تعد ظاهرة العنف ضد المرأة من أخطر الآفات الاجتماعية الراهنة، التى تجتاح أغلب مجتمعات العالم بصفة عامة، ولعل من أهم المؤشرات، التى تعكس درجة خطورة هذه الظاهرة تزايدها وانتشارها على نطاق واسع.. فقد ازداد انتشار السلوك العدوانى فى كثير من مجتمعات العالم، وأصبح العنف ضد المرأة ظاهرة اجتماعية يعكس الجانب الانحرافى المهدد للبنية الاجتماعية للأسرة وللمجتمع.. وبالنظر لما تلحقه هذه الظاهرة من أضرار جسمية ونفسية واجتماعية للمعتدى عليه، لم تعد ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة فردية فحسب، بل أصبحت ظاهرة اجتماعية تهدد أمن واستقرار المجتمع على حد سواء. فقد جاء تقرير الأممالمتحدة ليعبر عن أشكال العنف المختلفة ضد المرأة حول العالم مثيرًا للشجون والألم، وكاشفًا عن حجم الانتهاكات الصارخة، التى تتعرض لها النساء حول العالم، ويمكن القول إن التقرير قد شمل المحلى والقومى والإقليمى والدولى، فيما يتعلق بأشكال العنف، التى تواجهها المرأة حول العالم، يرى التقرير أن العنف الموجه، ضد المرأة هو عنف قائم على أساس نوع الجنس، "وهو العنف الموجه ضد المرأة بسبب كونها امرأة، أو العنف، الذى يمس المرأة على نحو جائر.. ويشمل الأعمال، التى تلحق ضررًا أو ألمًا جسديا أو عقليًا أو جنسيا بها، والتهديد بهذه الأعمال، والإكراه، وسائر أشكال الحرمان من الحرية"، وهو يرى أن العنف ضد المرأة لا يقتصر على ثقافة معينة أو إقليم معين أو بلد بعينه، فالعنف ضد المرأة موجود فى كل مكان تقريبًا، لكن درجة شدته، ومدى قبوله، تختلف من مجتمع لآخر ومن سياق اجتماعى لآخر ويتأثر العنف ضد المرأة فى التحليل الأخير بدرجة تقدم أو تخلف السياق الاجتماعى، الذى توجد فيه.. فالعنف يزداد حيث تواجه المرأة مستويات معيشية متدنية، والعكس أيضًا صحيح.. من هنا يمكن القول بأن العنف ضد المرأة لا يرتبط بعامل مجتمعى وحيد، بقدر ما يرتبط بشبكة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والدينية والعرقية والإثنية، تتشابك فيما بينها لتولد تلك الأسباب المؤدية للعنف ضد النساء والداعمة له.. وهذا ما يؤدى إلى تعدد المنظورات المختلفة، التى يجب أن تشترك فى الكشف عن شبكة العنف ضد المرأة مثل الدراسات النسوية، وعلم الجريمة، والتنمية، وحقوق الإنسان، والصحة العامة، وعلى الاجتماع، وعلم النفس، والتاريخ، والدين، والبحوث القانونية والتشريعية: إن العنف ضد النساء ليس شيئًا عابرًا يتم التعامل معه بتبسيط مخل، فالعنف ضد المرأة هو عنف شامل ضد المجتمع، وهو شىء خطير وينذر بهلاك المجتمع ذاته على المدى البعيد، لذلك كان من اللازم توجيه كافة التخصصات والمنظورات البحثية المختلفة للوقوف على مواطن العيب المؤدية لارتفاع نسبة ممارسة العنف ضد النساء فى أماكن عديدة من العالم.. ولعل ذلك هو ما جعل التقرير يؤكد على ضرورة ربط العنف ضد النساء بمسألة انتهاك حقوق الإنسان؛ فإذا ما قبلت المجتمعات الإنسانية المرأة بوصفها عنصرًا فاعلًا وهامًا فيها، وإذا ما تعاملت مع المرأة على أنها كائن إنسانى مثلها فى ذلك مثل الرجل ومثل الأبناء الذكور، فإن قضية العنف الموجه ضد المرأة سوف تنتقل من مجرد قضية تعاطف تجاه المرأة، إلى قضية مجتمعية ودولية يجب محاربتها لما لها من آثار سلبية على مسيرة المجتمعات الإنسانية بعامة كشف التقرير عن الممارسات الواسعة المتعلقة بختان المرأة فى أماكن عديدة من العالم، حيث يُقدر أن أكثر من 130 مليون بنت وامرأة يعشن اليوم قد تعرضن لهذه العملية، معظمهن فى إفريقيا وبعض بلدان الشرق الأوسط، كما أثبتت بعض الدراسات وجود هذه العملية فى أوساط بعض الجاليات المهاجرة فى أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا. ومن