إذا قرأت دفاع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى عن نفسه فى قضية قتل المتظاهرين فى ثورة يناير المجيدة ستكتشف أن مصر كانت جنة فى زمن العادلى ورئيسه مبارك! وإذا أمعنت التفكير فى كلام الوزير الشهير ستلعن ثورة يناير، وتلعن الشعب المصرى الساذج الذى خرج بالملايين فى تلك الثورة! قال العادلى أمام المحكمة مدافعا عن نفسه بجرأة يحسد عليها: (كنت أصلى الفجر وأمشى فى الشارع وأقوم بخدمة المواطنين) كما جاء بالنص فى موقع «اليوم السابع»، ثم يضيف الرجل عن مظاهرات 25 يناير: (فى اجتماع عقد برئاسة مجلس الوزراء وبحضور مجموعة وزارية مختصة تم دراسة المعلومات عن هذه المظاهرات واتفق على قطع الاتصالات.. مشيراً إلى أن جهاز الشرطة كان هدف المؤامرة التى تعرضت لها مصر). ثم أكمل وزير داخلية مبارك بثقة بعد أن أثبت أن ثورة يناير مؤامرة: (قراراتنا كانت لمصلحة الوطن.. والبراءات أعادت للشرطة هيبتها)! هذا بعض ما قاله العادلى أمام المحكمة، وكأنه يريد أن يغسل سمعته البائسة، فها هو يرى – مثل فريد الديب – أن ثورة يناير كانت مؤامرة، وأن جهاز الشرطة كان هدف هذه المؤامرة، لكن السؤال.. لماذا «تآمر» عشرون مليون مصرى على جهاز الشرطة الذى يترأسه العادلى؟ ولماذا ترك الملايين بيوتهم وجابوا ميادين مصر كلها مطالبين بإسقاط نظام مبارك، والعادلى رمز البطش فى هذا النظام؟ هل الأمريكان يمتلكون قدرة خارقة على إثارة مشاعر ملايين المصريين ضد مبارك كما زعم؟ أم أن الناس قد كفرت بمبارك ونظامه وشرطته بعد أن نهبوا البلد وهيأوها للوريث المدلل وسخروا من الملايين وأفقروهم واعتقلوهم وقتلوهم بغير ذنب (حكاية خالد سعيد أكبر مثال). لن يفهم العادلى أبدًا أن الشعب كله هو الذى ثار ضده وضد رئيسه فى 25 يناير، ولن يقتنع على الإطلاق أن ملايين المصريين استعادوا عافيتهم واحتشدوا فى الميادين ضد القهر والظلم والفقر والفساد التى تسبب فيها نظام مبارك طوال ثلاثين سنة سوداء.لن يفهم ذلك لأن الثورة ببساطة قد سرقت من الشعب، وعاد الفلول إلى الواجهة مرة أخرى!