باعتراف صحيفة صهيونية..جيش الاحتلال فشل فى تحرير الأسرى بالقوة العسكرية    "تعليم القليوبية": طالبة ب"النور للمكفوفين" تحرز المركز الثاني في "تحدي القراءة العربي"    ملك بريطانيا وزوجته يبدآن زيارة رسمية للفاتيكان بلقاء البابا لاون الرابع عشر.. صور    وزيرة التضامن تتلقى طلب الاتحاد المصري لتمويل المشروعات للانضمام لبرنامج المنظومة المالية    محافظ سوهاج يتفقد فعاليات وأنشطة مبادرة "أنت الحياة" بقرية نيدة بأخميم    أسعار النفط تسجل 65.94 دولار لخام برنت و61.95 دولار للخام الأمريكى    تنفيذ إزالة التعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية بكفر الشيخ    تعرف على الضوابط الإعلامية لتغطية انتخابات مجلس النواب 2025    أبو الغيط يدين خطوات الاحتلال نحو ضم أراضٍ فلسطينية بالضفة    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 238 ألفا و600 شهيد وجريح    7 أخبار لا تفوتك اليوم الخميس 23- 10 - 2025    باسم مرسي: تألق بن شرقي وزيزو؟.. المنافس لديه 8 مليارات.. والزمالك مديون    هانيا الحمامي ويوسف إبراهيم يتأهلان لنصف نهائي بطولة كومكاست بيزنس للاسكواش    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    الداخلية تضبط سائق ميكروباص قاد السيارة بباب مفتوح في سوهاج (فيديو)    الأحد .. ندوة وورشة عمل "في الحركة حياة" بمكتبة الإسكندرية    هاملت وأشباحه يحصد المركز الأول بملتقى شباب المخرجين    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    وزير الصحة يستعرض تنسيق الجهود لتقديم خدمات صحية لمرضى فلسطينيين    الألم وتيبس المفاصل والإحمرار.. أهم أعراض التهاب المفاصل الروماتويدى    لقاء حول نظام البكالوريا الجديد خلال زيارة مدير الرقابة والتفتيش ب«التعليم» لمدارس بورسعيد    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    تحرك شاحنات المساعدات إلى معبري كرم أبوسالم والعوجة تمهيدًا لدخولها غزة    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء نيابات الأسرة    البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    طريقة عمل الأرز البسمتي بالخضار والفراخ، وجبة متكاملة سريعة التحضير    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    رفع 3209 حالة اشغال متنوعة وغلق وتشميع 8 مقاهي مخالفة بالمريوطية    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    عندنا أمم إفريقيا.. محمد شبانة يوجه رسالة هامة ل ياسر إبراهيم    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    بسعر 27 جنيهًا| التموين تعلن إضافة عبوة زيت جديدة "اعرف حصتك"    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    كل ما تريد معرفته عن منصب المفتى بالسعودية بعد تعيين الشيخ صالح الفوزان    من بيتك.. سجّل الآن فى حج القرعة 2026 بسهولة عبر موقع وزارة الداخلية    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    كنت بقلد فيلم أجنبي.. طفل المنشار بالإسماعيلية: أبويا لما شاف المنظر تحت السرير بلغ الشرطة    تامر حسين يوضح حقيقة خلافه مع محمد فؤاد بعد تسريب أغنيته    أستاذ علوم سياسية: القمة المصرية الأوروبية تعكس مكانة مصر ودورها المحورى    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تؤثر الأزمة المالية اليونانية على مصر.. وما مغزى توقيت خفض سعر الجنيه؟..13.5% قيمة خفض الجنيه أمام الدولار خلال عام لجذب الاستثمارات.. والرقابة الحكومية على الأسواق أبرز تحديات تحريك سعر العملة
نشر في اليوم السابع يوم 08 - 07 - 2015

مع تعقد المشكلة الاقتصادية اليونانية بنتيجة الاستفتاء الذى أجرى يوم الأحد الماضى هناك، والذى جاءت نتيجته برفض الشروط الدولية لحزمة المساعدات الدولية للدولة الأوروبية التى تقع فى جنوب شرق القارة العجوز، واهتمام العالم بها، نظرًا لخطر العدوى المالية والاقتصادية التى من الممكن أن تطول دولًا أخرى مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وغيرها، كان التوقيت المناسب من البنك المركزى المصرى لخفض سعر الجنيه أمام الدولار واليورو، كحركة استباقية وتصحيحية فى سوق الصرف تحسبًا للأحداث المتوقعة للأزمة العالمية التى تلوح فى الأفق.
الاتحاد الأوروبى يعد الشريك التجارى الأول لمصر، وتستورد مصر منه أكبر حصة من وارداتها، وبالتالى فإن التأثر المصرى بالأزمة اليونانية وتداعياتها المتوقعة، يستلزم الكثير من الإجراءات الاحتياطية والتحوطية من البنك المركزى المصرى بخفض قيمة العملة المحلية، بعد أن سبقتنا دول فى ذلك مثل البرازيل وروسيا، وقبلهما الصين، وهو الإجراء الذى يساعد على تنافسية الصادرات المصرية والعمل على جذب المزيد من تدفقات رؤوس الأموال والسياحة، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تعد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة.
والمخاوف من الموجة التضخمية القادمة نتيجة تخفيض الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى، بنحو 13.5% خلال عام، آخرها 2.5% خلال يومى الخميس والأحد الماضيين، تستلزم إجراءات حكومية تحوطية عاجلة أهمها الرقابة الفعالة على الأسواق للسيطرة على جشع بعض التجار فى مصر برفعهم بعض السلع، خاصة أن أسعار السلع والبترول فى العالم فى انخفاض حقيقى، وثانى الإجراءات تستلزم تدابير حكومية وقرارات لترشيد استيراد السلع غير الضرورية والتى تعد بعضها ذات مستويات رفاهية عالية ولا تناسب اقتصاد يعانى، وتنتظره أزمة عالمية جديدة تلوح فى الأفق منبعها منطقة اليورو.
