لم يكن يوما عاديا على وزراء الخارجية العرب ولا على وسائل الإعلام التى تابعت اجتماعهم الأحد فى مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، والذى عُقد لمناقشة الأزمة اللبنانية ثم أضيف إليه أحداث السودان ، كان الإعلام يبحث عن دوره فى التقاط القصة الخبرية وكانت طبيعة الوزراء فى تحركاتهم تعطى الدلالة على عمق الأزمة من عدمها لدى بلادها الذين وفدوا منها على مدى يومى السبت والأحد ، منهم من ابتسم ، ومنهم من تجهم ، وبين الاثنين كان منهم من يصوب إليه الإعلاميون اهتمامهم على اعتبار أنه سيقول ما حدث فى الغرف المغلقة. ورغم المشاحنات فى الجلسة والتى تسرب أنباء عنها، إلا أن الكل انتظر طلة الأمين العام للجامعة عمرو موسى و"قفشاته" التى تخفف كثيرا من حدة التوتر. فى البدء ومنذ التاسعة صباحا اصطفت كاميرات التليفزيون والفضائيات ومصورو الصحف لحجز أماكن متميزة أمام البوابة الرئيسية لمبنى الجامعة العربية لالتقاط أفضل الصور للوزراء والأمين العام . كان الموعد المقرر للجلسة الثانية عشر ظهراً و لم تبدأ إلا فى الواحدة والنصف بعد اكتمال حضور الوزراء. أثار الاجتماع الثلاثى بين وزراء خارجية مصر والسعودية وسلطنة عمان حالة من السخط بين المحطات الفضائية، حيث تم فجأة ودون إخطارها بقصر التحرير " مبنى وزارة الخارجية القديم " مما فوت عليهم سبق متابعته. حضر وزير الخارجية المصرى مبكرا عن السعودى والعمانى رغم حضورهم من اجتماع واحد! السفير السعودى والوفد المرافق لسعود الفيصل وزير الخارجية السعودى ظل واقفا لمدة طويلة فى انتظار الفيصل الذى دخل مسرعا إلى القاعة ورفض التحدث للصحفيين والإعلام وهو ما فسره البعض بأن الخلاف السعودى السورى كان على أشده، فى المقابل حضر مبكرا يوسف الأحمد وكان أول المغادرين للجلسة ووضح على صوته الإرهاق عندما تحدث للإعلام وعلت نبرة صوته عندما نفى وجود إدانات لأى طرف كما ابتسم ابتسامة لاتخلو من معنى خلال إجابته عن الخلافات فى الجلسة وقال "فى ظل ما كان قائما فى الاجتماع فما توصلنا إليه يعكس تفاهم عربى معقول". أثناء انعقاد الجلسة الطارئة كان الوفد السعودى أكثر الوفود تحركاً واتصالاً ،أما الصحفيون فكانوا منزعجين من تأخر الجلسة وجعلها مغلقة من ناحية أخرى ، غير أن مراسل الجزيرة حسين عبد الغنى كان يتلقى كثيرا من الاتصالات وتلقى الرسائل وهذا ما جعل الصحفيين يعتقدون أن أحد أفراد الوفد القطرى على اتصال به! أثناء انعقاد الجلسة تناول وزراء الخارجية وجبة الغذاء وهم فى أماكنهم وكان الوقت المحدد لتناول الغذاء حوالى 20 دقيقة واستكمل بعدها الوزراء الجلسة. وزير الخارجية العراقى خرج من الجلسة لدقائق وأخبر بعض المقربين منه أنه رفض المشاركة فى اللجنة. الوزير العمانى والوفد المرافق له كان أكثر الوفود ابتساما وتفاؤلا، على كرتى وزير الخارجية السودانى بعد الجلسة وعند خروجه من الباب ذهب إلى اليسار ليتحدث إلى عدد قليل من الصحفيين والإعلاميين الحاضرين المؤتمر رغم اصطفاف الإعلاميين والصحفيين فى الجهة اليمنى . عمرو موسى خرج من الجلسة بعد نهايتها ليجد الإعلام والصحفيين فى انتظاره فى الحديقة الخارجية وعندما اكتشف أن الصوت ليس واضحا وعدد الإعلاميين كبير ولا يسمعون بوضوح طلب أن يعقد المؤتمر فى القاعة الأندلسية، وبالفعل جرى الصحفيين نحو القاعة . هجم الصحفيون على الموظفة التى حملت البيان الختامى الخاص بلبنان للفوز بنسخة مما جعل الدكتور محمود عبد العزيز مدير العلاقات بالجامعة يتدخل لحمايتها فى اللحظات الأخيرة وتوزيع البيان بنفسه. "اتسع الخرق على الراتق" .. كلمات وصف بها عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية حالة الأمة العربية من الأزمات التى تمر بها، واتساعها لتشمل دولا كثيرة ، وقال إن غياب الإرادة الواحدة سبب تصعيد المواقف. ورغم سخونة ما حدث فى الاجتماع إلا أن الأمين العام فى المؤتمر الصحفى الذى عقده بعد الجلسة الطارئة لاحتواء أزمة لبنان ابتسم ثلاث ابتسامات خلال المؤتمر الصحفى ، الأولى عندما وقف "عم عيد" مصور الجامعة العربية ليلتقط صور المنصة، فصاح فيه الصحفيون ليجلس حتى لايحجب عنهم الرؤية . الابتسامة الثانية كانت ردا على سؤال أحد الصحفيين عن استبعاد سوريا والسعودية ، عندما قال " أين "س س" من اللجنة المشكلة ؟ أما الابتسامة الثالثة فكانت عندما أشار عمرو موسى إلى أحد الصحفيين بالتحدث فما كان منه إلا أن قال "سيادة الأمين .. ناديت لكل صحفى باسمه إلا أنا ، قل لى اسأل يا على" ، فما كان من عمرو موسى إلا أن قال له "طب إسأل يا سى على" .