أصدر المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب برئاسة الكاتب الكبير محمد سلماوى، فى ضيافة رابطة الكتاب الأردنيين فى عمّان خلال الفترة من 23 وحتى 26 يونيو الجارى، بياناً أكد فيه على تعاظم الدور المنوط بالثقافة والمثقفين فى هذه المرحلة الصعبة الحرجة التى تمر بها الأمة العربية بأسرها، كما يؤكد على استمرار رفض الأدباء والكتاب التطبيع الثقافى بأى شكل من الأشكال. وشدد البيان على أهمية أن ينهض الأدباء والكتاب العرب بوظيفتهم التاريخية فى توجيه الوعى والتأثير فى الوجدان الجمعى العام بشكل يسهم فى تجاوز المعوقات والمشكلات، ويقرّب الأمّة العربية من تحقيق آمالها وتطلعاتها بحياة حرة كريمة تبنى على أسس وتوجهات مستمدة من مبادئ الثقافة العربية العريقة المتفتحة. وأكد البيان على مضامين البيانات الثقافية السابقة التى صدرت فى أبو ظبى من 3 وحتى 5 يونيو الجارى، ومسقط فى الفترة 24 وحتى 27 نوفمبر 2013، مع التذكير بمنح أولوية متزايدة للأمور التالية "التأكيد على وحدة الثقافة العربية فى إطار من التنوع الثقافى، وأنها أساس الهوية الجامعة الموحدة لكل شعوب الأمة العربية، والتأكيد على التمسك بهذه الهوية والدفاع عنها فى وجه مخططات التفتيت والتقسيم والتجزئة، واعتبار ذلك واجبا قوميا على المثقف العربى فى هذه المرحلة المضطربة. وأوضح البيان أن الوحدة الثقافية التى يؤمنون بها الأدباء والكتاب وينطلقون منها ويدعون لها، هى هوية جامعة فى إطار من التنوع الثقافى، وليست وحدة شمولية أو عدمية، وإنما هى وحدة تقر التنوع وتحترمه وتقدره، بوصفه أساسا للهوية الجماعية الواحدة، وبوصف الهويات المكونة والفرعية هى المكونات المتفاعلة المتداخلة التى تتأسس عليها الوحدة، بعيدا عن نزعات التهميش والإقصاء والإلغاء لأى مكون ثقافى أو فكرى. وتابع إلى استمرار الجهود فى مجال الدفاع عن اللغة العربية والنهوض بها، بوصفها عنصرا من عناصر الوحدة والثقافة العربية، وتوجيه الأدباء والكتاب أنفسهم إلى الاهتمام باللغة العربية والمحافظة عليها وتطويرها، انطلاقا من موقعها المهم المركزى، وإدراكا للمخططات الرامية إلى إضعافها والإساءة إليها فى سياق سياسات التفكيك والتفتيت والتجزئة، التأكيد على استقلال الثقافة واستقلال المثقف، وأن المثقف العربى مستقل فى توجهاته ومواقفه عن أية سلطة سياسية أو أيدلوجية أو دينية، وحقه فى حرية التفكير والتعبير حق مشروع مقدس، وفق ما تمليه طموحات الأمة العربية ومصلحتُها وأعباؤها، بحيث يظل المثقف العربى ضميرا يقظا معبّرا عن طموحات مجتمعه وأمّته، بعيدا عن التبعية لأية سلطة سياسية أو دينية أو اجتماعية، فالثقافة سلطة مستقلّة حرة بذاتها، ترفض نزعات السيطرة والإملاء والهيمنة، وتنطلق من وعى ثقافى يؤمن بضرورة النقد والمراجعة، بجرأة ومسؤولية، وفى إطار من الحرص على البناء ورفض الهدم. كما أكد البيان على قيادة اتحاد الأدباء والكتاب العرب لجبهة ثقافية متنورة فى مواجهة ظاهرة التطرف والغلو والتكفير واستغلال الدين وزجه فى سياق من العنف وشلالات الدم، بعيدا عن أية ضوابط إنسانية أو دينية أو أخلاقية، وإيلاء أولوية لدراسة جذور هذه الظاهرة والبحث فى أشكالها وأسبابها والظروف والبيئات التى تشجع على إنعاشها، والعمل على مواجهة الأفكار المؤسّسة لها، بكل السبل التربوية والثقافية الممكنة. كما رفض المثقفون العرب فى بيانهم لاتساع نزعات التجزئة والتقسيم والتنافر والتصادم، بموجِّهات طائفية أو دينية أو عرقية، وأهمية أن ينعكس هذا الرفض فى ما ينتجه المبدعون والأدباء والمفكرون العرب، لتعزيز تماسك الأمة، فى مواجهة مخطّطات الانفصال والتجزئة والتفتيت. وينبّه المثقفون فى بيانهم إلى أهمية صيانة "التراث الثقافى المادى والمعنوى (غير المادى)" وضرورة المحافظة عليه، والعمل على بناء قواعد بيانات علمية لرصده وتسجيله وحمايته، وصولا إلى إنجاز "الأرشيف القومى" لهذا التراث، وينبّه المثقفون العرب إلى ما تعرضت له بعض مكونات التراث المادى من