الخطوة المفاجئة من قبل البنك المركزى المصرى بخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، بنحو 20 قرشًا دفعة واحدة، يومى الخميس والأحد الماضيين، ليصل السعر الرسمى حاليًا إلى 783 قرشًا، وسط توقعات بمزيد من الخفض خلال الأيام القليلة القادمة يحمل العديد من الأهداف وتقابله عدة تحديات، حيث جاء الخفض فى قيمة العملة المحلية ليستهدف بالأساس حركة تصحيحية جديدة فى سوق العملات لجذب الاستثمار الأجنبى ودعم الصادرات، وتقريب سعر الجنيه من قيمته العادلة أمام الدولار الأمريكى.
وتعد مرونة سعر صرف العملة المحلية أمام العملة الدولية، الدولار، أو سلة العملات الدولية الرئيسية، أحد أهم المعايير التى ينظر إليها صندوق النقد الدولى، حال تقدم مصر للحصول على قرض من المؤسسة الدولية، ولذلك فإن الإجراءات الأخيرة فى سوق الصرف المصرى، تعزز من الموقف التفاوضى لمصر حال نية الحكومة فى التقدم للحصول على حزمة تمويلية طال انتظارها.
ولكن التحديات الكبرى حاليًا تتمثل فى إتاحة الدولار بأحجام تقابل طلبات الأسواق بما يسهم فى تحجيم تعاملات السوق السوداء للعملة، والتى اختفت نهائيًا خلال الأشهر القليلة الماضية، والحفاظ على عدم عودتها مرة أخرى، إلى جانب المحافظة على مستويات الأسعار وعدم حدوث موجة تضخمية، وارتفاع فى أسعار السلع والخدمات نتيجة اعتماد مصر على الاستيراد بفاتورة من الممكن أت تصل إلى 65 مليار دولار سنويًا.
وتعد الحركة التصحيحية التى يجريها البنك المركزى المصرى هى الثانية خلال أقل 8 أشهر، بعد أن أجرى خلال ديسمبر ويناير الماضيين، تصحيحًا فى سوق الصرف أدى إلى توازن سعر العملة المحلية أمام سلة عملات أجنبية رئيسية.
والهدف الكامن وراء الخفض يرجع إلى وصول سعر العملة المحلية إلى السعر العادل لها، لجذب المستثمر الأجنبى الذى يبحث عن أسواق تحقق له الاستثمار الآمن لأمواله، والخروج من السوق بدون خسائر، وهدف آخر يستهدف دعم الصادرات المصرية إلى العالم، خاصة إلى الاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى لمصر.
وعودة الإنتربنك الدولارى للعمل بكامل طاقته أصبح وشيكًا مع التدفقات الاستثمارية التى تستهدفها الحكومة المصرية، والتى تصل إلى عدة مليارات من الدولارات، وهو ما يؤكد أن المؤشرات الاقتصادية فى طريقها للتحسن الكبير خلال الفترة القادمة، فى ظل إجراءات إصلاحية وتشريعية، دفعت مؤسسات التصنيف الائتمانى إلى رفع تصنيف مصر مرة أخرى بعد سلسلة تخفيضات متتالية، ورؤية متفائلة من قبل تلك المؤسسات.
والحركة التصحيحية فى وقت سابق للجنيه المصرى أمام سلة العملات الرئيسية الأخرى كانت ضرورية لضبط سوق الصرف، فى ظل انخفاض أسعار البترول عالميًا والذى أتاح للبنك المركزى المصرى هامشًا كبيرًا للتحرك فى سوق الصرف، فى ظل قياس أداء الجنيه أمام 5 عملات رئيسية خلال ال6 أشهر الماضية والذى أظهر ارتفاعًا بنسب تتراوح بين 4.5% إلى 11%. وارتفع الجنيه المصرى أمام الريال البرازيلى بنسبة 11% وأمام اليورو بنسبة 9.7% وأمام الين اليابانى بنسبة 6.8% وأمام الليرة التركية بنسبة 5.5% وأمام الجنيه الإسترلينى بنسبة 4.5% فى حين تراجع أمام الدولار الأمريكى بنسبة 6.7%.
وقد أسهمت الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى المصرى بوضع سقف للإيداع بالدولار، فى زيادة الموارد الدولارية للبنوك لتصل حاليًا إلى نحو 120 مليون دولار فى المتوسط، بعد أن كانت لا تتجاوز 15 مليون دولار فى المتوسط، وإعلان بنك مصر أنه لا توجد لديه أية طلبات معلقة على العملة، للمرة الأولى بين البنوك الكبرى العاملة فى مصر.
ولكن السؤال الأهم هل تخفيض الجنيه فى هذا التوقيت يعود إلى الخطوات الإصلاحية للاقتصاد المصرى، فى إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة، لخفض العجز، وأيضًا رفع أسعار بعض السلع، أم لعدم إهدار أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر، والذى شهد انخفاضًا بنحو مليار دولار فى شهر مايو الماضى، فى الدفاع عن العملة فى ظل تدنى الموارد الرئيسية للعملة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة؟
الأهداف الهامة حاليًا للاقتصاد المصرى هو زيادة موارده من العملة الصعبة من الاستثمارات والصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تصل إلى نحو 19 مليار دولار، وإدخالها للمنظومة الرسمية، وهو ما يسهم فى زيادة أرصدة الاحتياطى الأجنبى الذى يستخدم فى أوقات الأزمات، والذى تعد الودائع من الدول الخليجية أبرز مكوناته فى الوقت الحالى، وهى ودائع مستحقة السداد بجداول زمنية مختلفة، وهى ما يتأتى بخفض سعر الجنيه أمام الدولار بنحو 2.5% أى بنحو 20 قرشًا على مدار يومين.
