وسط أجواء المزايدات والعرض المتواصل للسخرية من أى شىء لمجرد السخرية فقط، يجب أن أعترف بأن ما شهدته من مراسم حلف اليمين بالمحكمة الدستورية ثم الاحتفال بتنصيب «السيسى» حدثا لم يشهده جيلنا على الإطلاق.. هذا الجيل الذى خرج للحياة فوجد أمامه حسنى مبارك ورجاله «العواجيز»، وحتى بعد أن انتفض فى ثورة شعبية ليهنأ بحياة كريمة حالما بعد نجاحها برئيس قوى يلبى طموحات المصريين، جاء رئيس «مقلب»، أدى اليمين الدستورية فى نفس المكان ولكن شتان بين «رئيس» و«رئيس».. شتان بين «مشير» يخاف على البلد ويسعى لاستعادة هيبتها وإظهار قوتها من جديدة و«معزول» اهتم فقط بأهله وعشيرته. لم ير جيلنا مراسم تسليم وتسلم السلطة بين رئيسين من قبل، وأرى أن من يستخف بالصورة العظيمة التى ظهرت بها مصر من جديد يحتاج لدكتور نفسى، فبدون أى مزايدات، مصر تشهد مرحلة جديدة من استعادة هيبتها، داخلياً وخارجياً، فمراسم حلف اليمين وتوافد رؤساء دول العالم لحضور هذا المشهد وإصرارهم على التواجد رغم كل ما يرونه ويسمعونه عن عدم الاستقرار الأمنى والعمليات الإرهابية والتفجيرات، أمرا مثيرا للدهشة، تتفق أو تختلف لكن لا تستطيع أن تنكر أن صورة العشرات من رؤساء وزعماء العالم فى غرفة واحدة بقصر الاتحادية ليشهدوا على وثيقة تبادل السلطة بين المستشار عدلى منصور والمشير عبدالفتاح السيسى، هو صورة ستخلد فى التاريخ وستعيد لمصر مكانتها فى المنطقة من جديد. لم ير جيلنا من قبل بروتوكولات تنصيب الرئيس بهذا الشكل، لم نشاهد كل هؤلاء الرؤساء، ولم نفرح بهذا المشهد العظيم من تسليم السلطة، لم يعد أمامنا الآن وقت للتسفيه والاستهزاء، علينا أن نقف جميعاً وننظر للمشهد من جديد لكى نتجنب أخطاء الماضى، علينا ألا ننكر حق المصريين فى أن يروا فى شخص ما الأمل والقيادة والزعامة التى يحلمون بها، بعد أن وقعوا فى فخ كبير طوال العام الماضى من حكم الإخوان. حفل تسليم السلطة تأكيد شديد الأهمية على أن الدولة المصرية بشعبها ومؤسساتها عصية على الانكسار، وستظل قادرة على حماية أمنها وأمن منطقتها، الحفل أعاد لمؤسسة الرئاسة رونقها بعد سنوات عجاف، وأعاد للجماهير المشاعر الحقيقية نحو رئيس بمقومات افتقدوها طوال السنوات الماضية. لم أكن مع المشير السيسى فى الانتخابات، ولكن أدعمه نحو بناء دولة مصرية حقيقية تقوم على العدل والمساواة وتطبيق روح القانون والدستور، دولة أساسها العمل، دولة رجالها أهل الكفاءة والخبرة وليس أهل الثقة فقط، وفى نفس الوقت أشجع المعارضة الحقيقية البناءة لتقويم الرئيس إذا أخطأ، معارضة تقوم على الحجة والمنطق وليس المزايدة والتشهير، فنحن الآن نمر بمرحلة جديدة نتمى ألا تكون انتقالية أيضاً.