مجلس الشعب طرحت إحدى صفحات الصحافة المحلية على شبكة التواصل الاجتماعى منذ أيام قليلة لقاء مع أحد نواب مجلس الشعب السابقين فى دائرتى.. عاد الرجل ليطل من جديد بنفس السحنة المتوردة المشبعة بالثقة الكاذبة البعيدة كل البعد عن الحياء وحمرة الخجل، وقد صرح سيادة النائب السابق الذى هو على أعتاب السبعين من العمر إنه عائد لاستكمال الخدمات التى بدأها فى التسعينات لأهل دائرته واستكمال مشاريع الصرف الصحى بمدينته. جعلنى هذا التصريح فى حيرة حقيقية من أمرى، هناك خلط واضح وجلى بين الوظيفة الحقيقية لعضو مجلس النواب وما استتب عليه الأمر فى العقود السابقة.. ففى العقود السابقة ودوناً عن كل دول العالم من الأولى للثالثة للدول الفاشلة، عضو مجلس النواب هو طرف تشريعى يعمل بندية مع كل أجهزة الدولة بل تمتد صلاحياته فى بعض الدساتير فى الأنظمة البرلمانية لعزل الرئيس، ويمارس الشعب سلطاته عن طريق انتخاب مجموعة من الصفوة الفكرية المتنوعة أيدلوجياً لتمثل طوائف المجتمع وتعمل كطرف تشريعى ورقابى يقيم أداء الحكومة ويحاسبها ويراقب ميزانية الدولة وأوجه صرفها ويعدل الدستور ويعلن الحرب ويوافق على الاتفاقيات، فعضو مجلس النواب كما يقول الكتاب هو صوت الشعب أمام السلطة ينقل ما يدور فى الأزقة والشوارع إلى قاعات النقاش واتخاذ القرار ويعمل مع كل نائب مجموعة من المتخصصين فى مجالات متعددة لتحضير مشاريع القوانين وتقديم الاستجوابات وتقييم الميزانية و إبداء الآراء، ولكن للأسف الشديد فمصر التى نشأت الحياة النيابية فيها عام 1866 أى قبل وجود دول برمتها على خريطة العالم اليوم لم تهتد بعد إلى طريقة فعالة لاستغلال هذا المنبر الذى يفترض أن يكون ديمقراطياً. فمنذ ما يقرب من نصف قرن وصورة مجلس الشعب ما هى إلى إنعكاس لحالة التخبط المجتمعى التى يعيشها الشعب تحت وطئة أنظمة تحاول إضعاف كل خصومها السياسين، فأصبح مجلس الشعب ما هو إلى قاعة تضم بين جنباتها عدد من صاحبى النفوذ والعصبيات ويتم مخاطبة ود الجماهير أيام الانتخابات فقط وإذا امتد الأمر لبعد ذلك يكون دور النائب هو فقط مطارد للوزراء للحصول على إمضاء هنا وتأشيرة هناك لحفر ترعة أو تعيين قريب فى قطاع مميز فى الدولة، ويرد لهم الجميل بالطبع برفع يده للموافقة على قرارات ناقشها صورياً فقط أمام عدسات التليفزيون وأصبح دور رئيس مجلس النواب أن يعلن كلمة موافقة بعد كل قرار حتى أصبحت هذه الكلمة وصمة عار تطارد أعضاء المجلس السابقيين، فكيف بهذا النائب الذى يستجدى الطلبات من ذوى السلطة والوزراء أن يقف ويطلب أحدهم لاستجواب أو مناقشة قرار، أين التكتلات الحزبية، أين الأحزاب أصلاً، لا أحد يعرف! إذا لم يتم تفعيل وإعادة هيكلة واختيار أعضاء مجلس النواب القادم بصورة تحقق تطلعات الشعب وتعبر عن ما يدور فى الشارع بحق وظلت القبة التشريعية منفصلة عن الواقع كما حدث فى السابق.. فسينفصل عنها الشارع تماماً كما فعل فى السابق.. فسيشاهد الناس جلساته فقط للضحك والتندر على المستوى المتدنى لنوابه.