ودائمًا ما يؤكد البنك المركزى المصرى على التزامه بتوفير الدولار لتلبية السلع الأساسية والاستراتيجية كالمواد الغذائية والأدية والمواد الخام التى تدخل فى الصناعية وغيرها، واحتياجات هيئة السلع التموينية، وهو ما دفعه لتدشين آلية العطاءات الدولارية والتى تعمل على توفير الدولار للبنوك، وهى سياسة تستهدف ترشيد استخدمات العملة الصعبة مع تراجع مواردها الأساسية وهى قطاعات السياحة والاستثمارات والصادرات، وتتمثل فى طرح 4 عطاءات دولارية أسبوعيًا بنحو 160 مليون دولار وإجمالى نحو 500 مليون دولار شهريًا للبنوك العاملة فى السوق المحلية.
واتخذ هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى يوم 4 فبراير 2015، عدة إجراءات فنية لضبط سوق الصرف أهمها وضع حد أقصى للإيداع النقدى «كاش» بالدولار الأمريكى، بحد أقصى 10 آلاف دولار يوميًا من الأفراد والشركات، وإجمالى إيداعات شهرية بحد أقصى 50 ألف دولار «كاش» بالبنوك العاملة بالسوق المصرية، أتاحت القضاء نهائيًا على تعاملات السوق السوداء فى اليوم التالى لتنفيذ هذا القرار، مع إتاحة البنك المركزى المصرى لشركات الصرافة بارتفاع لهامش الربح بنحو 5 قروش كاملة فوق السعر الرسمى، حركها بعد ذلك إلى 10 قروش، الذى استقر على مدار أكثر من 6 أشهر عند 763 قرشًا، قبل أن يحركه البنك المركزى المصرى بنحو 20 قرشًا على جلستين لعطاءات العملة الصعبة.
وكانت الشكاوى من قبل بعض المستوردين، من عدم توافر الدولار، محل اهتمام من قبل البنك المركزى، الذى ضخ نحو 500 مليون دولار عن طريق آلية الإنتربنك الدولارى، سوق بين البنوك، لسد احتياجات السلع قبل شهر رمضان بأيام، أتبعها بتوجيه الحصيلة الدولارية بالبنوك لسد احتياجات استيراد السلع والمواد الخام، وتلبية الطلبات المعلقة للسلع الموجودة فى الموانئ والتى كانت محل مطالب من المستوردين.
وعندما ننظر إلى ما تحقق فى سوق الصرف، خلال ال5 أشهر الماضية منذ إجراءات البنك المركزى المصرى وحتى الآن، نجد أن السوق السوداء للدولار انتهت تمامًا، وعمل البنك المركزى على توحيد سعر الصرف مرة أخرى، وتم تلبية كل الطلبات المعلقة على العملة، وانتهت التلاعبات التى كانت تحدث فى سوق الصرف من قبل «مافيا» السوق الذى تحركهم المصالح الشخصية وتحقيق الأرباح، بصرف النظر على مصالح البلاد العليا والتى تعد سوق الصرف أحد أهم عناصر الأمن الاقتصاد والقومى لمصر.
ولعل إشادة كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولى، خلال كلمتها أمام مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى، بالإجراءات التى اتخذها هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى، محل تقدير نظرًا لأن مسؤولى المؤسسة الدولية لا يتحدثون إلا بلغة الأرقام والواقع، وقالت وقتها «لاجارد» «الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى المصرى أدت إلى توحيد سعر صرف العملة فى السوق المصرية، مما عمل على ضبط سوق الصرف».
aترك الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى السابق، لمهام منصبه، كانت نهاية آلية الإنتربنك الدولارى، بيع البنك المركزى المصرى للدولار للبنوك لضخها فى السوق، وتدشين آلية جديدة هى عطاءات العملة الصعبة 3 مرات يوميًا وشهدت بالتوازى تحريكًا تدريجيًا للعملة المحلية أمام الدولار لتستقر فيما بعد، عند 715 قرشًا أمام الدولار لفترة امتدت لنحو عامين، قبل أن يصل حاليًا إلى 783 قرشًا رسميًا وهو سعر البيع للعملاء.
وتعد الأهداف التى دفعت البنك المركزى المصرى إلى تخفيض سعر الجنيه المصرى، فى أساسها تستهدف القضاء على السوق السوداء للعملة التى ظهرت قبل نحو عامين فى عهد محافظ البنك المركزى المصرى السابق فاروق العقدة، والذى دشن آلية لضخ الدولار للسوق عن طريق عطاءات دورية ل3 مرات أسبوعيًا.
وفى إطار حزمة الإجراءات الخاصة بسوق الصرف كانت تأكيدات المجموعة الوزارية الاقتصادية على عدم تحصيل قيمة أى خدمة أو سلعة، داخل جمهورية مصر العربية، بغير الجنيه المصرى، طبقا للمادة 111 من قانون البنوك رقم 88، والتى تنص على ما يلى: «يكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراء وبيعًا فى مجال السلع والخدمات بالجنيه المصرى، وفقًا للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية، ما لم يُنص على خلاف ذلك فى اتفاقية دولية أو فى قانون آخر»، مشددًا على أنه سيتم تطبيق الجزاءات الواردة على أى مخالف، وهو القرار التى يستهدف فى الأساس تخفيف الضغط على الدولار والطلب عليه مما يسهم فى دعم الاجراءات التصحيحية لسوق الصرف.
وتشمل قائمة السلع الأساسية والتموينية التى لها الأولوية فى تدبير العملة الصعبة لاستيرادها، الشاى واللحوم والدواجن والأسماك والقمح والزيت واللبن، بودرة، ولبن أطفال والفول والعدس والزبدة، والذرة والآلات ومعدات الإنتاج وقطع الغيار، والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات، والأدوية والأمصال والكيماويات.
والقضاء نهائيًا على تعاملات السوق الموازية، هو حافز لتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، ويتمثل الهدف الآخر فى العمل على زيادة الصادرات المصرية وزيادة تدفقات السياحة الأجنبية لمصر، والذى من شأنه أن يعمل على زيادة موارد مصر من العملة الصعبة والتى تدعم الاحتياطى من النقد الأجنبى لمصر. وتعد الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان الخاصة بهيئة السلع التموينية لها أولوية قصوى لدى البنك المركزى وبنك مصر الذى يصدر خطابات الضمان لهذا الغرض.
