رئيس جامعة المنصورة يفتتح مجمع الاختبارات الإلكترونية بكلية التجارة    وزير العمل: نتعاون مع القطاع الخاص لتطوير منظومة التدريب من أجل التشغيل    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    إحالة 20 مفتشا وإداريًا بأوقاف بني سويف للتحقيق    الإحصاء: معدل البطالة يتراجع إلى 6.3٪ بالربع الأول من عام 2025    بدء اختبارات المرشحين على 185 فرصة عمل بالإمارات| صور    في اليوم الدولي للأسر .. مفتي الجمهورية يؤكد: صمود الأسرة الفلسطينية في وجه آلة القتل والدمار شاهد على خذلان المجتمع الدولي لقيمه المعلنة    استجابة فورية لنجوم الكرة.. وتجاهل للمدنيين.. هل يغطي السيسي على دور حفتر في التصعيد بليبيا؟    عضو مؤسس بحزب العمال الكردستاني: علينا إيصال عملية السلام والمجتمع الديمقراطي إلى النجاح    اجتماع الخطيب بريفيرو.. مطالب برحيل دونجا.. قرار لجنة الاستئناف.. والزمالك ينهي أزمة بوطيب| نشرة الرياضة ½ اليوم    مصدر من الزمالك ل في الجول: سددنا مستحقات بوطيب.. وخطوة قبل فك القيد    اندلاع حريق في منزل بالشرقية| صور    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    محافظ الفيوم: الدولة تولي اهتماما كبيرا بالأمهات لمشاركتهن في كافة المجالات    طرح الإعلان التشويقي لفيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» قبل عرضه بمهرجان كان السينمائي    ياسمين رئيس تقابل يسرا فى فيلم "الست لما" بعد عيد الأضحى    وزير الصحة يكرم رئيس قسم النساء والتوليد بمستشفى المنيرة    محسن صالح يكشف لأول مرة تفاصيل الصدام بين حسام غالي وكولر    محافظ الجيزة يكرم 280 عاملا متميزا بمختلف القطاعات    ضمن خطة تطوير الخط الأول للمترو.. تفاصيل وصول أول قطار مكيف من صفقة 55 قطارًا فرنسيًا    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    غلق مستشفى و11 عيادة خاصة في بورسعيد.. ما السبب؟ - صور    وزير السياحة يبحث المنظومة الجديدة للحصول على التأشيرة الاضطرارية بمنافذ الوصول الجوية    ماريسكا: جيمس جاهز لقمة اليونايتد وجاكسون أعترف بخطأه    وزير الكهرباء: الوصلات غير القانونية تضر بالشبكة، وسنستمر في تركيب العدادات الكودية    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    فقدان السيطرة.. ما الذي يخشاه برج الجدي في حياته؟    متحف شرم الشيخ يستقبل زواره الأحد المقبل مجانًا -صور    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    ستروين C3 أرخص من سيات إبيزا ب14 ألف جنيه.. أيهما تشتري؟    افتتاح جلسة "مستقبل المستشفيات الجامعية" ضمن فعاليات المؤتمر الدولي السنوي الثالث عشر لجامعة عين شمس    محافظ الإسكندرية يشهد ندوة توعوية موسعة حول الوقاية والعلاج بديوان المحافظة    «بدون بيض».. حضري المايونيز الاقتصادي في المنزل لجميع الأكلات    "فشل في اغتصابها فقتلها".. تفاصيل قضية "فتاة البراجيل" ضحية ابن عمتها    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    عامل بمغسلة يهتك عرض طفلة داخل عقار سكني في بولاق الدكرور    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    كرة يد.. مجموعة مصر في بطولة أوروبا المفتوحة للناشئين    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    تشكيل منتخب مصر تحت 16 سنة أمام بولندا فى دورة الاتحاد الأوروبى للتطوير    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    4 وزراء في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 ل جامعة عين شمس    تعديل قرار تعيين عدداً من القضاة لمحاكم استئناف أسيوط وقنا    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" الأسير" الفصل الرابع
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 01 - 2010

ملامح الناس تغيرت، الشوارع كما هى لكنها حزينة، الأسماء هى الأسماء لكنها فقدت الروح ، كل شىء حولى أراه من نافذة الأتوبيس الذى وصل الآن بنا أنا وباقى الأسرى العائدين إلى قلب القاهرة .. كنا حوالى 40 رجلا ما بين ضابط و عسكرى .. اااااه الوضع لا يُبشر بخير أبدا، فنحن متجهون الآن الكلية الحربية كما قيل لنا وأن القائد أحمد إسماعيل عايز يشوفنا ... عادةً و فى وضع كهذا ، يحاول القائد تقديم تفسير مقنع لما حدث للجنود، لكن ترى ماهو المبرر المقنع لهذه الهزيمة؟!
أبدو كالبرميل المنتفخ الذى على أ وشك الإنفجار رغم نحافة جسمى ..
.
على باب الكلية كان فى انتظارنا ثلاثة ضباط وعدد من العساكر ... دخل كل منا بإسمه وعند الباب خلعنا الساعات ، صودرت الأشياء التى كانت بحوزتنا حتى مجموعة الأمواس التى كان الإسرائليون يوزعونها علينا كل أسبوع من ماركات مختلفة .. اه اه اه .... أذكر أننى جمعت عددا منها وكأنها طوابع بريدية ... أخذوها ،، اتجهنا الى قاعة تشبه قاعة الإمتحانات .. طرابيزات .. كراسات إجابة.. أقلام جافة ، والسؤال موحد ومفتوح : ما الذى حدث لك من أول الآسر إلى اليوم ؟؟؟
لم أتمالك نفسى ، فبعد كل هذا المشوار الطويل .. هذا العذاب أخضع لاستجواب بهذا الشكل المرهق، ليس فى عقل للكتابة، حتى الراحة لم أذقها بعد هذا المشوار.... وبمجرد وصولنا نخضع لهذا المجهود الذهنى المؤلم ؟؟؟
( أنا مش حاتكلم ولا أكتب كلمة واحدة ،، ماعنديش ثقة فى أى حد قدامى يا فندم ) قلتها بصراحة مخلوطة بنكهة الألم للعقيد الواقف أمامى .
العقيد يرد على برفق ( لية كده يا ابني، دا انتا فى بلدك ) .. قلت له بعصبية ( معلش انا عايز أقابل مدير المخابرات).
كأن رأسى قد تحجرولم يعد على لسانى غير هذه العبارة لكل الرتب التى جائتنى بعد هذا العقيد .. أخرجونى من اللجنة بعد الضجة التى أحدثتها بعباراتى الثائرة وما هى الا نصف ساعة حتى جائنى فى غرفة - أجلسونى فيها منفرداً- رجل هادئ النفس ،حسن السمت ، حازم الملامح ، خاصة حاجباه اللذان كأنما قد تجمعا عليهما هموم هذا البلد فباتا علامه من علامات الزمن .. إقترب منى وقال بعد وقوفى إحتراما له، فقد كان برتبة لواء ( انا مدير المخابرات يا احمد، خير يا ابنى ) ..
التقط أنفاسى وهززت رأسى قائلاً ( الموضوع كبير جداً يا فندم )
مدير المخابرات : خير يا احمد فيه أيه؟؟
قلت : انا عايز تفضولى اُوضة وتجيبولى واحد أمليه، لان ماعرفش أفكر وأكتب فى وقت واحد، لغاية ما أفضى اللى فى دماغى كله..
بإستغراب مشوب بأبوة حانية قال لى : حاضر يا ابنى .
كان الكاتب يجئ كل يوم فى ال 9 صباحاً ويمشى فى ال3 ظهراً .. كنتُ أنادم نفسى مع هذا الكاتب بكل ما حدث منذ أسرى وحتى عودتى ..
استغرقت أربع أيام فى عصر ذاكرتي، مشهداً مشهداً ، بكل ما فيها من شخوص وكلام ومكان وزمان ...
وكنت إذا نسيت شيئأ ثم ذكرته أقول للكاتب " أكتب ملحوظة "...
كانت المقارنة تزعجنى لكنى لا اسطع الهرب منها، بين ما شاهدته فى اسرائيل وبين ما أعيشه الأن بعد عودتتي.
زميلى فاروق الجابرى دفعتى فى الكلية الحربية وكان معايا فى المدرسة فى دمنهور، حدث وان جلست معه ذات مرة ، نادى عسكرى وطلب منه كوبين من الشاي....وبعد غياب العسكرى حوالى لثلث ساعة ،عاد وقال لنا ( يا فندم مش عايزين يدوني، لازم بونات ) .
وهنا صرخت فى وجه فاروق ( شفت يا سى فاروق ده حاجة وسخه وتخلف، إسرائيل بقى ، غير كده .. الراجل يخبط على الباب ويدخل ويحط لك الشاى والقهوة والعصير من غير لا بونات ولا زفت ...) .
كنت حزيناً لقولى هذا، لكن هذا ما كنت أشعر به ساعتها .. كانت الأرض تميد بى كلما خضعت لمنطق المقارنة هذا، لكن لا فائدة لا أستطيع ان أنسى .
بهدوء مرٌ أسبوع على عودتنا ونحن داخل الكلية الحربية وها نحن اليوم الخميس نتأهب لنزولنا أجازة فى المساء وليل القاهرة الساحر سنراه ونعيشه، علنا ننسى كل الآلم التى رأيناها ..
جاء القائد محمد فوزى خطب فينا خطبه من إياها ..الخطب الرنانه ثم أعطونا كل واحد عشرون جنيه وإنطلقنا فى اجازتنا لمدة شهر، كان الأسبوع الأول منها رحلة جماعية لنا لأسوان وماجورها .. طبعاً كانت عملية فرفشة لينا .. ثم بعد هذا الأسبوع إنطلق كل منا الى غايته .. أهله وذويه .
عدت من أسوان الى شقه ابن عمتى فى القاهرة، وكانت زوجتى مع بنتى ذات السنتين فى انتظارى هناك...
أقمنا معه، فقد كان بمثابه ولى أمرى .. وفى يوم كنتُ قد دعيته لأكلة سمك عند خال زوجتى الذى يسكن شارع الألفى والذى دعانى انا و زوجتى وإبنتى لقضاء اليوم معه، وما ان حضر ابن عمتى وكان وجهه شاحبا ، حتى رمانى بعبارة بدت عاديه فى مثل تلك ألايام ( يا أحمد، الدنيا مقلوبة عليك .. عايزينك تانى ، جُم وسابولك نمرة تليفون ).... تناولتها وبكل امتثال إتجهت الى التليفون ...
دقائق وكانت سيارة الجيب تقف تحت العمارة فى انتظارى .
الى اللقاء فى الجزء الخامس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.