياسي    وزير الدفاع الألماني: يُجرَى الإعداد لتسليم نظامي باتريوت لأوكرانيا    شوبير: رغبة أحمد عبد القادر الأولى هي اللعب للزمالك    بيراميدز يستأنف تدريباته اليوم استعدادا لمعسكر تركيا    أول تحرك برلمانى في واقعة وفاة 4 أطفال أشقاء بالمنيا    بالفيديو.. الأرصاد: طقس حار ورطوبة عالية والعظمى بالقاهرة 35 درجة    تعرف على مدة الدراسة في نظام البكالوريا وفقا للقانون الجديد    وزارة الدفاع الأمريكية تمنح شركات ذكاء اصطناعي رائدة عقودا بقيمة 200 مليون دولار    مدون إماراتي شهير يشيد ب"الداخلية المصرية": استجابة سريعة وتحرك حاسم على مواقع التواصل    أبرزهن هذا الثلاثي، نجمات ظهرن في بروموهات ألبوم تامر حسني الجديد    بإقبال كبير.. قصور الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لدعم الموهوبين بشمال سيناء    محمد منير وروبي مفاجآت صيف 2025.. الدويتوهات تشعل المنافسة    الإصابات بالسعال الديكي في اليابان تتجاوز 43 ألف حالة خلال 2025    تنسيق الدبلومات الفنية 2024 دبلوم التجارة نظام 3 سنوات.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    أسعار الفراخ اليوم الثلاثاء 15-7-2025 بعد الزيادة الجديدة وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    لطلاب الثانوية 2025.. تعرف على برنامج الموضة وطباعة المنسوجات بتنسيق الجامعات    بلغت كولر..تعليق مثير للجدل من المعد النفسي السابق للأهلي على قرار الإدارة    يعالج الاضطرابات الزائدة.. مستشفى جامعة الفيوم تضم أحدث أجهزة علاج القسطرة القلبية- صور    طريقة عمل بلح الشام، في البيت زي الجاهز    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الثلاثاء 15 يوليو    الصحة الأمريكية: تفشي مرض الحصبة لا يعتبر حالة طوارئ وطنية في الوقت الحالي    إعلام إسرائيلي: ارتفاع في حالات انتحار الجنود.. ومعظم الضحايا من قوات الاحتياط    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تقصف مبنى سكنيًا غرب مدينة غزة    خبير يحذر من مغامرة إثيوبية تشكل خطورة على سد النهضة (التفاصيل)    احذر.. انتحال صفة شخص من ذوي الإعاقة يُعرضك للحبس والغرامة.. وفقًا للقانون    مستشار وزير التموين: توقعات بوصول أوقية الذهب ل 4500 دولار    التأمين ضد أخطار الحرائق.. تعويض للأضرار وحماية للأصول    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    بدء إصلاح سنترال رمسيس جزئيًا.. وشكاوى من استمرار انقطاع الخدمة    مياه أسيوط: الانتهاء من إصلاح تسريب خط المياه الرئيسي وضخ المياه تدريجيًا    محافظ القليوبية يتفقد أعمال رصف شارع مجدي زيدان ببنها    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. الكليات والمعاهد المتاحة لدبلوم صنايع (قائمة كاملة)    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    توقعات الأبراج وحظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025.. «الجوزاء» أمام فرصة ذهبية في العمل    أحمد وفيق: عملت في الإضاءة والديكور وتمصير النصوص المسرحية قبل احترافي الإخراج    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    الزمالك يحسم التعاقد مع نجم زد.. كريم حسن شحاتة يكشف    بيراميدز يستفسر عن ثنائي الزمالك.. ويرفض التفريط في نجمه للأبيض (تفاصيل)    عمال الجيزة: مشاركتنا في انتخابات الشيوخ ستعكس وعيًا ديمقراطيًا ومسؤولية وطنية    محمد حمدي: الظروف لم تساعدني في الزمالك.. وكنت أرحب باللعب للأهلي    المنقلبون على أعقابهم!    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    الهلال السعودي يتحرك لضم نجم ليفربول.. وميلان يزاحمه على الصفقة    أحمد وفيق يكشف كواليس جديدة عن تعاونه مع سامح عبدالعزيز ب«صرخة نملة»    «واشنطن» تُصعّد لهجة الانتقادات ضد «موسكو».. وتستعد لتزويد «كييف» بأسلحة هجومية    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    كيفية تطهر ووضوء مريض القسطرة؟.. عضو مركز الأزهرتجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



24 ساعة فى قلب دير المحرق

◄◄هنا أرض طيبة فيها ذكريات تركها المسيح ورهبان «عاشوا وماتوا» فى الصحراء
◄◄رهبان الدير يقودون آلاف العمال من المسلمين والمسيحيين فى الزراعة ومصانع الألبان واللحوم والموبيليا
◄◄كنيسة السيدة العذراء تقع فى قلب العالم والبابا أمر الأقباط بأن يحجوا إليها ولقبها ب«أورشليم الثانية»
هنا دير المحرق.. أرض طيبة باركها المسيح وعائلته المقدسة.. هنا دير المحرق.. قدس المصريين ومهوى أفئدة الأقباط والمسلمين.. هنا عبادات ومناسك وعمل لا ينقطع ليل نهار.. وهنا تشم عبق الشهداء والقديسين، وتسمع قصص الأخيار والصالحين.