وأسهمت المساعدات المالية والبترولية والمنح والودائع من 3 دول خليجية هى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، بعد 30 يونيو 2013 على تدبير جزء كبير من احتياجات مصر من العملة الصعبة خلال الفترة الماضية، مما عمل على تخفيض الضغط على أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر.
مع تعقد المشكلة الاقتصادية اليونانية بنتيجة الاستفتاء الذى أجرى يوم الأحد الماضى هناك، والذى جاءت نتيجته برفض الشروط الدولية لحزمة المساعدات الدولية للدولة الأوروبية التى تقع فى جنوب شرق القارة العجوز، واهتمام العالم بها، نظرًا لخطر العدوى المالية والاقتصادية التى من الممكن أن تطول دولًا أخرى مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وغيرها، كان التوقيت المناسب من البنك المركزى المصرى لخفض سعر الجنيه أمام الدولار واليورو، كحركة استباقية وتصحيحية فى سوق الصرف تحسبًا للأحداث المتوقعة للأزمة العالمية التى تلوح فى الأفق.
الاتحاد الأوروبى يعد الشريك التجارى الأول لمصر، وتستورد مصر منه أكبر حصة من وارداتها، وبالتالى فإن التأثر المصرى بالأزمة اليونانية وتداعياتها المتوقعة، يستلزم الكثير من الإجراءات الاحتياطية والتحوطية من البنك المركزى المصرى بخفض قيمة العملة المحلية، بعد أن سبقتنا دول فى ذلك مثل البرازيل وروسيا، وقبلهما الصين، وهو الإجراء الذى يساعد على تنافسية الصادرات المصرية والعمل على جذب المزيد من تدفقات رؤوس الأموال والسياحة، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تعد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة.
والمخاوف من الموجة التضخمية القادمة نتيجة تخفيض الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى، بنحو 13.5% خلال عام، آخرها 2.5% خلال يومى الخميس والأحد الماضيين، تستلزم إجراءات حكومية تحوطية عاجلة أهمها الرقابة الفعالة على الأسواق للسيطرة على جشع بعض التجار فى مصر برفعهم بعض السلع، خاصة أن أسعار السلع والبترول فى العالم فى انخفاض حقيقى، وثانى الإجراءات تستلزم تدابير حكومية وقرارات لترشيد استيراد السلع غير الضرورية والتى تعد بعضها ذات مستويات رفاهية عالية ولا تناسب اقتصاد يعانى، وتنتظره أزمة عالمية جديدة تلوح فى الأفق منبعها منطقة اليورو.
الخطوة المفاجئة من قبل البنك المركزى المصرى بخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، بنحو 20 قرشًا دفعة واحدة، يومى الخميس والأحد الماضيين، ليصل السعر الرسمى حاليًا إلى 783 قرشًا، وسط توقعات بمزيد من الخفض خلال الأيام القليلة القادمة يحمل العديد من الأهداف وتقابله عدة تحديات، حيث جاء الخفض فى قيمة العملة المحلية ليستهدف بالأساس حركة تصحيحية جديدة فى سوق العملات لجذب الاستثمار الأجنبى ودعم الصادرات، وتقريب سعر الجنيه من قيمته العادلة أمام الدولار الأمريكى.
وتعد مرونة سعر صرف العملة المحلية أمام العملة الدولية، الدولار، أو سلة العملات الدولية الرئيسية، أحد أهم المعايير التى ينظر إليها صندوق النقد الدولى، حال تقدم مصر للحصول على قرض من المؤسسة الدولية، ولذلك فإن الإجراءات الأخيرة فى سوق الصرف المصرى، تعزز من الموقف التفاوضى لمصر حال نية الحكومة فى التقدم للحصول على حزمة تمويلية طال انتظارها.
ولكن التحديات الكبرى حاليًا تتمثل فى إتاحة الدولار بأحجام تقابل طلبات الأسواق بما يسهم فى تحجيم تعاملات السوق السوداء للعملة، والتى اختفت نهائيًا خلال الأشهر القليلة الماضية، والحفاظ على عدم عودتها مرة أخرى، إلى جانب المحافظة على مستويات الأسعار وعدم حدوث موجة تضخمية، وارتفاع فى أسعار السلع والخدمات نتيجة اعتماد مصر على الاستيراد بفاتورة من الممكن أت تصل إلى 65 مليار دولار سنويًا.
وتعد الحركة التصحيحية التى يجريها البنك المركزى المصرى هى الثانية خلال أقل 8 أشهر، بعد أن أجرى خلال ديسمبر ويناير الماضيين، تصحيحًا فى سوق الصرف أدى إلى توازن سعر العملة المحلية أمام سلة عملات أجنبية رئيسية.
والهدف الكامن وراء الخفض يرجع إلى وصول سعر العملة المحلية إلى السعر العادل لها، لجذب المستثمر الأجنبى الذى يبحث عن أسواق تحقق له الاستثمار الآمن لأمواله، والخروج من السوق بدون خسائر، وهدف آخر يستهدف دعم الصادرات المصرية إلى العالم، خاصة إلى الاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى لمصر.
وعودة الإنتربنك الدولارى للعمل بكامل طاقته أصبح وشيكًا مع التدفقات الاستثمارية التى تستهدفها الحكومة المصرية، والتى تصل إلى عدة مليارات من الدولارات، وهو ما يؤكد أن المؤشرات الاقتصادية فى طريقها للتحسن الكبير خلال الفترة القادمة، فى ظل إجراءات إصلاحية وتشريعية، دفعت مؤسسات التصنيف الائتمانى إلى رفع تصنيف مصر مرة أخرى بعد سلسلة تخفيضات متتالية، ورؤية متفائلة من قبل تلك المؤسسات.
