جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تستقبل العام الدراسي الجديد بمنظومة تعليمية متطورة ونخبة من الكفاءات الأكاديمية    جامعة أسيوط تستمر في استقبال الطلاب بالمدينة الجامعية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    مصر للطيران تؤكد انتظام الرحلات رغم الهجوم السيبراني على مطارات بأوروبا    وزير العمل: مستعدون لتوفير عمالة ماهرة ومدربة لسوق العمل المهني على أعلى مستوى    وزير الري يتفقد الموقف التنفيذي ل"مشروع تنمية جنوب الوادي" في أسوان    السيسي وماكرون يؤكدان أهمية مؤتمر «حل الدولتين» كخطوة محورية للاعتراف بفلسطين    اليابان تقرر تأجيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مؤتمر "حل الدولتين" بنيويورك    50 دولة متاحة ب«الباسبور المصرى» دون تأشيرة    التشكيل الرسمي لقمة مان يونايتد ضد تشيلسي في الدوري الإنجليزي    أسباب توقف المفاوضات مجددا بين الأهلي وأورس فيشر السويسري    بصاروخي مبابي وميليتاو.. ريال مدريد يسحق إسبانيول في الدوري الإسباني    بالمر وبيدرو يقودان تشكيل تشيلسي ضد مانشستر يونايتد بالدوري الإنجليزي    برايتون يفرض التعادل على توتنهام بمواجهة مثيرة في البريميرليج    بحضور وزير الرياضة.. ختام استثنائي لبطولة CIB المفتوحة للإسكواش الماسية بفوز مصطفى عسل وهانيا الحمامي    السكك الحديدية تُسيّر الرحلة الثامنة عشر لقطارات العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    مصرع ربة منزل سقطت من علو أثناء نشر الغسيل بالقليوبية    نورا عبدالرحمن تكشف كواليس مشاركتها في مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو"    محمد لطفي يطمئن جمهوره: "أنا زي الفل وما نشر عن حالتي الصحية كذب    رحيل الفنان التشكيلى مجدي قناوي عن عمر 82 عامًا .. وفاروق حسني ينعيه    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    الإفتاء تعلن أول أيام شهر ربيع الآخر لعام 1447 هجريا غدا بعد صلاة المغرب    يحمي من تصلب الشرايين ويعزز صحة العظام، 6 فوائد أساسية للكرفس    طريقة عمل القراقيش سادة ومحشية بطعم أيام زمان    فستان جريء.. كيف نسقت نيكول سابا إطلالتها في أحدث ظهور؟    رئيس الجالية المصرية بجدة: زيارة وزير الخارجية إلى المملكة تعكس متانة العلاقات التاريخية    مواقيت الصلاة في المنيا اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا تعرف عليها..    الأقصر تستعد لتنفيذ تجربة «صقر 162» لمجابهة الأزمات والكوارث    المخرج أكرم فريد يقدم ورشة مجانية للمواهب الشابة ضمن مهرجان بورسعيد السينمائي    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    إزالة 11 حالة تعد على الأراضى الزراعية ب5 قرى بمركز سوهاج    ترامب: نجري محادثات لاستعادة قاعدة بغرام بأفغانستان.. وإعادة تأسيس وجود عسكري أمريكي صغير هناك    حملات موسعة لإزالة الإشغالات واستعادة المظهر الحضاري بشوارع الزقازيق    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام البكالوريا.. ويؤكد: أولادنا ليسوا فئران تجارب    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    تحذيرات من النظر.. كسوف جزئي للشمس غدا الأحد (تفاصيل)    الولايات المتحدة تلغي «الحماية المؤقتة» للسوريين    القسام تنشر صورة "وداعية" للأسرى الإسرائيليين    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    بالصور.. السفير بسام راضي يفتتح الموسم الثقافي والفني الجديد للأكاديمية المصرية بروما    لتحسين البنية التحتية.. محافظ القليوبية يتابع الانتهاء من أعمال رصف الطرق بمدن المحافظة    بهدية صلاح.. ليفربول يتقدم على إيفرتون في الديربي    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    إحالة رمضان صبحي للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير داخل إحدى لجان الامتحانات    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    وزير الصحة: توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الطبية    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    وزير الصحة يبحث مع مسئولي هواوي التعاون في التكنولوجيا الطبية    اتفاقية تعاون بين التخطيط القومي وتنمية المشروعات لدعم استراتيجيته وتطوير برامجه    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    نظر تجديد حبس البلوجر علياء قمرون| بعد قليل    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور ..تحويل الآثار الإسلامية إلى أوكار لتعاطى المخدرات
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 06 - 2010

◄◄ بقايا حقن ماكس وعلب بيرة وزجاجات أدوية مخدرة فى «المسافر خانة».. والكلاب تسكن فى الغرفة التى ولد فيها الخديو إسماعيل
فى شارع المعز، ترى التاريخ يتحدث عن نفسه، وترى الحاضر أيضا يضع بصمته، لكن شتان ما بين الصورتين، صورة الآثار العظيمة التى شيدها جدودنا، وصورة بصمتنا القميئة التى لا تخطئها عين، إذا دخلت الشارع العريق الذى كان فى الماضى البعيد حضنا وقلعة من الجمال والفخامة، لا تنبهر بالمبانى المزرية، ولا عمليات الترميم المستمرة، التى تعلن عنها وزارة الثقافة، ولا يغرك أيضا حالة الهوس الأمنى التى يفرضها العساكر وأمناء الشرطة والبوابات الحديدية والاستجوابات المتكررة للداخلين والخارجين، لا يغرك كل هذا، فعلى بعد خطوات من الشارع الرئيسى تكمن المهزلة.
