تمر الأمة العربية والعالم الإسلامى فى الآونة الأخيرة بالعديد من التغيرات والتحديات التى تؤكد أن هذه الأمة مستهدفة فى دينها وفى ثرواتها وفى ثقافتها وفى أوطانها وفى أجيالها خاصة فى ظل عمليات التغير الاجتماعى الحادثة والمستمرة فى بناءات وعلاقات المجتمع ووظائفه وخاصة بعد ثورة 25 يناير، والتى تمثل تحديا على قدر كبير من الخطورة من تحديات التنمية، فقد ازداد اهتمام الدولة خاصة فى الوقت الراهن بالجانب الدينى فكثرت النداءات بأهمية تجديد وتطوير الخطاب الدينى نظرا لشدة تأثيره واقتناع الناس به، وإذا كان علماء الدعوة الإسلامية المشتغلين بها يتمتعون بهيبة دينية اجتماعية نظرا للمكانة التى يشغلونها فضلا عن كونهم ذوى تأثير فى المجتمع خاصة فيما يتصل بمجال تخصصهم، فإن هذا التأثير لا يكون على النحو المرغوب مالم يكن فى اعتبارهم فكرة التفاعل الاجتماعى ومعرفة السياق المجتمعى والوقوف على متغيراته، إذ أن التعامل مع الناس فن من أهم الفنون الدعوية التى تميز الدعاة المصلحين نظراً لاختلاف طباع الناس وتباين أمزجتهم واهتماماتهم، وقد كان رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ خير الناس فى علاقاته بالناس، فقد كان طيب النفس، لين العريكة، هاشاً باشاً، مقبلاً على الناس، ساعياً فى حاجاتهم، صبوراً عليهم مهتماً بهمومهم، فرحاً بأفراحهم، يقدم لهم ما يحبون. لذا تعتبر المهارات الاتصالية من أهم المهارات الواجب توافرها فى الداعية حتى يتمكن من التفاعل الإيجابى مع الجمهور، ويتطلب ذلك امتلاك رصيد من المعارف والمهارات التى تساعد القيادات الدعوية على العمل العلمى المنظم، بما يسهم بشكل إيجابى فى تحقيق أهدافها بكفاءة عالية كالمهارة فى تقديم أنفسهم وأفكارهم بأكثر الطرق فعالية، والمهارات والقدرات التى تمكنهم من حسن الإنصات للمتحدثين والتعرف على أساليب فن الإلقاء والعرض والتحدث الفعال، فن التعامل الراقى فى التربية والتعليم والدعوة والتى من خلالها يتمكن الداعية من أن يكون عنصرا جاذبا له القدرة على احتواء الناس وقيادتهم، وبالتالى تحقيق الأمن الفكرى من خلال تأكيد الهوية الإسلامية فى نفوس المتلقين، تعمق منهج الوسطية والاعتدال، بيان الآثار السيئة للفكر المنحرف على أمن الوطن والمواطن.