والحركة التصحيحية فى وقت سابق للجنيه المصرى أمام سلة العملات الرئيسية الأخرى كانت ضرورية لضبط سوق الصرف، فى ظل انخفاض أسعار البترول عالميًا والذى أتاح للبنك المركزى المصرى هامشًا كبيرًا للتحرك فى سوق الصرف، فى ظل قياس أداء الجنيه أمام 5 عملات رئيسية خلال ال6 أشهر الماضية والذى أظهر ارتفاعًا بنسب تتراوح بين 4.5% إلى 11%. وارتفع الجنيه المصرى أمام الريال البرازيلى بنسبة 11% وأمام اليورو بنسبة 9.7% وأمام الين اليابانى بنسبة 6.8% وأمام الليرة التركية بنسبة 5.5% وأمام الجنيه الإسترلينى بنسبة 4.5% فى حين تراجع أمام الدولار الأمريكى بنسبة 6.7%.
وقد أسهمت الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى المصرى بوضع سقف للإيداع بالدولار، فى زيادة الموارد الدولارية للبنوك لتصل حاليًا إلى نحو 120 مليون دولار فى المتوسط، بعد أن كانت لا تتجاوز 15 مليون دولار فى المتوسط، وإعلان بنك مصر أنه لا توجد لديه أية طلبات معلقة على العملة، للمرة الأولى بين البنوك الكبرى العاملة فى مصر.
ولكن السؤال الأهم هل تخفيض الجنيه فى هذا التوقيت يعود إلى الخطوات الإصلاحية للاقتصاد المصرى، فى إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة، لخفض العجز، وأيضًا رفع أسعار بعض السلع، أم لعدم إهدار أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر، والذى شهد انخفاضًا بنحو مليار دولار فى شهر مايو الماضى، فى الدفاع عن العملة فى ظل تدنى الموارد الرئيسية للعملة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة؟
الأهداف الهامة حاليًا للاقتصاد المصرى هو زيادة موارده من العملة الصعبة من الاستثمارات والصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تصل إلى نحو 19 مليار دولار، وإدخالها للمنظومة الرسمية، وهو ما يسهم فى زيادة أرصدة الاحتياطى الأجنبى الذى يستخدم فى أوقات الأزمات، والذى تعد الودائع من الدول الخليجية أبرز مكوناته فى الوقت الحالى، وهى ودائع مستحقة السداد بجداول زمنية مختلفة، وهى ما يتأتى بخفض سعر الجنيه أمام الدولار بنحو 2.5% أى بنحو 20 قرشًا على مدار يومين.
ودائمًا ما يؤكد البنك المركزى المصرى على التزامه بتوفير الدولار لتلبية السلع الأساسية والاستراتيجية كالمواد الغذائية والأدية والمواد الخام التى تدخل فى الصناعية وغيرها، واحتياجات هيئة السلع التموينية، وهو ما دفعه لتدشين آلية العطاءات الدولارية والتى تعمل على توفير الدولار للبنوك، وهى سياسة تستهدف ترشيد استخدمات العملة الصعبة مع تراجع مواردها الأساسية وهى قطاعات السياحة والاستثمارات والصادرات، وتتمثل فى طرح 4 عطاءات دولارية أسبوعيًا بنحو 160 مليون دولار وإجمالى نحو 500 مليون دولار شهريًا للبنوك العاملة فى السوق المحلية.
واتخذ هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى يوم 4 فبراير 2015، عدة إجراءات فنية لضبط سوق الصرف أهمها وضع حد أقصى للإيداع النقدى «كاش» بالدولار الأمريكى، بحد أقصى 10 آلاف دولار يوميًا من الأفراد والشركات، وإجمالى إيداعات شهرية بحد أقصى 50 ألف دولار «كاش» بالبنوك العاملة بالسوق المصرية، أتاحت القضاء نهائيًا على تعاملات السوق السوداء فى اليوم التالى لتنفيذ هذا القرار، مع إتاحة البنك المركزى المصرى لشركات الصرافة بارتفاع لهامش الربح بنحو 5 قروش كاملة فوق السعر الرسمى، حركها بعد ذلك إلى 10 قروش، الذى استقر على مدار أكثر من 6 أشهر عند 763 قرشًا، قبل أن يحركه البنك المركزى المصرى بنحو 20 قرشًا على جلستين لعطاءات العملة الصعبة.
وكانت الشكاوى من قبل بعض المستوردين، من عدم توافر الدولار، محل اهتمام من قبل البنك المركزى، الذى ضخ نحو 500 مليون دولار عن طريق آلية الإنتربنك الدولارى، سوق بين البنوك، لسد احتياجات السلع قبل شهر رمضان بأيام، أتبعها بتوجيه الحصيلة الدولارية بالبنوك لسد احتياجات استيراد السلع والمواد الخام، وتلبية الطلبات المعلقة للسلع الموجودة فى الموانئ والتى كانت محل مطالب من المستوردين.
وعندما ننظر إلى ما تحقق فى سوق الصرف، خلال ال5 أشهر الماضية منذ إجراءات البنك المركزى المصرى وحتى الآن، نجد أن السوق السوداء للدولار انتهت تمامًا، وعمل البنك المركزى على توحيد سعر الصرف مرة أخرى، وتم تلبية كل الطلبات المعلقة على العملة، وانتهت التلاعبات التى كانت تحدث فى سوق الصرف من قبل «مافيا» السوق الذى تحركهم المصالح الشخصية وتحقيق الأرباح، بصرف النظر على مصالح البلاد العليا والتى تعد سوق الصرف أحد أهم عناصر الأمن الاقتصاد والقومى لمصر.
