دموعها تنزل ساخنة ترفع نقابها ليكشف عن وجه غارق فى جمال ربّانى هادئ تنتابنى هستيريا صمت وتجمد، مُحملقا فى تقاسيم وجهها لا أصدق ملامحها.. لا أصدق روايتها لا أصدق شفتيها التى انهالت بهما على مسامعى ضربا بتفاصيل مروعة كيف تغيرت حياتها منذ عرفته تحولت من سحر فاتنة المعادى لا يقاومها الرجال فى طلتها.. فى مشيتها.. حتى فى صخبها هى فاتنة إلى الشيخة سحر تدعو النساء للنقاب.. تدعو الشباب للالتزام تزوج غير القادرين بمبالغ زهيدة.. فالزهد من شيم الملتزمين لا أحد يستطيع مقاومة معسول كلماتها الطيبة يرتشفها الإخوة والأخوات رحيقا مختوما. كانت نبتة فى محرابه وأصبحت وتدا راسخا فى أرض الدعوة الصلبة حتى صدقت أنها جزء من واقع خال من كل شر. الشيخ نبيل مدرسها ومعلمها تبدو بين يديه تائهة صغيرة.. تافهة علمه يفيض عليها ويزيد. لا ينطلق صوته إلا بأوامر لكل شبابه الذين يعيشون فى كنف رعايته كان سببا فى زواجهم وفر لهم المسكن الآمن والعمل الشريف فتكاثروا باطمئنان على ذويهم. حلمت الشيخة سحر أن تكون امرأته حتى ولو كانت الرابعة!! فابتسم لها ذات مرة الشيخ نبيل وقرر أن يتزوجها فطار قلبها فرحا بخبر الزواج.. لم تنتظر موافقة أهلها فهم لا يرون فى نبيل إلا رجلا قد سيطر على ابنتهم الوحيدة سلب إرادتها وجعلها تتخلى عن حلمها فى أن تصبح مهندسة ديكور كما تمنت ذات يوم.. سلمته قلبها وحياتها فتزوجها ليس حبا وعشقا فى جمالها كما ظنت لكن طمعا فى تنفيذ بقية الخطة.. حاول أن يرسى قاعدة التكافل ليس فقط على المستوى المادى ولكن أيضا فى كل شىء.. فلما لا يعطى القادر على الإنجاب ما يزيد عليه من أبناء لآخرين ليس لديهم القدرة على الإنجاب! وسوف يجازيه الله عظيم الجزاء خطة جهنمية تفتق ذهن نبيل الشيطانى عنها أفضى بها إلى زوجته وشريكته فى الدعوة سحر.. حاصرها أقنعها بأن فى هذا التصرف خير للإسلام والمسلمين.. صدقته بكامل كيانها زرعت فى نفوس الأخوات محبة الزهد حتى فى أبنائهن.. عرف نبيل أن الرجل سر ضعفه المرأة فبها تعلو روحه لعنان السماء وبها ينحدر مزاجه إلى طبقات الأرض السبع.. خمس من الرضع أخذهم من أمهاتهم وهم لم يبلغوا الأربعين سلمتهم سحر إلى الشيخ نبيل.. فى المساء يحضر خمسة من الرجال يحملون حقائب سوداء تخفى أوراقا نقدية، كل واحد من الرجال الخمسة يحمل رضيعا بين يديه تلمح سحر فى يد أحدهم صليبا مدقوقا، تصفر دماؤها فتسأل الشيخ نبيل عما رأته.. لكنه لم يجب عن تساؤلاتها هل هذا الرجل مسيحى.. من أين عرفت هؤلاء الرجال؟ هل هذه الحقائب التى أخفيتها بها نقود؟ ماذا ستفعل إذا أرادت الأمهات أن يرين أطفالهن؟ نظر إليها نظرات مبهمة كأنه يراها من كوكب آخر غير الأرض.. دخل إلى حجرته لينام.. لكنها أبدا لن تنام قبل أن تفك لغز نبيل والرجال الخمسة تجرأت ودخلت حجرته الخاصة قلّبت فى أوراقه، حاولت فتح الحقائب لكنها فشلت.. سقطت فى أرضية الحجرة مذهولة فالأوراق تثبت التزوير فى شهادات الميلاد للأطفال الخمسة لآباء وأمهات ليسوا من الإخوة الذين تعرفهم سحر، فالجنسيات كلها جنسيات عربية.. وماجعلها تصرخ بملء فمها حتى كادت توقظ الشيخ نبيل، عندما قرأت اسم أب فى إحدى شهادات الميلاد: جرجس غطاس لأول مرة فى حياتها تتعدى على حاجاته الخاصة تعترض وتصرخ وتتهمه غير مصدقة فلا يبالى تتشبث بتلابيب كلماته القليلة تحاصره لكنه لا يجيب إلا بأنه فعل ذلك بموافقتها وموافقة الآباء والأمهات ولديه أوراق تثبت تنازلهم عن رعاية أبنائهم وإذا حاولت الاعتراض فهى متورطة معه حتى الثمالة يتركها ويرحل لا يعرف أنها قررت الانتفاض والبوح بكل الأسرار.