احتفلت الدار المصرية اللبنانية مساء أمس، باليوبيل الفضي لتأسيسها، الاحتفالية التي استضافها المجلس الأعلى للثقافة وحضرها عدد كبير من المثقفين، والإعلاميين. افتتح الحفل الدكتور صلاح فضل، مشيرًا إلي دور الدار في الحركة الثقافية، وإلي المبادرة الغير مسبوقة في احتفالية تشهد حركة ثقافية، ونقاشًا جادًا لم نشهده من دور النشر الأخرى، فيما أشاد عماد أبو غازي، بالمشروعات الثقافية التي تتبناها الدار علي عاتقها من أجل تنمية الحركة الثقافية، بينما أكد محمد رشاد رئيس مجلس إدارة الدار المصرية اللبنانية، أن الدار لا تهدف من خلال الاحتفالية إلي الدعاية، بل تهدف للاحتفاء بالذين شاركوها مسيرتها، والتي رأت أن الحداثة والتجديد هما عنوانها، وهي تتواصل مع الموروث، وتحافظ عليه بالنشر والتحقيق وتقديم التاريخ العربي والإسلامي والتاريخ القديم للشعوب عبر عيون رائدة رائية تعد العيون الأبرز في مجالها الأكاديمي، وأكد رشاد أن خطة الدار في الأعوام القادمة تتمثل في عدِّة نقاط منها توصيل الآداب العربية إلي الغرب، توفير الكتاب الأجنبي للقراء والطلاب والباحثين من أجل التواصل، وأيضًا الكتاب المدرسي. وبعد الاحتفال أقيمت الندوة التي أدارها صلاح فضل الندوة التي عقدت بعنوان "الشعر العربي في مصر الواقع والتحديات"، شارك فيها كل من الشعراء فاروق شوشة، محمد إبراهيم أبو سنة، أحمد سويلم، والناقد والشاعر أحمد درويش، وأيضًا الشاعر والناقد الدكتور عبد اللطيف عبد الحليم. نفي فضل القول بأن الرواية قضت علي زمن الشعر، مشيرًا إلي أن القائلين بذلك يحتكمون إلي غزارة الإنتاج الكمي للرواية، وأيضًا بأن الشعر لم يعد لديه جمهور من الشباب، مؤكدًا أن من يرون أنفسهم من الشباب شعراء، يمتلكون أدواتهم الشعرية هم الذين ترتقي بهم لغتهم، ويواصلون مشوارهم الإبداعي، وأكد فضل أنه منذ أن غاب أبو سنة وشوشة عن الإعلام، غاب الشعر معهما، موضحًا أن الإعلام لدينا يحجب الكثير لأن القائمين عليه اُختيروا علي أساس قربهم من السلطة وليس لكفاءتهم، وتابع، منذ أن غاب العقل النقدي المستنير لم نعد نقرأ قصيدة جيدة في صحفية من الصحف المصرية. وأكد شوشة علي أننا نعيش حالة انهيار كبيرة جدًا، تتمثل في شتي مناحي الحياة، موضحًا أن طالب المرحلة الثانوية لديه القدرة علي قراءة نص روائي، في حين أن أستاذ الجامعة لا يمكنه قراءة قصيدة قراءة صحيحة؛ وذلك لأن الشعر يتطلب ذائقة لغوية قلما نجدها في أيامنا هذه، إضافة إلي ما طرأ علي المجتمع من تطورات التكنولوجيا، والتي أصبحنا نجد أثرها في نصوص الرواية كما فعل الروائي إبراهيم عبد المجيد في روايته "في كل أسبوع يوم جمعة"، فالروائي متاح له أن يناقش تفاصيل الحياة وأن يعرض وجهات نظره سواء تتفق مع القارئ أو لا، مما يتيح للقارئ أنْ يجد ما يبحث عنه في الرواية، أما الشعر فلا، مؤكدًا أن الشعر لا يجنح لعوالم بعيدة عن الواقع، ولكن أساس الشعر هو التذوق، مضيفًا "أكاد أري نماذج شعرية تستفيد من السرديات، ولحسن الحظ أن الروائيون لم يختلفوا كما اختلف الشعراء، وربما كان هذا تأكيدًا علي أن الرواية تبوأت المكانة الحقيقة، وعلي النقاد أن يحددوا مصيرنا". وأكد أبو سنة، علي أن الإعلام المصري يهمش الشعر ولا يقدم لنا شاعرًا حقيقًا، كما أشار إلي قصيدة النثر وكيف أتُيح لها من الوسائل المختلفة الهائلة التي أصبحت تمثل طوفان يغمر الواقع. وأوضح سويلم أن الكتابة النثرية لا تحتاج لجهد ومشقة كما يبذل الشاعر مشقة في خلق صورة شعرية، ومشيرًا إلي أن جمهور الشعر تقلص حتى أصبح جمهور الشعر هم الشعراء أنفسهم، والدليل علي ذلك الفرق في حضور جمهور القصة والرواية وجمهور الشعر في الندوات. وأكد درويش أن الشعر بحاجة لأن تتسع نظرتنا إليه، وأنه مهدد بأن يفقد هويته وشخصيته إذا ما بقينا في تغافل عنه. بينما أكد عبد اللطيف قائلاً "أنا مع حركات التجديد بشرط أن تعطيني قاعدة أو أساس"، وأضاف "من يرزق الموهبة يكتب شعرًا، ولا توجد قصيدة نثر". وأكد إبراهيم عبد المجيد في مداخلة له، أن القول بأننا نعيش في زمن الرواية "كلام فارغ"، مضيفًا "إن الشعر تنازل عن قافيته فتنازل عنه جمهور من الشعراء، ثم ذهب إلي قصيدة النثر فذهب عن جمهوره، وكثيرًا ما أقرأ قصيدة نثر وأجدها قصة قصيرة".