ولعل إشادة كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولى، خلال كلمتها أمام مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى، بالإجراءات التى اتخذها هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى، محل تقدير نظرًا لأن مسؤولى المؤسسة الدولية لا يتحدثون إلا بلغة الأرقام والواقع، وقالت وقتها «لاجارد» «الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى المصرى أدت إلى توحيد سعر صرف العملة فى السوق المصرية، مما عمل على ضبط سوق الصرف».
aترك الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى السابق، لمهام منصبه، كانت نهاية آلية الإنتربنك الدولارى، بيع البنك المركزى المصرى للدولار للبنوك لضخها فى السوق، وتدشين آلية جديدة هى عطاءات العملة الصعبة 3 مرات يوميًا وشهدت بالتوازى تحريكًا تدريجيًا للعملة المحلية أمام الدولار لتستقر فيما بعد، عند 715 قرشًا أمام الدولار لفترة امتدت لنحو عامين، قبل أن يصل حاليًا إلى 783 قرشًا رسميًا وهو سعر البيع للعملاء.
وتعد الأهداف التى دفعت البنك المركزى المصرى إلى تخفيض سعر الجنيه المصرى، فى أساسها تستهدف القضاء على السوق السوداء للعملة التى ظهرت قبل نحو عامين فى عهد محافظ البنك المركزى المصرى السابق فاروق العقدة، والذى دشن آلية لضخ الدولار للسوق عن طريق عطاءات دورية ل3 مرات أسبوعيًا.
وفى إطار حزمة الإجراءات الخاصة بسوق الصرف كانت تأكيدات المجموعة الوزارية الاقتصادية على عدم تحصيل قيمة أى خدمة أو سلعة، داخل جمهورية مصر العربية، بغير الجنيه المصرى، طبقا للمادة 111 من قانون البنوك رقم 88، والتى تنص على ما يلى: «يكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراء وبيعًا فى مجال السلع والخدمات بالجنيه المصرى، وفقًا للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية، ما لم يُنص على خلاف ذلك فى اتفاقية دولية أو فى قانون آخر»، مشددًا على أنه سيتم تطبيق الجزاءات الواردة على أى مخالف، وهو القرار التى يستهدف فى الأساس تخفيف الضغط على الدولار والطلب عليه مما يسهم فى دعم الاجراءات التصحيحية لسوق الصرف.
وتشمل قائمة السلع الأساسية والتموينية التى لها الأولوية فى تدبير العملة الصعبة لاستيرادها، الشاى واللحوم والدواجن والأسماك والقمح والزيت واللبن، بودرة، ولبن أطفال والفول والعدس والزبدة، والذرة والآلات ومعدات الإنتاج وقطع الغيار، والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات، والأدوية والأمصال والكيماويات.
والقضاء نهائيًا على تعاملات السوق الموازية، هو حافز لتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، ويتمثل الهدف الآخر فى العمل على زيادة الصادرات المصرية وزيادة تدفقات السياحة الأجنبية لمصر، والذى من شأنه أن يعمل على زيادة موارد مصر من العملة الصعبة والتى تدعم الاحتياطى من النقد الأجنبى لمصر. وتعد الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان الخاصة بهيئة السلع التموينية لها أولوية قصوى لدى البنك المركزى وبنك مصر الذى يصدر خطابات الضمان لهذا الغرض.
وأسهمت المساعدات المالية والبترولية والمنح والودائع من 3 دول خليجية هى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، بعد 30 يونيو 2013 على تدبير جزء كبير من احتياجات
مع تعقد المشكلة الاقتصادية اليونانية بنتيجة الاستفتاء الذى أجرى يوم الأحد الماضى هناك، والذى جاءت نتيجته برفض الشروط الدولية لحزمة المساعدات الدولية للدولة الأوروبية التى تقع فى جنوب شرق القارة العجوز، واهتمام العالم بها، نظرًا لخطر العدوى المالية والاقتصادية التى من الممكن أن تطول دولًا أخرى مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وغيرها، كان التوقيت المناسب من البنك المركزى المصرى لخفض سعر الجنيه أمام الدولار واليورو، كحركة استباقية وتصحيحية فى سوق الصرف تحسبًا للأحداث المتوقعة للأزمة العالمية التى تلوح فى الأفق.
الاتحاد الأوروبى يعد الشريك التجارى الأول لمصر، وتستورد مصر منه أكبر حصة من وارداتها، وبالتالى فإن التأثر المصرى بالأزمة اليونانية وتداعياتها المتوقعة، يستلزم الكثير من الإجراءات الاحتياطية والتحوطية من البنك المركزى المصرى بخفض قيمة العملة المحلية، بعد أن سبقتنا دول فى ذلك مثل البرازيل وروسيا، وقبلهما الصين، وهو الإجراء الذى يساعد على تنافسية الصادرات المصرية والعمل على جذب المزيد من تدفقات رؤوس الأموال والسياحة، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تعد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة.
والمخاوف من الموجة التضخمية القادمة نتيجة تخفيض الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى، بنحو 13.5% خلال عام، آخرها 2.5% خلال يومى الخميس والأحد الماضيين، تستلزم إجراءات حكومية تحوطية عاجلة أهمها الرقابة الفعالة على الأسواق للسيطرة على جشع بعض التجار فى مصر برفعهم بعض السلع، خاصة أن أسعار السلع والبترول فى العالم فى انخفاض حقيقى، وثانى الإجراءات تستلزم تدابير حكومية وقرارات لترشيد استيراد السلع غير الضرورية والتى تعد بعضها ذات مستويات رفاهية عالية ولا تناسب اقتصاد يعانى، وتنتظره أزمة عالمية جديدة تلوح فى الأفق منبعها منطقة اليورو.
الخطوة المفاجئة من قبل البنك المركزى المصرى بخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، بنحو 20 قرشًا دفعة واحدة، يومى الخميس والأحد الماضيين، ليصل السعر الرسمى حاليًا إلى 783 قرشًا، وسط توقعات بمزيد من الخفض خلال الأيام القليلة القادمة يحمل العديد من الأهداف وتقابله عدة تحديات، حيث جاء الخفض فى قيمة العملة المحلية ليستهدف بالأساس حركة تصحيحية جديدة فى سوق العملات لجذب الاستثمار الأجنبى ودعم الصادرات، وتقريب سعر الجنيه من قيمته العادلة أمام الدولار الأمريكى.
