ذكرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور أن الوضع الراهن فى الشرق الأوسط ينذر بنشوب حرب جديدة تشنها إسرائيل على قطاع غزة الذى لم يلبث أن يفيق من كبوته الأولى، وذلك إذا لم يتوقف المسلحون الفلسطينيون عن إطلاق الصواريخ التى تزايدت مع استمرار الحصار، ولكن فى الوقت الذى أيد فيه نشطاء حقوق الإنسان الدوليون الغزاويين وانتقدوا إسرائيل بسبب الحصار على ما يبدو تغاضوا عن دور الجارة مصر. وذهبت الصحيفة الأمريكية إلى أن مصر لديها مصلحة فى إضعاف الحركة الإسلامية المسلحة حماس، لاعتبارات إقليمية، ويعتقد كثير من المحللين أن الضغوط الأمريكية تلعب دورا محوريا فى تورط مصر فى الحصار، ولكنها تنفى ذلك. وأشارت كريستيان ساينس مونيتور إلى أن مصر أبقت على حدودها مع غزة مغلقة، على الرغم من الغضب العام الذى يستشعره المصريون فضلا عن العالم الإسلامى حيال هذا الشأن، وخلصت إلى أن الدافع وراء هذه الخطوة يكمن فى المنافسات الإقليمية والتحالفات الدولية، حسبما يذكر المحللون السياسيون. ويرى عماد جاد، وهو محلل فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن المسألة يمكن اختزالها فى معارضة مصر لحماس، "حماس جزء من تحالف آخر فى المنطقة-تحالف إيران وسوريا وحزب الله- كما أنها تعتبر فرع من جماعة الأخوان المسلمين، وتحاول التقليل من الدور المصرى فى القضية الفلسطينية" وفى ظل هذه الظروف، يضيف جاد، مصر ليس لديها سبب كاف لإنهاء الحصار. وذكرت صحيفة ساينس مونيتور أن إسرائيل بدأت فرض الحصار على غزة عندما احتجزت حماس الجندى الإسرائيلى، جلعاد شاليط عام 2006، وشددت إسرائيل من قبضة الحصار بعدما تمكنت حماس من الاستحواذ على القطاع من فتح عام 2007، فى ضوء انتخابات حرة ونزيهة، ثم تبعتها مصر بقيامها بإغلاق معبر رفح والسماح فقط للشحنات الخاصة من الإمدادات الطبية بالمرور إلى غزة و السماح لبعض الفلسطينيين بالمغادرة لتلقى العلاج. وعانت غزة تحت وطأة الحصار من نقص شديد فى البضائع الأساسية، ومواد البناء التى كانت فى أمس الحاجة إليها لإعادة تعمير القطاع الذى دمرته قوات الجيش الإسرائيلى العام الماضى. وبدأت مصر فى ديسمبر الماضى فى بناء حائط فولاذى على الحدود مع غزة. ورأت الصحيفة أن مصر تبرر إغلاقها للحدود بأنها تحاول إلقاء المسئولية على الإسرائيليين، فمصر تعتبر غزة خاضعة لسلطة الاحتلال الإسرائيلى، ووفقا للقانون الدولى يتعين عليها توفير الاحتياجات الأساسية للغزاويين، فهذه ليست مسئولية مصر، والسماح بمرور البضائع من معبر رفح سيرفع بالضرورة الضغط من على كاهل إسرائيل لوضع نهاية للحصار المفروض على القطاع. ولكن تلقى مصر بطائلة اللوم كذلك على حماس، فهى تعتبر استيلاء حماس على غزة غير قانونى، وتقول إنه لا يمكنها أن تفتح المعبر أمام حركة المرور العادية بدون العودة لمسئولى السلطة الفلسطينية والمراقبين الأوروبيين الذين كانوا يديرون المعبر والذى كان يستخدم لمرور الأشخاص وليس البضائع وذلك قبل سيطرة حماس. ونقلت ساينس مونيتور عن حسام زكى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، قوله إن حماس مسئولة جزئيا عن إغلاق الحدود بسبب رفضها التوقيع على ورقة المصالحة التى تسمح بدخول السلطة الفلسطينية إلى غزة على الرغم من مضى أشهر طويلة فى مباحثات ترعاها مصر. وخلصت الصحيفة إلى أنه على الرغم من مصر لديها العديد من الأسباب الخاصة لإبقاء معبر رفح مغلقاً، إلا أن الكثيرين يعتقدون أن القرار ناتج – جزئياً – من ضغوط الولاياتالمتحدة والتى تمنح مصر حوالى 2 مليار دولار من المساعدات سنوياً، وتحب أن تضعف من دور حماس فى المنطقة. غير أن حسام زكى يرفض هذه الفكرة، وصرح مسئول بالسفارة الأمريكية بالقاهرة للصحيفة أن حماس قد قطعت الطريق على إعادة إعمار غزة برفضها شروط المجتمع الدولى بأن يكون جزءاً من العملية السياسية. ورأت الصحيفة أنه إذا كان الدافع الحقيقى لهذا الحصار هو إضعاف دور حماس و تشجيع المصالحة الفلسطينية، فقد يكون لذلك عواقب غير مقصودة، حيث أن إسقاط شعبية حماس فى قطاع غزة سيجعلها أقل ميلاً لتوقيع اتفاق مصالحة من شأنه أن يؤدى إلى انتخابات.