مشهد كلما أتذكره أو يمر أمام عينى ينتابنى حزن عميق بما وصل بنا الحال إلى أننا لا نستطيع أن نفرق بين الأفضل والأسوأ فى زمننا هذا، ومنذ أن أعلن الكثير من المرشحين خوض المعارك الانتخابية، للحصول على عضوية البرلمان المصرى، ونحن نعلم أننا سيكون لنا أعضاء بهذا المجلس على قدر المسئولية بعد معاناتنا التى مرت بنا فى الانتخابات السابقة، والتى جاءت بأناس لا يفقهون شيئًا بالعمل السياسى، وكادوا بأفعالهم أن يتحول المجلس إلى مقهى كبير، يتناول فيه ما لا يليق به وبمكانته، حتى استطاع هذا الشعب أن يحدد مصيره من جديد بثورة 30 يونيو، وبمجرد الدخول فى الأوقات المحددة للانتخابات كانت الفاجعة وهى ظهور المال السياسى .. نعم لقد ظهر مرة أخرى رجال المال السياسى بعد عهد مضى وكأننا لم نقوم بتطهير الوطن من هؤلاء، ولكن ماذا نحن فاعلون ونحن بأنفسنا من يأتى بهم تحت قبة البرلمان .. إذا فنحن المذنبون. فى دائرة شاهدت بنفسى فيها ما لا أستطيع ذكره من هول ما يحدث على مرأى ومَسْمَع من الجميع، عندما تجد نائبا سابقا يتميز بسخاء يديه كرشوة لشراء الأصوات، وهنا وعندما تقف العدالة ثم تنحى به جانبًا بعيدا عن سباق الانتخابات، يخرج علينا بابنه الذى لا نعرف عنه شيئًا، نعم شاب فى مقتبل العمر، ولكن من هو؟ وماذا فعل؟ غير أنه ابن هذا المرشح السخى، وتم تبديل جميع الإعلانات الخاصة بوالده، ووضع صورته هو، واستطاع هذا المرشح خوض الانتخابات أمام فرسان من المرشحين منهم من خدم دائرته بكل جهد وإخلاص ويعلمه الجميع، ولكن استطاع هذا المرشح اكتساح الأصوات بالمال السياسى، أنا لا أتهمه هو بفساد الحالة الانتخابية فقط، ولكن أتهم هذه الفئة التى رضيت أن تنكسر عزتها وكبريائها وتمد أيديها له .. لهذه الدرجة نحن أصبحنا كذلك، نعلم علم اليقين أن هذا المال ما هو إلا حماية لهذه السلطة، عندما تجد المال يشترى السلطة، فتأكد أن هذا المال يحتاج للسلطه لا لشىء إلا لحمايته فلا للوطن ينفع ولا لهذا الشعب ينصف. فقد قال جورج أورويل (الشعب الذى ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين والخونة، لا يعتبر ضحية، بل شريكا فى الجريمة هذه النوعية من الشعب هم (الجانى والمجنى عليهم)، فكيف تنتظر من هؤلاء تحت قبة البرلمان سوى حماية أنفسهم فقط فى وقت يحتاج الوطن فيه لكل غال ونفيس، من أجل الخروج به من هذه الكبوات التى تصيبه من آن لآخر . أيها الشعب العظيم تعلم جيدا من يصلح لخدمة وطنك ولخدمة شعبك، فكن أنت الذى تحدده وتختاره بعيدا عن التأثيرات الدينية الفاشية، وأيضا بعيدا عن المال السياسى الذى يحتاج إلى سلطة لحمايته، أنت فقط من تختار لوطن الأفضل للعمل على رسم مستقبل للأجيال القادمة، نحن نحتاج ذلك لنستكمل ما بدأناه، لنرسم من جديد المستقبل .. كن حذرًا فالوطن يحتاجك ويحتاج اختيارك الصحيح.