وتعد مرونة سعر صرف العملة المحلية أمام العملة الدولية، الدولار، أو سلة العملات الدولية الرئيسية، أحد أهم المعايير التى ينظر إليها صندوق النقد الدولى، حال تقدم مصر للحصول على قرض من المؤسسة الدولية، ولذلك فإن الإجراءات الأخيرة فى سوق الصرف المصرى، تعزز من الموقف التفاوضى لمصر حال نية الحكومة فى التقدم للحصول على حزمة تمويلية طال انتظارها.
ولكن التحديات الكبرى حاليًا تتمثل فى إتاحة الدولار بأحجام تقابل طلبات الأسواق بما يسهم فى تحجيم تعاملات السوق السوداء للعملة، والتى اختفت نهائيًا خلال الأشهر القليلة الماضية، والحفاظ على عدم عودتها مرة أخرى، إلى جانب المحافظة على مستويات الأسعار وعدم حدوث موجة تضخمية، وارتفاع فى أسعار السلع والخدمات نتيجة اعتماد مصر على الاستيراد بفاتورة من الممكن أت تصل إلى 65 مليار دولار سنويًا.
وتعد الحركة التصحيحية التى يجريها البنك المركزى المصرى هى الثانية خلال أقل 8 أشهر، بعد أن أجرى خلال ديسمبر ويناير الماضيين، تصحيحًا فى سوق الصرف أدى إلى توازن سعر العملة المحلية أمام سلة عملات أجنبية رئيسية.
والهدف الكامن وراء الخفض يرجع إلى وصول سعر العملة المحلية إلى السعر العادل لها، لجذب المستثمر الأجنبى الذى يبحث عن أسواق تحقق له الاستثمار الآمن لأمواله، والخروج من السوق بدون خسائر، وهدف آخر يستهدف دعم الصادرات المصرية إلى العالم، خاصة إلى الاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى لمصر.
وعودة الإنتربنك الدولارى للعمل بكامل طاقته أصبح وشيكًا مع التدفقات الاستثمارية التى تستهدفها الحكومة المصرية، والتى تصل إلى عدة مليارات من الدولارات، وهو ما يؤكد أن المؤشرات الاقتصادية فى طريقها للتحسن الكبير خلال الفترة القادمة، فى ظل إجراءات إصلاحية وتشريعية، دفعت مؤسسات التصنيف الائتمانى إلى رفع تصنيف مصر مرة أخرى بعد سلسلة تخفيضات متتالية، ورؤية متفائلة من قبل تلك المؤسسات.
والحركة التصحيحية فى وقت سابق للجنيه المصرى أمام سلة العملات الرئيسية الأخرى كانت ضرورية لضبط سوق الصرف، فى ظل انخفاض أسعار البترول عالميًا والذى أتاح للبنك المركزى المصرى هامشًا كبيرًا للتحرك فى سوق الصرف، فى ظل قياس أداء الجنيه أمام 5 عملات رئيسية خلال ال6 أشهر الماضية والذى أظهر ارتفاعًا بنسب تتراوح بين 4.5% إلى 11%. وارتفع الجنيه المصرى أمام الريال البرازيلى بنسبة 11% وأمام اليورو بنسبة 9.7% وأمام الين اليابانى بنسبة 6.8% وأمام الليرة التركية بنسبة 5.5% وأمام الجنيه الإسترلينى بنسبة 4.5% فى حين تراجع أمام الدولار الأمريكى بنسبة 6.7%.
وقد أسهمت الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى المصرى بوضع سقف للإيداع بالدولار، فى زيادة الموارد الدولارية للبنوك لتصل حاليًا إلى نحو 120 مليون دولار فى المتوسط، بعد أن كانت لا تتجاوز 15 مليون دولار فى المتوسط، وإعلان بنك مصر أنه لا توجد لديه أية طلبات معلقة على العملة، للمرة الأولى بين البنوك الكبرى العاملة فى مصر.
ولكن السؤال الأهم هل تخفيض الجنيه فى هذا التوقيت يعود إلى الخطوات الإصلاحية للاقتصاد المصرى، فى إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة، لخفض العجز، وأيضًا رفع أسعار بعض السلع، أم لعدم إهدار أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر، والذى شهد انخفاضًا بنحو مليار دولار فى شهر مايو الماضى، فى الدفاع عن العملة فى ظل تدنى الموارد الرئيسية للعملة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة؟
الأهداف الهامة حاليًا للاقتصاد المصرى هو زيادة موارده من العملة الصعبة من الاستثمارات والصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تصل إلى نحو 19 مليار دولار، وإدخالها للمنظومة الرسمية، وهو ما يسهم فى زيادة أرصدة الاحتياطى الأجنبى الذى يستخدم فى أوقات الأزمات، والذى تعد الودائع من الدول الخليجية أبرز مكوناته فى الوقت الحالى، وهى ودائع مستحقة السداد بجداول زمنية مختلفة، وهى ما يتأتى بخفض سعر الجنيه أمام الدولار بنحو 2.5% أى بنحو 20 قرشًا على مدار يومين.
ودائمًا ما يؤكد البنك المركزى المصرى على التزامه بتوفير الدولار لتلبية السلع الأساسية والاستراتيجية كالمواد الغذائية والأدية والمواد الخام التى تدخل فى الصناعية وغيرها، واحتياجات هيئة السلع التموينية، وهو ما دفعه لتدشين آلية العطاءات الدولارية والتى تعمل على توفير الدولار للبنوك، وهى سياسة تستهدف ترشيد استخدمات العملة الصعبة مع تراجع مواردها الأساسية وهى قطاعات السياحة والاستثمارات والصادرات، وتتمثل فى طرح 4 عطاءات دولارية أسبوعيًا بنحو 160 مليون دولار وإجمالى نحو 500 مليون دولار شهريًا للبنوك العاملة فى السوق المحلية.
