لم يكن الطرح الذى طرحته الدكتورة سعاد صالح بخصوص موضوع الولاية العظمى فى برنامج مانشيت الذى يقدمه الإعلامى جابر القرموطى، والذى استضاف فيه د. سعاد صالح، والتى أعلنت فيه أن الولاية الكبرى لا تجوز لغير المسلم، لم يكن هذا هو الطرح الأول فبين الحين والآخر يتم طرح الموضوع بين السياسيين والمثقفين وكل يتكلم حسب رأيه وفكره بغض النظر عن رأى الشرع. ولم يشتد الكلام فى هذه المسألة إلا بعد أن تم طرح برنامج الحزب المزمع إنشاؤه من قبل جماعة الإخوان المسلمين، والذى تبنوا فيه رفض أن يتولى الأقباط أو النساء رئاسة الدولة. ولن أخوض فى الحديث كثيراً، ولكن المفاهيم المغلوطة هى التى دفعتنى إلى الكتابة فى هذا الموضوع، وهى نقطة هامة لابد من توضيحها، ألا وهى قياس رئاسة الدولة على الولاية العظمى. هذا القياس الفاسد الذى قام به كل من رفض تولى الأقباط رئاسة الدولة بناء على أن رئاسة الدولة لها نفس أحكام الولاية العظمى، فهو قد وقع فى خطأ كبير، لأنه لا يوجد أى وجه شبه بينهما لكى أبدأ فى القياس فكيف لدارس الفقه أن يبدأ بقياس حكمين لا يوجد بينهما أى تشابه أو رابط. إن الولاية العظمى لها شروط وواجبات وأحكام تختلف كلية عن رئاسة الدولة، قد فصلت كتب السياسة الشرعية مثل الأحكام السلطانية للماوردى وأبو يعلى الفراء الشروط الواجبة فى من يتولى الإمامة العظمى، ومنها أن يكون ذكراً، وذلك لأسباب: إقامة صلاة الجمعة والجماعات، الثانى هو قائد الحروب، ثالثها الإشراف على ثغور الدولة، وفى بعض العصور الإسلامية تولى بنفسه محكمة المظالم والتى لا يجوز فيها القضاء إلا للرجال حسب رأى فقهاء المسلمين قاطبة. الإمامة العظمى هى إمامة لكل المسلمين وليس لبلد واحد فقط ولذك اشترط الفقهاء أن يكون للمسلمين رئيساً واحداً ولم يعرف عنهم اختلاف إلا إذا تباعدت الأمصار وفصل بين العالم الإسلامى بحار وجبال يصعب معها التواصل، هذه واحدة أما الثانية فهو إنه حاكما ً مدى الحياة، ولا يجوز أن يكون له مدة محددة بل يجب قتل الآخر كائناً من كان كما جاء فى الحديث، هذه بعض شروط الولاية الكبرى باختصار. أما رئاسة الدولة فلها شروط وضعها الدستور المصرى مفصلة فى أبوابه بكل شروطها وسلطاتها، وما هو متعلق بموضوعنا لم يشترط الديانة ولا الذكورة بل اشتراط المصرية فقط وخاصة فى الأصول القريبة أى من أبوين مصريين، الأمر الأخر هو أنه رئيس للمصريين على اختلاف ديانتهم، ولم يشترط فيه إقامة صلاة الجمع ولا الجماعات فالذكورة ليست شرطاً والديانة الإسلامية ليست شرطاً، وعلى هذا فتمتع أى فرد بالجنسية المصرية يمنحه حق الترشح لرئاسة الدولة أيا كانت ديانته. ومن يقول بغلبة الدين الإسلامى فى مصر فلذلك يجب أن يكون الرئيس مسلم فهو من باب العرف كما يحدث فى أوربا من رفضهم تولى مسلم رئاسة الدولة، ولكن العرف لا يمنع حكماً أقره الدستور. باحث فى شئون الإسلام السياسى