الأمور الهامة، التى تناولها التقرير ما تتعرض له النساء أثناء الحروب والصراعات المسلحة، ومعلوم أن النساء والأطفال هما الفئتان اللتان تدفعان ثمنًا باهظًا فى أوقات الحروب والصراعات من طرفى النزاع.. ويقدر التقرير أن ما يتراوح بين20000 و50000 امرأة قد اغتُصبن فى البوسنة من قبل القوات الصربية. كما أشار التقرير إلى الآثار الاجتماعية الناجمة عن العنف ضد المرأة، وانتقال هذه الآثار عبر الأجيال. ففى سرى لانكا أدى النزاع المستمر إلى خلق ثقافة عنف ضد المرأة حدًّت من مشاركتها السياسية. كما أشارت العديد من الدراسات إلى أن العنف ضد المرأة فى الأسرة والعنف الاجتماعى متصلان اتصالًا وثيقًا بما أن ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة قديمة وكبيرة الاتساع منذ أن كانت فى العصر الجاهلى تباع المرأة وتشترى، وتوأد فى التراب وهى حية، فلا نتوقع أن يكون حل هذه الظاهرة أو علاجها آنيا وبفترة قصيرة. وإنما لابد من كونه جذريا وتدريجيا من أجل القضاء عليها أو الحيلولة إلى إنقاصها بأكبر قدر ممكن. وذلك عبر: العمل على تكوين مؤسسات تهتم بشؤون الاسرة توفر اماكن للمعنفين الذين لا يقبل اهاليهم الرجوع اليهم ويكون بهذه المؤسسات اخصائيون اجتماعيون واخصائيون نفسيون قادرون على العلاج النفسى وقانونيون للعمل على توضيح الحقوق القانونية للمعنفين والدفاع عنهم كذلك يكون لهذه المؤسسات فروع مكاتب للارشاد والتوجيه فى مجال الاسرة وتعمل على نشر الوعى بين الاهالى لاهمية استقرار الاسرة. * الرجوع إلى القانون الإلهى والشريعة الإسلامية التى تعطى للمرأة كامل حقوقها وعزتها وكرامتها، كما وتقدّم لها الحماية والحصانة الكاملة. وينظر إليها كإنسانة لها ما للرجل وعليها ما عليه، وأنها مساوية له فى جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل، (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء) (النساء1). وقد أثبتت التجربة أن القوانين الوضعية لم تتمكن من إعطاء المرأة حقوقها وحمايتها، وإن كانت ترفع الشعارات لصالحها. * تطبيق هذه القوانين الإسلامية من قبل المسئولين كالحكومات والمؤسسات والمتصدين للأمور، ومعاقبة من يقوم بالعنف ضدها، كى تحس المرأة بالأمن والأمان وهى قابعة فى قعر دارها، أو عاملة فى محل عملها، أو ماشية فى طرقات بلدتها. * التوعية الاجتماعية سواء كان ذلك فى المجتمع الأنثوى أو فى المجتمع العام، إذ لابد من معرفة المرأة لحقوقها، وكيفية الدفاع عنها، وإيصال صوت مظلوميتها إلى العالم بواسطة كافة وسائل الإعلام، وعدم التسامح والتهاون والسكوت فى سلب هذه الحقوق، وصناعة كيان واعى ومستقل لوجودها. ومن طرف آخر نشر هذه التوعية فى المجتمع الذكورى أيضا، عبر نشر ثقافة احترام وتقدير المرأة التى تشكل نصف المجتمع بل غالبيته. * إن الدور التى تلعبه وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة فى بث العديد من الثقافات إلى جميع المجتمعات سلبا أو إيجابا واضحة للجميع، لذا من الضرورى تعميم هذه التوعية لتصل إلى هذه الوسائل لتقوم بالتغطية اللازمة لذلك. ولابد من تضاعف هذه الجهود بالنسبة إلى وسائل التلفزة لحذف المشاهد والمقاطع التى توحى من قريب أو بعيد إلى تدعيم ظاهرة العنف ضد المرأة. * إنشاء المؤسسات التى تقوم بتعليم الأزواج الجدد على كيفية التعامل الصحيح مع بعضهما البعض ومراعاة حقوقهما المتبادلة تجاه الآخر، وكيفية تعامل الزوج مع زوجته ليكون مصداقا لوصايا نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، فعن رسول الله (ص) : (اتقوا الله عز وجل فى النساء فإنهن عوان (أى أسيرات) بين أيديكم، أخذتموهن على أمانات الله).