انحرف من شارع المعز لدين الله الفاطمى يسارا لتدخل شارع الجمالية، أو ادخل إلى شارع الجمالية من بدايته عند باب النصر، حتى تصل لدرب المسمط، ثم درب الطبلاوى، وبين هذين الشارعين الضيقين يقع قصر المسافر خانة، الذى كان قديما مثالا حيا للفخامة والجمال، فأصبح الآن كارثة.
هذا الأثر الذى كان «نادرا» فى جماله وروعته أصبح الآن «نادرا» أيضا، لكن فى حالته المزرية، ويعود هذا الأثر التاريخى الإسلامى النادر إلى أكثر من خمسمائة عام، وبالتحديد إلى عام 1779 الذى بدأ البناء فيه، واستغرق ما يقرب من عشر سنوات للانتهاء منه فى سنة 1789م، وكان يحتوى على أكبر مشربية من الطراز الإسلامى على مستوى العالم،، وتحول قبل احتراقه فى 22 أكتوبر من عام 1998 إلى مزار سياحى ومرسم للعديد من الفنانين، قبل أن يتم تحوله التحول الأخير المرير.
عم سعد حسن أحد سكان المنطقة القدامى: يتذكر أيام مجد «المسافر خانة» قبل حريقها الشهير، وقت أن كانت محط اهتمام الفنانين الذين كانوا يتهافتون على تصوير الأفلام والأغانى بها، ويتذكر حينما كانت مرسما للفنانين المشهورين وكانت المنطقة كلها تنعم بالهدوء والسلم والجمال، أما الآن فيقول عم سعد: كل حاجة وحشة بتتم جوه، تعالى الساعة 2 بالليل تلاقى هنا مهزلة بيرتكبها «الشباب المنيل» كل يوم، ويفسر عم سعد هذه المهزلة فيقول، يأتى بعض الشباب الصيع فى مجموعات صغيرة، ويدخلون إلى المكان ليشربوا المخدرات والخمور، والله أعلم إيه تانى بيحصل جوه، لكن لا أحد من أهالى المنطقة يجرؤ على الدخول إلى هذا المكان، خوفا مما يحدث بداخله، الخوف من الممارسات الإجرامية التى تتم بداخل المسافر خانة تسيطر على أهالى درب الطبلاوى، لكن على حد قول عم «سعد» هنعمل إيه يعنى؟.. هنقوم نخرجهم؟ دول عيال صايعة ومحدش قادر عليهم، ولا حتى الحكومة.
فى الداخل تأكدنا من أن لفظ «خرابة» الذى قاله عم سعد لم يكن الأنسب فى الوصف، فكل ما يمكن أن تتخيله من قاذورات موجود هنا وبكثافة، والباب الذى قال عنه الأديب الكبير جمال الغيطانى إنه كان مثل البسملة التى تسبق قراءة القرآن أصبح منبعا للروائح العفنة وأكوام القمامة، وبالداخل ما هو أقذر.
