رغم أن هناك العديد من المنتخبات المرشحة لرفع الكأس فى جنوب أفريقيا، لتميزها وقوتها وتاريخها، إلا أن المتابع لتاريخ بطولات المونديال قد يفكر فى إمكانية تدخل عوامل مثل الحظ والظروف المناخية، وربما العادة التى ساقت منتخبات أمريكا الجنوبية نحو منصة التتويج فى جميع البطولات التى أقيمت خارج القارة الأوروبية حتى الآن. اعتادت قارة أمريكا الجنوبية على رفع كأس العالم فى كل البطولات التى أقيمت خارج حدود القارة الأوروبية، التى تتعادل معها فى تسعة ألقاب لكل منهما، وهو الأمر الذى يدفع اللاتينيين إلى التفاؤل مع إقامة أول مونديال على أرض القارة السمراء هذا الصيف، حيث يترقبون الكأس العاشرة. وعلى مدار 18 بطولة لكأس العالم، أقيمت النهائيات ست مرات فى دول أمريكا اللاتينية، واستأثرت المكسيك باستضافة نسختى 1970 و1986 فى حين توزعت النسخ الباقية على كل من أوروجواى وتشيلى والبرازيل، وهى مناسبات لم يخرج فى أى منها الكأس إلى أية دولة لا تنتمى إلى هذه المنطقة. وبجانب ذلك، أقيمت دورتان أيضا خارج أمريكا اللاتينية وأوروبا، الأولى عام 1994 بالولاياتالمتحدة والأخرى فى كوريا الجنوبية واليابان عام 2002 وكانت الغلبة فى كلاهما للمنتخب البرازيلى الذى يبدو، بهذه الطريقة، مرشحا أول للتتويج فى جنوب أفريقيا. وبجانب تلك الكؤوس الثمانية، انتزعت البرازيل بقيادة بيليه، الشاب وقتها، لقبا فى أوروبا وبالتحديد فى السويد خلال نهائيات 1958 وهو الأمر الذى عجزت عنه منتخبات القارة العجوز، التى لم ينجح أى منها فى انتزاع كأس يقام فى قارة أخرى فضلا عن أن يكون فى العرين اللاتينى. وحازت البرازيل على نصيب الأسد من تسعة تتويجات لاتينية بعد أن رفعت الكأس فى خمس مناسبات مقابل اثنتين لكل من أوروجواى والأرجنتين التى تبدو بدورها مرشحة بحكم العادة للفوز بالمونديال الأفريقى. ويبدو أن منتخبات أوروبا التى لم تفز بالكأس إلا فى تسع بطولات من أصل عشر أقيمت فى ملاعبها قد دفعت ثمن امتلاكها أشهر وأعرق بطولات للأندية فى صورة عدم تأقلم لاعبيها على أجواء تبدو مختلفة، بعكس اللاعبين اللاتينيين الذين استفادوا كثيرا من الاحتراف الخارجى بعد التجارب المحلية. فاللاعب اللاتينى عادة ما ينشأ ويعتاد اللعب فى ظل ظروف مناخية مغايرة لتلك التى فى أوروبا، فحرارة الطقس فى المكسيك ونقص الأكسجين فى مرتفعات بوليفيا وبيرو يعتبران من التجارب المبكرة التى يخضع لها فى مسيرته قبل الانتقال إلى البرودة فى القارة العجوز لخوض مغامرة احترافية قد تكون فى ملاعب روسيا الثلجية. وأمام هذه التجارب لم يجد نجوم البرازيل مشكلة فى التغلب على الرطوبة القياسية فى مونديال الولاياتالمتحدة أو فى التأقلم سريعا مع فروق التوقيت حين وصل الكأس إلى الشرق الأقصى فى كوريا واليابان. بل إن فريق السامبا لم يبد متأثرا بمرتفعات جنوب أفريقيا وفاز بكأس القارات العام الماضى، وهى نفس البطولة التى فوجئ فيها الإسبان أبطال أوروبا بخروجهم من نصف النهائى على يد الولاياتالمتحدة التى بدأت شيئا فشيئا تنصهر داخل البوتقة اللاتينية فى ظل مشاركاتها فى بطولات كوبا أمريكا واحتكاكها بجارتها المكسيك. وإذا أضيف بالنسبة للمونديال المقبل عناصر غير معتادة للاعبى أوروبا مثل طرق التشجيع الأفريقى التى قد توصف أحيانا بالمزعجة، فضلا عن المناخ غير الآمن فى ظل ارتفاع معدلات الجريمة، فإن اللاتينيين قد لا يجدون فى ذلك استثناء نظرا لاعتيادهم لا على التشجيع الكرنفالى فحسب بل على حوادث اختطاف الأقارب وربما التعرض للطلقات النارية مثلما حدث لنجم باراجواى سالبادور كابانياس. وبجانب كل ذلك، تحظى المهارات اللاتينية دائما بتعاطف من قبل الجماهير الأفريقية والآسيوية، فالبرازيل بلد بيليه وجارينشا ورونالدو تمتلك الآن كاكا، بينما الأرجنتين بلد مارادونا ودى ستيفانو تضم الآن الساحر ميسى، ومثل هذه المواهب الفذة قد تبهر جنوب أفريقيا وتنال دعمها إذا ما قورنت بالفكر الخططى واللعب الجماعى لفرق أوروبا.