ننشر الحصر العددي لنتائج انتخابات مجلس النواب في الدائرة الأولى بالبحيرة    وزير العمل يوقف نشاط شركة لإلحاق العمالة بالخارج بعد رصد مخالفات قانونية    رئيس مياه القناة: إصلاح الكسور المفاجئة وتغير المواسير المتهالكة ب PVC    "البحوث الزراعية" يوقع بروتوكولا مع 'الاتحاد الأوروبي" لتدريب 400 ألف مزارع قمح    المشاط تبحث الأولويات القطاعية للمشروعات الاستثمارية بالتعاون مع "جايكا"    الملف النووي والأوضاع الإقليمية.. مباحثات هاتفية بين وزيري خارجية مصر وروسيا    وزير الخارجية يناقش مع نظيره الروسي مشروعات التعاون وقضايا غزة والسودان وأوكرانيا    نجل البرغوثي يكشف تعرض والده لكسور بالضلوع وقطع بالأذن في سجون الاحتلال    واشنطن ترفع عقوبات عن شركة روسية وماكرون يحذر من خيانة.. ماذا حدث؟    تعرف على نظام قرعة كأس العالم 2026.. ينقسم إلى طريقين    صلاح مصدق يعود للمغرب بعد فسخ عقده مع الزمالك    وسام أبو علي: نسعى للفوز على سوريا وسأبقى مع فلسطين حتى النهاية    الضحية طالبة.. تفاصيل فيديو صادم بالشرقية    العثور على جثة طفلة مجهولة الهوية بالترعة الإبراهيمية بسمالوط شمال المنيا    إتاحة خدمة إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية عبر مكاتب البريد بالتعاون مع مصلحة دمغ المصوغات والموازين    بمناسبة اليوم العالمي للتطوع، 35 ألف متطوع لدى صندوق مكافحة الإدمان    الفيلم اللبناني Suspension بمهرجان القاهرة للفيلم القصير بعرضه العالمي الأول    بعد وفاته، 5 معلومات عن عازف الكمان قيس جمعة    طليق بوسي تريند البشعة: لم أشارك في أي جلسات لإثبات براءتها    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصف رفح وحي التفاح شرق غزة    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    قرعة كأس العالم 2026.. منتخب مصر فى مواجهة محتملة ضد المكسيك بالافتتاح    لليوم ال 5.. التموين تواصل صرف المقررات و المنافذ تعمل حتى 8 مساءً    "Cloudflare" تعلن عودة خدماتها للعمل بكامل طاقتها مجددًا بعد انقطاع عالمي واسع النطاق    بدءًا من الغد.. منخفض جوى وعواصف رعدية وثلوج فى لبنان    منال عوض تؤكد: وزراء البحر المتوسط يجددون التزامهم بحماية البيئة البحرية والساحلي    وزير الدفاع ورئيس الأركان يعقدان عددا من اللقاءات الثنائية    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    محافظ الجيزة: توريد 20 ماكينة غسيل كلوي ل5 مستشفيات بالمحافظة    قافلة طبية بقرية أبو عدوي في دمياط تقدم خدمات مجانية لأكثر من ألف مواطن    حالة الطقس.. تحذير عاجل من نشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق    جهاد حسام الدين تنضم إلى مسلسل عباس الريّس في أول تعاون مع عمرو سعد    وكيل تعليم القاهرة تشارك بفعاليات لقاء قيادات التعليم ضمن مشروع "مدارس مرحبة ومتطورة"    مصر تستضيف النافذة الثانية من تصفيات كأس العالم للسلة    تفاصيل القصة الكاملة لأزمة ميادة الحناوى وحقيقة لجوئها ل AI    خرست ألسنتكم داخل حناجركم    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    تقارير: الدوري السعودي مستعد للتعاقد مع محمد صلاح    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب (بث مباشر)    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    "المشاط" تشهد فعاليات جوائز التميز العربي وتهنئ "الصحة" لحصدها أفضل مبادرة عربية لتطوير القطاع الحكومي    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    حوكمة الانتخابات.. خطوة واجبة للإصلاح    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف وصل سعر لوحة فاروق حسنى إلى 50 ألف دولار
نشر في اليوم السابع يوم 14 - 01 - 2015

نحن ننظر إلى السماء كلما واتتنا الفرصة، وما من مرة ننظر فيها إلى السماء إلا ونشعر بالارتياح الكبير، نتأمل أشكال السحب وألوانها المتدرجة ما بين الأبيض الناصع والرمادى الداكن، نفتتن بلون السماء الأزرق إذا ما كانت صافية، نشعر بانقباض كبير إذا ما كانت السماء شاحبة، نراقب فعل الشمس فى بياض السحب وزرقة السماء، نتأمل الشمس وقت الشروق فيصيبنا السحر، نتأملها فى الغروب فيزيد سحرها ويتعاظم، وما أن تغيب الشمس تمامًا حتى تكتسى السماء بالنجوم، فيصبح السحر غواية، ويتحول الافتتان إلى فتنة كاملة الأوصاف، نشعر بأحاسيس بالغة القوة، ألوان السماء ومزيجها الفريد كفيلة بأن تعصف بحالتنا الشعورية، وتبدلها من حال إلى حال، الغريب أننا نشعر بكل هذه المشاعر ويمسنا كل هذا السحر دون أن نسأل أنفسنا عن السر.
