انتشرت فى الفترة الأخيرة موجة جديدة من موجات الاستفادة من طفرة التقنيات الحديثة وهى خدمة السداد الإلكترونى للفواتير، فبالإجمال وعندما يتعلق الأمر بالتسديد المباشر للقطاع المعنى فإن الأمر يبدو عادى، لكن أن تقوم شركة ما بالتزام خدمات الدفع الإلكترونى لمجموعة من الوزارات والقطاعات الرسمية، فإنه أمر يدعو للنظر فيه مليًّا والتساؤل حول جدوى هذه الخدمة والغاية من إنشائها والتعمق بمساوئها. اقتحم عدد من الشركات السوق المصرية مؤخرا، شركة فورى، ومهدت لهذا الاقتحام بمجموعة كبيرة من الأبحاث والدراسات التى روجت للسداد الإلكترونى للفواتير باعتباره حبل نجاة للمواطن الذى يقضى ساعات واقفا بالطوابير لدفع المستحقات المترتبة عليه لشركات الاتصالات وغيرها، حتى بات الاهتمام الإعلامى بشأنها واضحا خصوصا وأن الشركة المذكورة ترسل بياناتها الصحفية لمجموعة من الصحفيين الذين يهتمون بنشرها أولا بأول دون أى حذف أو نقصان. وعلى سبيل المثال فشركة "فورى"، وبعد انتشارها، نجحت فى التعاقد مع عدد من القطاعات الرسمية والخاصة، إلا أن تساؤلات عديدة ترافق هذه الاتفاقات، أولها، أين تذهب الأموال فور دفعها من قبل المواطن؟، هل تذهب إلى حسابات الشركة أم إلى القطاع المعنى مباشرة؟، وإذا كانت تذهب إلى حسابات الشركة فما هى المدة التى تقضيها قبل أن تنتقل إلى الخزانة العامة؟ أما إذا كانت تذهب مباشرة إلى حسابات القطاعات العامة والشركات فما هى النسبة المقتطعة من الفواتير لصالحها؟ ألم يكن المواطن أحق بها؟ فبالنهاية هى شركة تجارية تسعى للربح كأى شركة أخرى، فلم لا يكون السداد مباشرا وتذهب هذه الأموال المدفوعة للشركات للخزانة العامة؟ أما السؤال الأهم: ما هو مصير الأموال المدفوعة إذا ما تعرضت شبكة الشركة التى تقوم بالتحصيل للاختراق من قبل العصابات الإلكترونية، خصوصا وأن الاختراقات باتت سهلة جدا للأنظمة الإلكترونية حتى وصلت إلى اختراق دفاعات كبرى الأنظمة العالمية كالبنتاجون والكثير من المواقع الحكومية، فمن سيعوض على المواطن اختفاء أمواله وعدم وصولها إلى مكانها الصحيح، وهل يكفى إيصال شركة " فورى" على سبيل المثال كإثبات على دفع فاتورة ما لشركة اتصالات أو لقطاع عام ما؟ هذا بالإضافة إلى تعريض الخصوصية إلى الخطر بسبب الاختراقات بعد الحصول على كلمات المرور وتفاصيل الحسابات، والتى يمكن من خلالها الوصول إلى قواعد البيانات الخاصة بشركات الأعمال والمؤسسات المالية، والأفراد على حد سواء، وتنتاب عملية التحصيل الإلكترونى بعض مخاطر الاحتيال، نتيجة عدم وجود الرقابة الداخلية عندما يتم تنفيذ أنظمة التحصيل الإلكترونى الجديدة. أما تقنيًَّا وما غاب عن بال هذه الشركات، أن الإنترنت فى الشرق الأوسط ما زال مرتبطا بكابل بحرى واحد، وكثيرا ما تتوقف الاتصالات العنكبوتية عند أى عطل أو حادث يصيب الكابل البحرى، فما هو مصير هذه المنظومة المالية الإلكترونية فى حال انتشارها واعتماد المواطن عليها عند حصول أى عطل يصيبها بالشلل؟