يبرهن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى حول إقالة حكومة المهندس إبراهيم محلب، بأن «الحسنة تخص والسيئة تعم»، وأن الفساد لابد من محاربته بكل قوة وحسم، ويعتبر إلقاء القبض على صلاح هلال وزير الزراعة السابق بعد اتهامه بتلقى رشوة مقابل إجراءات تقنين 2500 فدان بمنطقة وادى النطرون، هو بمثابة القشة التى قصمت ظهر حكومة محلب والتى عاشت الأيام القليلة الماضية وسط العديد من الشائعات التى لاحقت وزراء آخرين بتهمة تورطوهم مع وزير الزراعة. لم تقض العمليات الإرهابية أو الانفلات الأمنى أو غلاء الأسعار على حكومة محلب التى قاومت كل هذه الأمور ووقف الشعب يوما إلى جوارها، ولم يتهمها بالتقصير فى العديد من الملفات منذ تشكيلها فى فبراير 2014، إلا أن الشىء الوحيد الذى لم يتحمله المجتمع هو اتهام أحد وزرائه بارتكاب جريمة فساد. أخطاء متعددة وقع فيها وزراء محلب بدرجات متفاوتة دعونا نتحدث عن آخر شهرين من عمر الحكومة وكان أكبرها وقعا هو فضيحة وزير الزراعة التى أحرجت محلب بصورة كبيرة، وأكدت أنه أخطأ فى اختياره لبعض الوزراء، فصلاح هلال هو الوزير الذى قال عنه رئيس الوزراء بأنه «فلاح وعايش فى الأرض بالجلابية»، ورغم محاولات رئيس الحكومة على التأكيد على عدم تورط وزراء آخرين إلا أن قرار إقالتهم قد يحمل فى طياته عكس ذلك. ورغم ذلك دافع محلب عن وزراء حكومته المتهمين قائلا لا صحة لتورط 9 وزراء فى قضية فساد وزارة الزراعة، وأن القضية بها أربعة متهمين هم: وزير الزراعة، ومدير مكتبه، وصحفى، ورجل أعمال». الصورة حتى هذه اللحظة لا ينقصها سوى هجوم صحفى تونسى على محلب فى تونس. واتهامه له بالتورط فى قضية القصور الرئاسية وقت رئاسته شركة المقاولون العرب، وهو ما وضع محلب فى موقف محرج للغاية لم يستطع فيه الإجابة على سؤال الصحفى وفضل الانسحاب». ضعف أداء العديد من الوزراء هو أمر معلوم للجميع، فمنذ أكثر من شهر كانت عناوين ومانشيتات الصحف تتحدث عن احتمالية أن يجرى محلب تعديلا وزاريا قريبا وأنه طلب من عدد من الجهات الرقابية تقارير وتقييمات لأداء كل وزير كمحاولة منه لمحاسبة المقصرين لكن يبدو أن وتيرة الأحداث تصاعدها كانت أقوى منه. لم تغن زيارات محلب الميدانية للعديد من القطاعات، عن تقصير بعض الوزراء، هذا الى جانب زلات لسان بعض الوزراء والتى وضعت الحكومة فى مأزق، كان آخرها تصريحات نسبت لوزير الاستثمار أشرف سالمان عن تخفيض الجنيه وهو التصريح الذى قد أضر بسوق البورصة. الأخطاء المختلفة داخل عدد من الوزارات دفعت كثير من المواطنين إلى المطالبة بإقالة بعض الوزراء ومن بينهم وزير التربية والتعليم السابق الدكتور محب الرافعى، وذلك على خلفية قضية الطالبة مريم ملاك وهى القضية التى أصبحت تعرف ب«طالبة الصفر» لحصولها على صفر فى جميع المواد، واعتبر الكثيرون أن موقف وزير التربية والتعليم معها كان موقفا مخزيا على عكس موقف رئيس الوزراء إبراهيم محلب الذى استقبلها فى مجلس الوزراء ووعدها بأن تحصل على حقها كاملا، و هو ما أدى لخروج العديد من المظاهرات المطالبة بإقالة الوزير. ومن بين القضايا الأخرى التى أعادت إلى أذهاننا سيناريوهات حكومة الحزب الوطنى هى ما أثير حول قرار استثناء أبناء الضباط والقضاة من التوزيع الإقليمى للقبول بالجامعات، نظرًا لطبيعة عمل آبائهم قبل أن يتم تجميده، هذه الأخطاء و غيرها تضع الحكومة المقبلة فى اختبار صعب أمام المجتمع، يحتم عليها وضع شروط أصعب فى اختيارها لمن يمثلها حتى لا تتكرر هذه السيناريوهات مرة أخرى ويخرج أعضاؤها بفضيحة كتلك التى خرجت بها حكومة محلب.