واتخذ هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى يوم 4 فبراير 2015، عدة إجراءات فنية لضبط سوق الصرف أهمها وضع حد أقصى للإيداع النقدى «كاش» بالدولار الأمريكى، بحد أقصى 10 آلاف دولار يوميًا من الأفراد والشركات، وإجمالى إيداعات شهرية بحد أقصى 50 ألف دولار «كاش» بالبنوك العاملة بالسوق المصرية، أتاحت القضاء نهائيًا على تعاملات السوق السوداء فى اليوم التالى لتنفيذ هذا القرار، مع إتاحة البنك المركزى المصرى لشركات الصرافة بارتفاع لهامش الربح بنحو 5 قروش كاملة فوق السعر الرسمى، حركها بعد ذلك إلى 10 قروش، الذى استقر على مدار أكثر من 6 أشهر عند 763 قرشًا، قبل أن يحركه البنك المركزى المصرى بنحو 20 قرشًا على جلستين لعطاءات العملة الصعبة.
وكانت الشكاوى من قبل بعض المستوردين، من عدم توافر الدولار، محل اهتمام من قبل البنك المركزى، الذى ضخ نحو 500 مليون دولار عن طريق آلية الإنتربنك الدولارى، سوق بين البنوك، لسد احتياجات السلع قبل شهر رمضان بأيام، أتبعها بتوجيه الحصيلة الدولارية بالبنوك لسد احتياجات استيراد السلع والمواد الخام، وتلبية الطلبات المعلقة للسلع الموجودة فى الموانئ والتى كانت محل مطالب من المستوردين.
وعندما ننظر إلى ما تحقق فى سوق الصرف، خلال ال5 أشهر الماضية منذ إجراءات البنك المركزى المصرى وحتى الآن، نجد أن السوق السوداء للدولار انتهت تمامًا، وعمل البنك المركزى على توحيد سعر الصرف مرة أخرى، وتم تلبية كل الطلبات المعلقة على العملة، وانتهت التلاعبات التى كانت تحدث فى سوق الصرف من قبل «مافيا» السوق الذى تحركهم المصالح الشخصية وتحقيق الأرباح، بصرف النظر على مصالح البلاد العليا والتى تعد سوق الصرف أحد أهم عناصر الأمن الاقتصاد والقومى لمصر.
ولعل إشادة كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولى، خلال كلمتها أمام مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى، بالإجراءات التى اتخذها هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى، محل تقدير نظرًا لأن مسؤولى المؤسسة الدولية لا يتحدثون إلا بلغة الأرقام والواقع، وقالت وقتها «لاجارد» «الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى المصرى أدت إلى توحيد سعر صرف العملة فى السوق المصرية، مما عمل على ضبط سوق الصرف».
aترك الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى السابق، لمهام منصبه، كانت نهاية آلية الإنتربنك الدولارى، بيع البنك المركزى المصرى للدولار للبنوك لضخها فى السوق، وتدشين آلية جديدة هى عطاءات العملة الصعبة 3 مرات يوميًا وشهدت بالتوازى تحريكًا تدريجيًا للعملة المحلية أمام الدولار لتستقر فيما بعد، عند 715 قرشًا أمام الدولار لفترة امتدت لنحو عامين، قبل أن يصل حاليًا إلى 783 قرشًا رسميًا وهو سعر البيع للعملاء.
وتعد الأهداف التى دفعت البنك المركزى المصرى إلى تخفيض سعر الجنيه المصرى، فى أساسها تستهدف القضاء على السوق السوداء للعملة التى ظهرت قبل نحو عامين فى عهد محافظ البنك المركزى المصرى السابق فاروق العقدة، والذى دشن آلية لضخ الدولار للسوق عن طريق عطاءات دورية ل3 مرات أسبوعيًا.
وفى إطار حزمة الإجراءات الخاصة بسوق الصرف كانت تأكيدات المجموعة الوزارية الاقتصادية على عدم تحصيل قيمة أى خدمة أو سلعة، داخل جمهورية مصر العربية، بغير الجنيه المصرى، طبقا للمادة 111 من قانون البنوك رقم 88، والتى تنص على ما يلى: «يكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراء وبيعًا فى مجال السلع والخدمات بالجنيه المصرى، وفقًا للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية، ما لم يُنص على خلاف ذلك فى اتفاقية دولية أو فى قانون آخر»، مشددًا على أنه سيتم تطبيق الجزاءات الواردة على أى مخالف، وهو القرار التى يستهدف فى الأساس تخفيف الضغط على الدولار والطلب عليه مما يسهم فى دعم الاجراءات التصحيحية لسوق الصرف.
وتشمل قائمة السلع الأساسية والتموينية التى لها الأولوية فى تدبير العملة الصعبة لاستيرادها، الشاى واللحوم والدواجن والأسماك والقمح والزيت واللبن، بودرة، ولبن أطفال والفول والعدس والزبدة، والذرة والآلات ومعدات الإنتاج وقطع الغيار، والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات، والأدوية والأمصال والكيماويات.
والقضاء نهائيًا على تعاملات السوق الموازية، هو حافز لتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، ويتمثل الهدف الآخر فى العمل على زيادة الصادرات المصرية وزيادة تدفقات السياحة الأجنبية لمصر، والذى من شأنه أن يعمل على زيادة موارد مصر من العملة الصعبة والتى تدعم الاحتياطى من النقد الأجنبى لمصر. وتعد الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان الخاصة بهيئة السلع التموينية لها أولوية قصوى لدى البنك المركزى وبنك مصر الذى يصدر خطابات الضمان لهذا الغرض.
وأسهمت المساعدات المالية والبترولية والمنح والودائع من 3 دول خليجية هى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، بعد 30 يونيو 2013 على تدبير جزء كبير من احتياجات مصر من العملة الصعبة خلال الفترة الماضية، مما عمل على تخفيض الضغط على أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة