خلال شهور قليلة استطاع الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة أن يرسم 80 لوحة ليفتتح بها معرضه السنوى فى قاعة أفق بمتحف محمد محمود خليل .. تصوير: محمد لطفى الوزير أعلن أنه لا يقيم أى معارض خاصة إلا إذا كان سيقدم جديدا ، وهذا العام حدثت طفرة ولذلك " أبدع " كل هذه اللوحات .. المدهش أن ضيوف المعرض معظمهم لا علاقة لها بالفن التشكيلى ولا الفن التجريدى الذى يتميز به الوزير ، حيث حضرت الفنانة هيفاء وهبى والفنانة لبلبة والفنانة الشابة دنيا وهشام عبد الحميد ورزان مغربى .. أما الوزير فلم يهنأ بمعرضه على الإطلاق بسبب محاصرة أكثر من 15 فضائية له لدرجة أن الوزير خرج من معرضه عدة مرات ليهدأ قليلاً ثم يعود مرة أخرى .. ولم يقم بشرح معرضه او توضيح الفلسفة الكامنة وراءه ، فالمعرض يحمل عنوان " قلب المعنى .. 2011 " فى إشارة للعمق فيما رواء الإدراك عبر مجموعة من الشخابيط – هكذا تبدو لمن لا خبرة له بهذا النوع من الفن - والألوان والمربعات والمكعبات والمستطيلات المتداخلة .. على كل حال .. نحن حاولنا أن نفهم ما مغزى هذا الكم الهائل من اللوحات التى ترونها أمامكم الآن... ولذلك التقينا الفنان الكبير مصطفى حسين فى محاولة لفهم أعمال سيادة الوزير ، فقال لنا باختصار: فاروق حسنى هو فنان تجريدى ..ولازم نضع خطاً تحت كلمة تجريدى ، فهو لا يمكن فهمه لأن التجريد عبارة عن نغمات موسيقية غير مرتبطة ، وهنا أسألك لو أنت أحضرت نغمات متفرقة عن بعضها هل ممكن تفهمها ؟.. طيب النغمة نفسها هل يمكن ان يكون لها معنى؟ طبعا لا .. كذلك الحال فى اعمال فاروق حسنى فهى عبارة عن تركيبة لونية فى أشكال معينة متداخلة وهى أعمال غير مفهومة كما قلت وإنما يمكن أن نشعر بها أو نحسها لو ركزنا فيها .. أيضا البشر يختلف استقبالهم للأعمال الفنية حسب قدرتهم على التذوق ، فإذا كنت تستطيع أن تتذوق هذه الأعمال فأكيد ستشعر بها .. إذن هى مسألة حس ولا علاقة لها بالفهم المباشر وكل واحد وإحساسه .. ويضيف الأستاذ مصطفى حسين: أعمال فاروق حسنى ذات طبيعة خاصة ولا يجب أن ننظر لها باعتبارها بورتريهات عادية ، فهذه الاعمال تتخطى هذه المرحلة وأنا أعتبرها سيمفونية موسيقية تتناغم فيها الألوان مع بعضها لتعطى هذا الإيقاع .. والمعرض هذا العام ملىء بهذه التكوينات وهذه الأعمال الفنية . ومن ناحية أخرى فقفد حرص الوزير الفنان على توزيع كتاب يضم شهادات عدد من المبدعين حول أعماله إلى جانب محاولة تبسيط وشرح طبيعة هذا المعرض .. وما هو قادم هو بالنص وجهة نظر المبدعين ولذلك عفواً لو لم تكن بعض الجمل والعبارات واضحة .. ويذكر الكتاب كيف أن فاروق حسنى قد سجل فى هذا المعرض انتصارا لدسامة " العجينة اللونية " فأتت كثيفة سخية ، وحتى فى المواضع التى نستشعر فيها شفافية اللون على اللون لا نعدم الاحساس ب " طراوة " الطبقات فوق الطبقات .. أما عن الشحنة العاطفية فى أعمال حسنى هذه المرة فقد تخلى عن خطته الحركية الإنفجارية المعتادة إلا فى القليل من الأعمال وتبنيه خطة سكونية تأملية طبعت أعمال المعرض فى عمومها بطابع من التشبع الوجدانى إذ تستشعر وأنت توالى التطواف بين اعماله أن ثمة من يناجيك شاكيا عدم اكتمال مشاعره ساردا إلى ناظريك حكايات لم تكتمل من حب لم يبلغ ذروته .. المعانى لا نهاية لها فى هذا الصور ومهما كثرت الصور فإنها عاجزة عن الإحاطة بجميع المعانى !! أما عن الموسيقى فى أعمال حسنى فهى تنصاع لشكاية ذلك الوجد المبتسر فتخفف من صدع غنائياتها المعتادة وتكتفى بترجيع أصدائها الداخلية أما عن الخامة المستخدمة فى اللوحات فهى خامة الأكريليك التى تشبه طبيعته الحركية الدافقة حيث أنها مادة إنفجارية ورمانة ميزان لترسيخ المعانى والعناصر .. أما عن سر تسمية المعرض بهذا الإسم هو أن قلب المعنى هو تحول تتفاوت معه الدلالات الناجم عن تنوع صياغاته ، فالمعنى هو المفهوم الظاهر فى عموم الصورة أما قلب المعنى فمرحلة تتجاوز المعنى الظاهر إلى المستوى الباطنى فى الإشارة والإستعارة وهى مرحلة يكون فيها التفاوت فى مغزى الصورة مدينا لتكيثف الصياغة .. إن قلب المعنى يقوم على مستويات متفاوتة فى الدلالة والتأثير معا .. واخيرا إن أعمال حسنى هى وسيلة لاستبطان ذاته واكتشاف العالم من حوله فهو يتأمل ويرتاض روحيا بالفن مستعيضا عن الكلمات الشارحة بمطلقية اللألوان طامحا لعناق السرمدى والخالد الابدى .. فاروق حسنى يسعى خلف النفس، فهو لا يرسم بريشة مصرية او فرنسية او إيطالية وإنما كل ذلك .. هو يسعى خلف العواطف وخلف المشاعر فموهبته فى الرسم تتعدى العمالقة الكبار أمثال ميرو وكاندينسكى وتابيس من عمالقة التجريدية .. حسنى يكشف عن مسارات ذاتية داخلية والتى يشير إليها على أنها إيقاعات من خلال الرسم، .. حسنى هدية للفن !!. عموماً وكما قلنا من قبل فى موضوع سابق عن لوحات الوزير فاروق حسنى .. الفنون جنون ولولا اختلاف الأذواق لبارت لوحات الوزير الفنان ، لكن ما رأيك لو تحاول أن تتأمل هذه اللوحات وتكتب رأيك .. قل لنا أنت فهمت إيه ؟! ولو عايز تفاصيل أكثر يمكنك أن تقرأ أيضاً : ماذا تفهم من لوحات سيادة الوزير ؟!