.. الدير الذى يقع على بعد 48 كم من مدينة أسيوط يفتح ذراعيه لاستقبال زوار من كل حدب وصوب، ولكن ما الذى يدفع هؤلاء لقطع آلاف الكيلومترات من أجل زيارة «دير المحرق» تحديداً، رغم وجود عشرات الأديرة بمختلف المحافظات، وهى أديرة باركتها العذراء وابنها المسيح عندما جاءوا إلى مصر.
فى أسيوط، أخذت سيارة أخرى للدير أبحرت بنا شمالاً، وقبل أن نصل رأيت يافطة كتب عليها «دير المحرق» فظننت أننى وصلت، لكن السيارة أكملت السير وعلى يسارها سور عملاق يشبه أسوار المدن القديمة، وعلى يمينها أرض زراعية شاسعة المساحة، علمت أنها من أملاك الدير.
توقفت السيارة، وعبرت بوابة أخرى عملاقة، سألنا الضابط على بابها «أى أوامر؟» فأجبته «إحنا صحفيين، وجايين نعمل موضوع عن الدير»، فأرشدنا إلى مكتبة الدير، حيث الراهب «باخوميوس» وكيل الدير والمسؤول عن الأمن فيه، خفت وقتها أن يرفض الرجل، وأن أعود إلى القاهرة خائبة، لكنه أخجلنى بكرمه وقال: «نورتونا وشرفتونا وكل طلباتكم مجابة، وأنا هلف معاكم أشرح لكم الأماكن الأثرية وأعرفكم تاريخ الدير».
بصحبة أبونا «باخوميوس» بدأت جولتنا، وأمام أحد المبانى الرمادية الفخمة توقفنا، وأخبرنا الراهب أن هذا المبنى هو مضيفة «سيدنا» أو أسقف الدير، وطلب منى ألا أدخل، فسألته «ألسنا من ضيوف الدير؟» فأجاب: «سيدنا راهب ومينفعش بنات تدخل المضيفة، ممكن تشوفيها من بره».. وقفت أمام باب المضيفة ودخل الراهب وأشار إلى صورة «الأنبا باخوميوس» الزيتية المعلقة على الحائط، وقال «انظرى إلى الصورة من أى اتجاه فستجدينها تنظر إليك» فنظرت.. وأكمل حديثه: «ليس فقط العينين بل الصليب والإنجيل أيضاً».. واستطرد: «الصورة رسمها الفنان حسين زكى أستاذ الرسم بالمدرسة الخديوية، وأهداها للدير عام 1928 أما أثاث المضيفة وستائرها فقد أهداها التاجر اليهودى سمعان صيدناوى للدير عام 1924».
فى قلب الدير لفت انتباهنا رهبان يجيئون ويروحون، كل إلى عمله، حسب سيناريو وُضع مسبقاً.. خلية نحل تعمل دون توجيهات.. عمل يبدأ من الرابعة صباحاً ولا ينتهى إلا بغروب الشمس.
الراهب «عزرا» يقود الجرار الزراعى ليحرث أرض الدير، والراهب «يسطس» مسؤول عن الكهرباء إلا أن ذلك لم يمنعه من قيادة سيارة «ربع نقل» ينقل فيها محصول البصل من الأرض إلى المخازن، ليتسلمها منه الراهب «قزمان» المشرف على مخازن الغلال.. إحدى بوابات المخازن كتب عليها «قمح مبروك».. وتقع المخازن بجوار مزرعة المواشى التى يشرف عليها أخوه الراهب «دميان»، وإلى اليسار من المزرعة تستقبل السلخانة «نذور» الدير، على أن يتبرع صاحب النذر بنصف الذبيحة إلى الدير.