نفس الحالة تنتابنا حينما نسمع الموسيقى المجردة، نغرق فى مشاعرنا دون أن تبوح لنا النغمات بأسرارها، فليس للموسيقى قواميس شارحة، ولا يستطيع أحد أن يخبرنا بمعادل «كلامى» للنغمات التى يسمعها، ونحن حينما نصف شعورنا بالموسيقى فنقول إنها موسيقى حزينة أو موسيقى مفرحة لا نصف «الموسيقى» إنما نصف «شعورنا»، وكلما زاد رُقى المستمع وزادت خبرته الموسيقية تضاعف شعوره بالموسيقى، واستمتاعه بها، دون أن نسأل أنفسنا: ما السر وراء هذه المتعة المباغتة؟
أسئلة كهذه كثيرًا ما تستوقفنى حينما أقرأ أو أسمع لمن يسخر من الفن التجريدى بشكل عام، وفن فاروق حسنى على وجه الخصوص. وفى الحقيقة فإن فاروق حسنى «الفنان» ظلم كثيرًا بمنصبه السابق كوزير ثقافة، وفى الحقيقة أيضًا فإن وجهة نظرى فى «فن» فاروق حسنى تأثرت كثيرًا بما كان يقال عنه كوزير، فكثيرون من أقرانه من الفنانين يكيلون له القدح، ويبخسون قيمته الفنية باعتباره منافسًا لهم، مدعين أن ما يباع من لوحات لفاروق حسنى لا ينبع من قيمته الفنية، لكن ينبع من منصبه، ويلمحون إلى أن لوحاته كانت «رشاوى» مقنعة من رجال أعمال مرتبطين بعلاقات وأعمال مع الوزارة، وبناء على هذا وصف الكثيرون لوحات فاروق حسنى باعتبارها «شخبطة»، وأصبحت عند بعض الناس مثالًا للسخرية، حتى أن بعض الشباب تهكموا على تلك اللوحات بفيديوهات انتشرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعى تحت عنوان «كيف ترسم لوحة كلوحات فاروق حسنى وتباع ب50 ألف دورلا»، وفى هذا ظلمان كبيران للفن التجريدى، وفن فاروق حسنى على حد سواء.
المشكلة الحقيقية تكمن فى أن الهجوم على فن فاروق حسنى بهذه الطريقة الساخرة تشوه مدرسة حقيقية من مدارس الفن التشكيلى وتوصمها وصمة أبدية، وهذه جريمة كبيرة يرتكبها الكثيرون دون أن يشعروا، فلم تنشأ مدارس الفن التجريدى عبثًا أو دون معنى كما يتخيل البعض، لكنها نشأت لتسد فراغًا كبيرًا فى حياتنا التشكيلية، نشأت بعد أن أيقن الفنانون أن كل ما هو مجسد محكوم عليه بالفناء، نشأت بعد أن ملّ العالم من الرسومات التشخيصية، وأصبحت تحمل الكثير من «الصنعة» والقليل من الموهبة والرؤية، نشأت بعد أن حاول الفنانون أن يصلوا بفنهم إلى لغة فنية عالمية، يشعر بها الجميع دون تمايز، نشأت بعد أن حاول الفنان أن يستخدم لغة تختلف عن اللغات المتعارف عليها، وأن يستخدم الألوان وفق مفهوم خاص، وأن يصل بريشته إلى ما لم تستطع عيناه أن تصل.
هذا ما يتعلق بالفن التجريدى بشكل عام، أما ما يتعلق بفن فاروق حسنى على وجه التحديد فقد أسهم فى تغيير وجهة نظرى عنه شيئان، أننى تيقنت منذ زمن طويل أنه يتعرض للكثير من الافتراءات الإعلامية، خاصة أنه حصل على الجائزة الأولى فى مهرجان كان سير مير بفرنسا 1972 أى قبل توليه الوزارة بخمسة عشر عامًا، وهى جائزة رفيعة فى مهرجان رفيع كان كبار الرواد من الفنانين يحرصون على عرض لوحاتهم فى جنباته– جاذبية سرى على سبيل المثال- وأما ثانى شىء فإنى قد علمت أن لوحات فاروق حسنى قبل توليه الوزارة كانت تباع بأسعار عالية مقارنة بعصرها، فقد اشترى الدكتور محمد أبوالغار، وهو أحد أهم مقتنى الفن التشكيلى فى مصر، إحدى لوحات حسنى فى أوائل الثمانينيات بألف جنيه للوحة، ويعد هذا الثمن غاية فى الارتفاع إذا ما قارناه بأسعار أكبر رواد الفن التشكيلى وقتها أمثال عبدالهادى الجزار، وحامد ندا، حيث أكد لى أحد المقتنين أنه اشترى لهما لوحات فى 1985 بخمسمائة جنيه، فى حين تصل لوحات الجزار الآن إلى ثلاثة ملايين، كما تصل لوحات حامد ندا إلى مليون جنيه.
هكذا نتأكد من أن فاروق حسنى قد ظلمه منصبه مرتين، الأولى حينما نال كثيرًا من النقد الانتقامى من معارضيه كوزير للثقافة، والثانى حينما نال الكثير من المدح من شخصيات معروف عنها أنها تجيد نفاق المسؤولين ومداهنتهم، لكن فى الحقيقة فإنه يكفى فاروق حسنى «الفنان» فضلًا أنك نادرًا ما تخطئ فى نسبة لوحاته إليه، ويكفيه أيضًا أنه مازال بعد خمسين عامًا من الفن قادرًا على أن يغير من أسلوبه، وأن يبتكر ألوانًا جديدة من التعبير التجريدى والتجسيدى فى آن واحد، وخير دليل على هذا معرضه الأخير الذى شكل صدمة كبيرة لكل متابعى الفن التشكيلى فى العالم العربى، والذى وصلت فيه أسعار بعض لوحاته إلى 50 ألف دولار، وهو ما يؤكد أن سنوات الظلم الفنى التى تعرض لها حسنى قد بدأت فى الزوال، كما يؤكد أن منصب فاروق حسنى السابق قد أثر بكثير من السلب على مسيرته الفنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.