سألت نفسى كثيراً ما عمل المدرس فى مدارس مصر المحروسة؟ ووجدتنى أجيب.. يجلس على كرسى الأمن ليحرس المدرسة، ويتولى صيانة أدوات السباكة، فيمر على دورات المياه ويكتشف ما فيها من أعطال، ويعمل على إصلاحها، ويحصى الأحواض والصنابير والمباول، لأن لجان المتابعة يطالبونه بذلك.. ويتولى أعمال الكهرباء وصيانة أدواتها من لمبات وأسلاك وفيش ووصلات، ويكون مسئولاً عما يسمى بلجنة الكوارث والأزمات، فيتمم على طفايات الحريق وخراطيم الإطفاء، ويكون مسئولاً أيضاً عن صيانة الكراسى ومقاعد الطلاب والأبواب والشبابيك، ويهتم بنظافة المدرسة، فيشترى المقشات والمساحات والجرادل وسلال القمامة، وأيضاً يرأس لجنة جرد الأثاث ولجنة المشتريات، وكأننا فى سوبر ماركت وليس فى مدرسة.. وأخيراً جاءت الطامة الكبرى والتى يسمونها التطوير والجودة، وفيها يقسم المدرسون إلى مجموعات كل مجموعة مسئولة عن مجال من تسعة مجالات، فهناك مجال المعلم، ومجال المتعلم، ومجال القيادة والحوكمة و.. و.. إلخ، وتبدأ كل مجموعة رحلة عذاب من ملء استمارات إلى تفريغ بياناتها إلى تحقيق ممارسات، ثم إيجاد نسب وجمعها وقسمتها على عددها، ثم تحقيق شواهد وأدلة للممارسات وكتابة تقارير وكل مجموعة تلف وتدور حول باقى المجموعات التسع، لتأخذ منها ما تحتاج إليه، أتساءل هل هذا هو دور المعلم؟ وأين الوقت الذى سيجده بعد هذا المجهود المضنى لكى يحضر دروسه ويذاكر مادته، ويثقف نفسه ويطور شرحه، ويهتم بتنمية تلاميذه، وهل هذا الهراء هو الذى سيصلح حال التعليم.. الأوراق والبيانات والتقارير والملفات؟.. يا سادة إن التعليم لن ينصلح إلا بترميم الضمائر والشفافية والاهتمام بالمعلم، وبإعادة النظر فى المناهج التى تصيب الطلاب بالتخلف، وبإعادة الهيبة للمدرسة، وبإلغاء المراكز التعليمية، وبمعالجة خواء المدارس بعد شهرين من الدراسة، بجعل 30 % من المجموع فى الثانوية العامة على الحضور. أما بدعة التطوير والجودة، ففى اعتقادى أنها سبوبة لغرض فى نفس يعقوب وعجبى، فبعد مصيبة أنفلونزا الطيور ومصيبة أنفلونزا الخنازير، أصابت التعليم مصيبة أنفلونزا «البعير» وسلموا لى على تطوير وجودة التعليم. مريم وسيم ميخائيل -القاهرة