فى زمان الحواديت.. تربت أحلامنا الساذجة على أن الشاطر حسن.. كان "ولد" بسيط فقير الحال لكنه فارس ولا كل الفرسان أحب ست الحسن و الجمال.. فسافر وتعرض لكل الأخطار حتى ينال فى آخر الأمر قلب محبوبته النقية المنتظرة له.. ولكن مر الزمان.. ولم يعد الحال كما كان.. لم يعد للشاطر حسن مكان أو عنوان.. وأصبحت ست الحسن التى تنتظر تحمل لقب "عانس" قبل و بعد الأوان.. ترسم على وجهها البسمة وتتصنع الرضا . و تقول أنا إنسان.. ذلك أن ولدان هذا الزمان أعجبتهم حياة الترف.. واللذة الرخيصة.. وشعارات زمن الدعاية والإعلان.. "ليه تدفع أكثر لما ممكن تدفع أقل" "وتتعب ليه و تحتار ما بنات العالم كتار.. ها ترمى بنية ها تلاقى غيرها مية.. خليك قاعد عند مامتك ها تجيلك البت لحد عندك".. وهكذا انتشرت ثقافة الغلمان.. تلك الثقافة التى تجعل ممن صنف فى شهادة الميلاد أنه ذكر.. يتباهى بأن الفتيات هن من يجرين وراءه.. فإذا كان ابن حلال.. و مؤدب ومطيع لوالديه.. يرتضى لنفسه أن تأخذه ماما من إيديه.. وتنقّيله عروسة وترميها تحت رجليه.. وهو يصفق فرحان: هييه.. ماما جابتلى عروسة.. أما من اعتقد أنه "مخربش".. فانتظر فتاته لتأتيه هى.. وتجره إلى علاقة.. يعرف تماماً أنها فى مبدئها ومنتهاها كذب فى كذب.. لكنه لا يريد أن يتعب ذاته النبيلة.. ولا أن يسعى هو لست الحسن والجمال التى اكتفت بكل ألم بالمشاهدة.. ومتابعة ذلك السوق الرخيص الذى جردته المدنية الحديثة من أبسط أنواع القيم والمشاعر النبيلة.. أنا لا أتكلم عن وهم.. انظروا وراء كل باب.. ابحثوا فى أعين ملايين الحاصلات على لقب "عانس" ستعرفون.. أننى أتكلم عن واقع بشع.. نعم هناك أيضا ملايين "العوانس" الذكور.. لكنهم وبكل أسف.. و مع الاعتذار للقلة منهم.. هم من ارتضوا لأنفسهم هذا اللقب نتيجة الخوف والتردد و فقدان الثقة بذاتهم و اختياراتهم.. انتظروا أن تأتيهم بنت الحلال على طبق من ذهب.. و تقول لهم شبيك لبيك.. وانتظروا ما ستثمر عنه علاقات رخيصة انزلقوا فيها.. ويعرفون تماماً نهايتها.. إما أن يكبله الشك فلا ولن يتزوج أبدا.. وإما أن يقع مثل "الشاطر" فى زيجة من أرخص ما يكون.. زيجة صممت وحيكت له على مقاسه.. ليكون لست الحسن الجديدة بنت عصر الدش والعولمة.. مجرد ظل.. ليس أكثر.. لتنال الواجهة الاجتماعية.. الشيك.. رحم الله الشاطر حسن.. وأسكنه فسيح جناته.. ذلك الشاطر الذى كان "ولد" .. ويا عينى ع الولد.