إلى جانب الرهبان فهناك آلاف الأجراء، مسلمين وأقباطا، يعملون فى الأرض الزراعية والسلخانة ومخازن الغلال.. وثمة نجارون يعملون بمصنع الموبيليات الذى يمتلكه الدير.. آخرون يعملون بمصانع الدير التى تنتج الألبان واللحوم والدواجن.. الراهب باخوميوس يقول: «الدير فاتح بيوت ناس كتير جداً»، ويؤكد على كلامه محمد حسن، أحد أنفار الأرض الزراعية التابعة للدير، مضيفاً: «بشتغل هنا من 7 سنين والناس معاملتهم كويسة ومرتباتهم حلوة، وبيقفوا معانا لو حصلت لنا أى ظروف».
حدائق موالح المحرق يشتريها سنوياً تاجر يدعى جودة عبدالتواب، ذهبنا إليه واستقبلنا فى مزرعته قائلاً: «كل سنة الدير بيعمل مزاد على الجناين، وإحنا بنشترى، المحصول فيه بركة، والمانجة بتاعة الدير متلاقيش زيها فى أى حتة».. الراهب «باخوميوس» يوافقه الرأى ويقول «إحنا بنديله المحصول لأنه ملتزم فى السداد». تركنا الأرض متجهين إلى كنيسة العذراء الأثرية بالدير، وفى الطريق إليها شاهدت بوابة ضخمة تسمى «بوابة البطريك»، أخبرنا الراهب أنها البوابة التى تفتح للملوك والرؤساء من زوار الدير، وقد عبرت منها «الأميرة فوزية» أخت الملك فاروق.
بعد البوابة بمسافة قصيرة شاهدنا بناءً آخر ضخماً يسمى «الحصن الأثرى القديم»، بنى فى القرن الرابع ليحمى الرهبان من غارات البربر الوحشية، وهو حصن خادع يرى من بداخله الواقف بالخارج، أما من خارجه فلا يمكنه أن يرى من بالداخل.
أمام الحصن كنيسة السيدة العذراء الأثرية، وهى أول كنيسة تبنى فى أرض مصر.. الكنيسة تقع فى قلب الدير تماماً، كما يشير الراهب باخوميوس، بل يؤكد أنها تقع فى قلب العالم أيضاً، ويضيف: بعد احتلال أورشليم منعنا البابا شنودة من زيارتها وأمر أن «يقدس»، أى يحج الأقباط إلى تلك الكنيسة التى تلقب ب«قدس المصريين» أو «أورشليم الثانية».
فى الدير أيضاً كنيسة السيدة العذراء الجديدة، الشهيرة بمارجرجس، والتى بنيت عام 1880، وعلى أحد حوائطها تلمح صورة للعذراء والسيد المسيح كتب عليها «والدة الإله» وأسفل الصورة كتب «أهدتها للكنيسة الحاجة صبيحة من ناحية طنطا»، كانت الحاجة صبيحة قد أتت للدير طالبة البركة فشفيت من مرض أصابها، وفق ما قاله الراهب «باخوميوس»..
دعانا الراهب «باخوميوس» إلى مضيفته، وهناك حكى لنا بأسى عن أشهر أزمات الدير، وهى قضية الراهب المشلوح، وقال: «هناك العديد من المزورين الذين يدعون الانتساب إلى الكنيسة دون دليل، وذلك لأننا نعانى من عدم تسجيل ملابس الكهنوت السوداء، فالراهب المشلوح، الذى أثيرت قضيته، احتفظ بملابس الكهنوت بعد أن فصل من الدير، ولم يخبر أحداً عن ذلك»، وأضاف: «الأسبوع الماضى شكت لى سيدة من زوجها الذى يطلق على نفسه «أبونا عبدالمسيح»، ويرتدى ملابس القساوسة، ويجمع تبرعات من الناس ويأخذها لنفسه».
خرجنا من المضيفة وطلبت من الراهب أن أزور مساكن الرهبان فى الجبل، والتى يطلق عليها «قلايات» فرفض وقال: «ممنوع البنات تدخل مساكن الرهبان، ولكن ممكن زميلك المصور يدخل لأنه راجل».
شكرت الرجل وواصلنا السير، فصادفنا غرفة صغيرة كتب عليها «حجرة النذور» يجلس فيها الراهب «بولا» المسؤول عن النذور التى تأتى إلى الدير، وقال لنا: «المسلمين بيتبرعوا قبل المسيحيين، ستنا العذراء دى لكل الأديان»، وقبل أن نخرج منحنا الراهب صوراً للعذراء وبخوراً وزيتاً من نفحات الدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.