إهمال وعبث وإساءة وسرقة وتشويه. ويذكّر المجتمعون فى بيانهم أن العالم العربى يحتضن كنوزا إنسانية عالمية، تتمثل فى المواقع الأثرية ومحتويات المتاحف والمخطوطات الثمينة، وغير ذلك من كنوز حافظت عليها أجيال متتابعة على مدى قرون طويلة، ويدعو المجتمعون إلى الحرص على حفظ هذا التراث وصيانته، ونقله إلى الأجيال القادمة بأمانة، ومطالبة المنظمات العربية والعالمية المعنية بالمحافظة على التراث الثقافى المادى ببذل جهود استثنائية فى العالم العربى، ومحاسبة قوى الاحتلال والتكفير، ومنعها من التعرض لهذا التراث لأنه تراث إنسانى قيم مشترك تملكه الأمة بأسرها، ولا يجوز إهماله أو تشويهه أو سرقته والتصرف فيه. وأدان البيان الأعمال التخريبية التى قامت بها قوى الإرهاب والتكفير ضد عدد من الرموز والنصب الثقافية والآثار الإنسانية والمخطوطات ومختلف أشكال التراث المادى وغير المادى. وأشار الأدباء والكتاب فى بيانهم إلى مساندة الثقافة الفلسطينية المقاومة بكل سبل الدعم والاهتمام، ودعم المثقفين الفلسطينيين فى مواجهة ما يتعرضون له مع شعبهم من محاولات المحو وتذويب الهوية، والاهتمام بالقدس والثقافة المقدسية اهتماما نوعيا فعليا فى ظل ما تتعرض له القدس من تهويد على مستويات متعددة، والدعوة لمواجهة الاعتداءات المستمرة على الأماكن الدينية المقدسة التى تكتسب معنى ثقافيا رمزيا، ويقتضى ذلك بذل كل الجهود الممكنة لحفظ تراث القدس ومنع الاحتلال الصهيونى من تغيير هويتها وثقافتها، كما يتضمن الاهتمام الثقافى بالقدس دعوة الأدباء والكتاب والمفكرين العرب ليلاء مزيد من التركيز على القدس فى كتاباتهم، نظرا لأهمية الإبداع الأدبى والفكرى فى الدفاع عن الهوية الفلسطينية وهوية القدس ومواجهة الكتابات الصهيونية المزورة. وأكد البيان على استمرار رفض الأدباء والكتاب التطبيع الثقافى بأى شكل من الأشكال، والتأكيد على مواثيق الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب وقراراته السابقة بخصوص التطبيع الثقافي، وأنه خط أحمر لا يحتمل التأويل، والتأكيد على أن الثقافة الصهيونية ثقافة عنصرية معادية غير إنسانية، ولا حوار معها أو مع ممثليها المحتلين بأى شكل أو حجة. كما دعا البيان إلى بذل جهود موسعة لنشر ثقافة الحوار والانفتاح فى إطار يجمع بين الالتزام بالمبادئ الكبرى التى يتوافق عليها المثقفون العرب، والدعوة إلى حل النزاعات حلا مبنيا على احترام الاجتهادات المتباينة، وأن لا يتحوّل الخلاف إلى عنف موجه ضد المخالفين أو المختلفين، و الاهتمام بثقافة الأطفال وثقافة الشباب العربى والأجيال الجديدة، فى مناخ ثقافى منفتح منطلق من الثقافة العربية الواحدة، والتركيز على مبادئ الديمقراطية والحوار فى مؤسسات التنشئة المختلفة، وتطوير مناهج التعليم وبيئاته وأساليبه بما يرتفع إلى مستوى التحديات والمشكلات التى تواجهها الأمة، لضمان تنشئة الأجيال الجديدة تنشئة صالحة تحافظ على المبادئ المطلوبة من جهة، وتمنع استغلال الشباب تحت حجج وذرائع مختلفة. وأكد المجتمعون من الأدباء والكتاب على أهمية الالتزام بمواثيق الملكية الفكرية، وإشاعة ثقافتها ومراعاتها لما لذلك من أهمية فى حفظ حقوق المؤلف والمبدع العربى، ويوجه المجتمعون اهتماما خاصا لضرورة أن تشمل مواثيق الملكية الفكرية إجراءات تدعم ملكية عناصر التراث الجمعى ك "الموارد الوراثية، والمعارف التقليدية، وتعبيرات الفلكلور أو المأثورات الشعبية،، وأن يتم تطوير تشريعات قانونية عربية وعالمية حاسمة لحماية هذه الأشكال الثقافية الجماعية غير المشمولة حتى اليوم فى قوانين الملكية الفكرية القائمة على الصعيد العربى أو الدولى. ودعا الأدباء والكتاب فى نهاية البيان الحكومات العربية إلى دعم الفعل الثقافى، وإدراك أهميته، بوصفه ركيزة أساسية فى الأمن القومى وحماية الهوية العربية؛ ويقتضى هذا الإدراك زيادة الدعم المالى والإدارى المخصص للثقافة، وللاتحادات والروابط والجمعيات التى تمثّل الأدباء والكتاب فى مختلف الأقطار العربية.