قال السفير محمد صبيح، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية لشؤون فلسطين والأراضى العربية المحتلة، إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لا تزال تمارس سياسة التطهير العرقى منذ أكثر من 6 عقود ضد الشعب الفلسطينى. وأشار إلى أن بدو فلسطين يتعرضون بشكل خاص لهذا التطهير العرقى منذ عام 1947، حيث نال البدو الفلسطينيون فى منطقة النقب قسطاً وافراً من هذا التطهير. وأوضح السفير صبيح فى بيان له اليوم، الثلاثاء، إن ما صرح به وزير الزراعة فى الحكومة الإسرائيلية "يئير شمير" إنما كان يعكس توجها واسعا وسياسة تمييز عرقى للخلاص من بدو فلسطين اللذين هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطينى ويعيشون حياة البداوة قبل تواجد الأديان فى هذا الجزء من العالم. وأشار إلى أن التطهير العرقى ليس مقتصرا على فلسطين فهى فى كل دول الشرق الأوسط بل أن وحياة البداوة والبدو الرحل يتواجدون فى كثير من قارات العالم. وأشار إلى أن حكومة إسرائيل عملت على تهجير القبائل البدوية المتواجدة فى محيط القدس وغيرها كقبائل الكعابنة والهذالين والجهالين والرشايدة، ومما لاشك فيه أن ما قاموا به تجاه "قرية العرقوب" يعد أكبر دليل على الإصرار المتعمد على ذلك، إذ قاموا بهدمها 62 مرة. ونوه السفير صبيح بأن أخطر ما فى التصريح العنصرى ل"يئير شمير" هو ليس فقط مصادرة الأراضى وترحيل السكان قسرًا - وهو انتهاك صريح لمبادئ القانون الدولى- بل هو الذهاب إلى منعهم من الإنجاب وهو ما استعمل من قبل النازية قبيل الحرب العالمية الثانية، إلى أن هزم هذا المنطق من قبل الدول المتحضرة فى العالم التى لا تقبل ب"مبدأ النقاء العرقى"، وإنما المساواة بين البشر كما جاء فى ميثاق الأممالمتحدة. وأضاف: من المعروف أن يئير شمير هو ابن رئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق شمير وهو الذى ارتكب الكثير من المذابح والتطهير العرقى ضد الشعب الفلسطينى حينما كان ينتمى إلى "منظمة ليحاى" وقد وضع على قائمة الإرهاب الدولى فى حينها، وهو من ذهب ممثلا لإسرائيل فى مؤتمر مدريد الدولى وكان بصحبة رئيس الوزراء الحالى الذى ينتمى لنفس هذا التيار وفى حينها قال شمير: "سأفاوضهم عشرات السنين حتى لا يصلوا لسلام" ، وهو ما يحدث الآن. وأشار السفير صبيح إلى أن "سياسة التطهير العرقى" المتواصلة ضد الشعب الفلسطينى كان قد فضحها وكشف أبعادها الكاتب والمؤرخ الإسرائيلى البارز "ألان بابيه" فى كتابه "التطهير العرقى فى فلسطين"، هذا الكتاب أوضح بما لا يجد مكانا للشك أننا مقدمون على سياسة خطيرة مستمرة سوف تُحدث اضطرابا واسعا فى منطقة الشرق الأوسط إذا ما تم تنفيذها، وتابع: كما أن "أبراهام بورغ" الذى كان رئيساً للكنيست (البرلمان الإسرائيلى) ورئيساً للوكالة اليهودية كان قد أصدر كتابا تحت عنوان "حتى ننتصر على هتلر" يقول فيه "إن السياسة والاحتلال والعسكرة، تقتل شيئاً فشيئاً روح اليهودية"، كما عبر فيه عن غضبه وقلقه من تراجع القلق وتجذر النزعة العسكرية وعبادة القوة، وسخر من ذلك بقوله: "لنقتل عربياً، وعربياً آخر.. يا الله! لا بأس، وفى النهاية نرى أكواماً من الجثث الفلسطينية!"، وأضاف أن "اليوم الأهم فى حياة دولة إسرائيل عندما نعقد صفقة جيدة مقبولة علينا وعلى أعدائنا-جيراننا، ولا نحتاج إلى القنبلة". وقال إنه لعل ما وضعته الحكومة الإسرائيلية الحالية من سياسة للتطهير العرقى تمثلت فى "مخطط برافر" لترحيل الفلسطينيين من النقب، وهو الأمر الذى يمثل إحدى خطوات هذه السياسة. وشدد السفير صبيح على أن مسئولية كبيرة تقع على عاتق الأممالمتحدة والدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن لحماية ميثاق الأممالمتحدة وإلزام الدول جميعها بضرورة احترامه، كما أن الأمن والسلم الدوليين هى مسئولية جميع دول العالم للحفاظ عليها حتى لا يعود العالم إلى فترات سابقة تستباح فيها الحقوق والأراضى والدماء، وهو ما يحدث للشعب الفلسطينى الآن فى أرضه وأبنائه ومياهه ومقدراته وتاريخه ومقدساته وأطفاله، ثم تأتى مثل هذه السياسات التى تريد أن تطهره عرقيا بشكل مباشر وتمنع تكاثره. وفى نهاية البيان شدد السفير صبيح على أن جامعة الدول العربية تدين وبشدة هذه السياسة العنصرية، فإنها تطالب بملاحقة مرتكبيها وخاصة أنهم جزء من الحكومة الإسرائيلية الحالية.