فناء متسع لا يلفت النظر فيه سوى علبة «بيرة» مازالت تحتفظ بداخلها ببعض القطرات، ما يدل على أن شاربيها كانوا هنا حتى وقت قريب، ربما يكون بالأمس، الأرضيات الرخامية منزوعة بالكامل، ولا يوجد إلا عتبة صغيرة من الرخام الأبيض والأسود، فى يمين الداخل نخلة ملقاة على الأرض، كدليل على جمال القصر فى السابق، فأحيانا يتمسك المكان بجماله حتى النهاية، زجاجة دواء تحمل اسم «أوسيكيت» ملقاة على الأرض، بعدها بقليل شريط برشام فارغ، إلا أن غطاءه الفضى مازال محتفظا بكامل أجزائه، ما يدل على أن متعاطيه تناول ما به من أقراص دفعة واحدة، وفى الأعلى ترسان ضخمان من الخشب كانا يستخدمان فى الطحين، ثم شريط برشام آخر كامل غير منقوص، يبدو أنه وقع من أحدهم قبل الاستخدام، وجدناه فى الطريق إلى الأعلى ويحمل اسم كلونازيبام، بجواره زجاجة بيرة مازالت محتفظة بالورقة الملتصقة بها نظيفة، وزجاجة دواء تحمل اسم «برونكوفين» حاولنا أن نصعد إلى الغرف العلوية حيث ولد الخديو إسماعيل، فسمعنا نباح كلاب يدل الصوت على أنها بالأعلى، محاولة الصعود إلى الطابق الأعلى باءت بالفشل، فبصرف النظر عن تهالك الجدران والسلالم، وبصرف النظر عن الثلاثة كلاب التى هرولت إلى الأسفل مسرعة وبصرف النظر أيضا عن الروائح الكريهة المنتشرة فى المكان، كانت فى الأعلى «كلبة» ترعى أطفالها حديثى الولادة، تقريبا فى ذات المكان الذى شهد ميلاد الخديو إسماعيل البانى الحقيقى لمصر الحديثة، وفى الأسفل كانت المفاجأة، إذ وجدنا مرتبة معدة للنوم وبجوارها علبة سجائر كليوباترا، وقليل من بقايا الفحم والرماد.
المشى فى الأسفل وإن كان أقل رعبا من الأعلى إلا أنه أكثر قذارة وامتلاء بزجاجات الدواء الفارغ، كما توجد «كنبة فوتيه» قديمة وأمامها أيضا آثار فحم محترق، لكن أشد المشاهد المحزنة والمؤلمة والقذرة هو حالة الساحة الرئيسية للمكان الذى كانت به النافورة الجميلة، فحل محلها جثة كلب نافق وتاج العمود الذى كان يحمل أجمل مشربيات العالم الإسلامى، منكسرا على الأرض يحمل الكثير من الجمال برغم ما به من ترد.
المكان بالكامل متهالك والأعمدة الرخامية المزخرفة مكسورة ومهدمة، والكتابات الأثرية منزوعة، وعشرات من زجاجات الدواء تحمل اسما لاثنين لا ثالث لهما هما «برونكوفين وأوسيكيب» والعديد من علب البيرة، وزجاجات الخمر وأشرطة البرشام، وأكوم زبالة فى كل مكان، وبين حين وآخر كنا نجد بعض السرنجات المستعملة، أما مدخل المسافر خانة من ناحية درب المسمط فتآكلت أجزاؤه العلوية، وتهدمت زخارفه التى كانت مثالا للجمال والأبهة، وتم إغلاقه بالطوب الأحمر ليزيد من قبح المكان وتشويهه.
برغم إجماع أهالى المنطقة على أن المسافر خانة أصبحت وكرا، إلا أن الحاج على سعد أحد أصحاب ورش النحاس قال: مش وكر وكر يعنى، لكن هناك بعض الشباب العاطلين يشربون البانجو على الناصية ناحية باب المسافر خانة ولا أعلم إن كانوا يدخلون إلى المكان أم لا، لكنى شاهدتهم مرارا واقفين هنالك عند الناصية.
أخذنا نماذج مما وجدناه داخل المسافر خانة من شرائط البرشام وزجاجات الدواء والسرنجات المستعملة وعرضناها على الدكتور محمود عبدالله أستاذ التخدير بجامعة عين شمس، لنعرف إن كانت تحتوى على مواد مخدرة أم لا فقال إن دواء «برونكوفين» فى الأساس لعلاج الكحة والشعب الهوائية، وكذلك أوسيبكت الذى يعتبر مهدئا للسعال وموسعا للشعب الهوائية، ويتعاطاها البعض بجرعات كبيرة حتى يحدث التأثير المخدر الذى يرغبون فيه. وعن أقراص ال«كلونازيبام» قال إنها تستعمل لعلاج حالات الصرع وبها نسبة مهدئ عالية،، ويؤدى فى النهاية إلى التخدير، أما عقار أسمولين، فهو موسع للشعب الهوائية، لكن بعض متعاطى المخدرات يقبلون عليه.
إذن فقد أثبتت شهادة الدكتور محمود عبدالله أن جميع الأدوية الموجودة فى المسافر خانة تستعمل للتخدير، فإذا أضفنا إلى شهادته هذه الكثافة من وجود الزجاجات الفارغة تأكد لدينا ما ذكره الأهالى من أن المكان فعلا أصبح وكرا لتعاطى المخدرات، والكحوليات، وحقن الماكس، ما يدل على أن هذه المنطقة التى ليس لها مثيل فى العالم تشهد انفلاتا أمنيا كبيرا، وأن جهود وزارة الثقافة فى تجميل صورة الآثار يشوبها الكثير من عدم الدقة، وأدق وصف لما يحدث أنه «جريمة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.