نشرت صحيفة اليوم السابع أن الكاتب علاء الأسوانى قد رفض حضور ورشة عمل "المثقفون والمسألة النوبية" والتى عقدت بالتعاون بين المركز المصرى لحقوق السكن وجماعة المبادرين النوبية فى 22/11/2009. وقد ذكر الأستاذ علاء أنه لم يحضر لأن الورشة ممولة من الخارج، كما أنه ذكر أن "البيان" الصادر عن الورشة يدعى أن هناك إضطهادا للنوبيين فى مصر فى حين أنه يرى أن كل المصريين مضطهدين وليس النوبيين فقط. ورداً على ماجاء على لسان الكاتب علاء فإننى أطرح التالى: أولاً: إذا كان الأسوانى يرفض التمويل الخارجى، فلماذا يحضر ندوات ومؤتمرات ممولة من الخارج وتكون إسرائيل ممثلة فى هذه المؤتمرات والندوات؟ وهل بحث الأسوانى فى مصادر تمويل المنظمات التى دعته وأكل وشرب ونام وسافر على حسابها؟ والسؤال الأهم هو لماذا يقبل بتمويل ترجمة ونشر أعماله من دور نشر فى الخارج. وإذا سيدنا منطق التشكيك الذى يتبعه الأسوانى، فإن الأسوانى يصبح محل شك كبير نظرا لتعامله مع دور نشر عليها الكثير من التحفظات. من دور النشر هذه تأتى مؤسسة هاربر كولينز والتى تقوم بترجمة أعماله ونشرها فى إنجلترا والولايات المتحدة. فرئيس مجلس الإدارة يهودى، ورئيس المحررين يهودى ومحامى المؤسسة أيضا يهودى. ومع أن هذا من الممكن أن يثير شكوكا لدى البعض خاصة وأن الكاتب معروف باتجاهاته الناصرية، إلا أن الشك لا يأتى من كون القائمين على هذه المؤسسة من اليهود، ولكن هناك حادثة معروفة قامت بها هذه المؤسسة والتى تشير جيدا إلى توجهاتها، عندما قامت مؤسسة هاربر كولينز بفصل ناشرة لمجرد أنها تحدثت تليفونيا مع محاميهم "اليهودى" قائلة أنه على اليهود أن يتوقفوا عن سرد كذبتهم، فاعتبرت دار النشر أن هذا القول والذى صدر فى محادثة خاصة أنه معاداة للسامية "اليهود" وقامت بفصل الناشرة والتى تدعى جوديث ريجان والتى قامت بدورها برفع قضية ضد المؤسسة ومسمية الأشخاص الثلاثة اليهود بتجمع أو حلف اليهود. وهنا يأتى سؤال وهو أليست هذه المؤسسة تثير الكثير من الشبهات من حولها، وأليس تعامل الأسوانى معها يثير شبهات قوية من حوله أيضا وهو الكاتب ذو التوجه الناصرى القومى، خاصة وأن كل الشخصيات التى يقدمها فى رواياته هى شخصيات سلبية، مما يمكن أن يترجم بأنه تشويه لسمعة مصر والمصريين؟ هذا إذا اتبعنا نفس منهج الأسوانى المشكك فى نوايا الأخرين. وإذا كان الأسوانى يقبل ويرحب بالتعامل مع مثل هذه المؤسسة التى فصلت ناشرة لقولها عبارة بسيطة اعتبرتها هذه المؤسسة معاداة للسامية، فى حين يرفض مجرد حضور ورشة طرحت أن هناك بعض مظاهر للعنصرية ضد النوبيين ولم ترد كلمة إضطهاد التى ذكرها الأسوانى لا فى الورشة ولا فى الورقة الخلفية التى سماها الأسوانى "بيان" فى خلط ساذج بين الورقة الخلفية التى تكتب قبل الورشة وتطرح عددا من الأسئلة للنقاش والتى من الممكن أن تكون أيضا أسئلة مستفزة لتحفيز المشاركين على الحوار، وبين بيان صادر عن الورشة. فكيف يصدر بيان عن الورشة قبل عقد الورشة ذاتها. فهل من وجهة نظر الأسوانى أن اليهود يجب حمايتهم حتى من محادثة تليفونية خاصة وأن النوبيين لا يمتلكون حق الدفاع عن أنفسهم إذا ما تم تقديم صور نمطية سلبية عنهم سواءا فى وسائل الإعلام أو من خلال التعامل فى بعض الجهات الرسمية أو التعامل اليومى كوصفهم بالعبيد مرة وبالبرابرة مرة أخرى وغيرها الكثير من المظاهر. والسؤال الأخر هو من أعطى الأسوانى الحق فى أن يزايد على وطنية الأخرين، فهل هو وطنى ومن يطرحون إشكاليات حقيقية يعانى منها مجموعة كبيرة من المواطنين ليسوا بوطنيين. إن منهج التشكيك هذا تم رفضه من قبل مثقفين شرفاء حضروا الورشة، بل ورفضوا الخوض فيه من قبيل أنه قول ساذج. ومنهج الأسوانى لا يختلف كثيرا عن الموقف الحكومى بل أنه متطابق.. ثالثا: جاء على لسان الأسوانى أن "البيان" وطبعا هو ليس بيان، بل هو ورقة خلفية، ذكر أن هناك إضطهادا للنوبيين وأن، من وجهة نظره، كل المصريين مضطهدون. إن ما جاء على لسان الأسوانى لهو تسطيح كامل ليس فقط للقضية النوبية، بل وأيضا تجاه حقوق خاصة أخرى لمجموعات كبيرة فى المجتمع والتى لها خصوصية مثل المرأة، الأقليات، والشعوب الأصلية. فإذا كان كل المجتمع مضطهد كما يدعى الأستاذ الأسوانى، فهناك فئات مهمشة أكثر داخل الفئات المهمشة نفسها، أى أن التهميش يكون مضاعفا. فإذا افترضنا مثلا أن هناك تهميش للفقراء فى مصر، فإن فقراء النوبيين مهمشون أولا لأنهم فقراء وثانيا لأنهم نوبيون. كما هو الحال أيضا بالنسبة للمرأة القفيرة والرجل الفقير، فالرجل الفقير مهمش لأنه فقير ولكن المرأة مهمشة أولا لأنها فقيرة وثانيا لأنها أمرأة. هذا الأمر من البديهيات التى تناولها القانون الدولى لحقوق الإنسان، وإلا ما كان هناك أى داعى لتبنى اتفاقيات لحقوق المرأة، واتفاقيات لحقوق الشعوب الأصلية، واتفاقيات لحقوق الأقليات واتفاقيات لحقوق الأطفال وغيرها الكثير من اتفاقيات حقوق الإنسان التى تتناول حقوقا لجماعات نوعية، ولكان القانون الدولى لحقوق الإنسان قد اكتفى بالحقوق التى تناولها فى الشرعة الدولية والتى تتناول حقوق الإنسان بوجه عام. ربما يكون الأسوانى كاتبا له جمهوره، ولكن بالتأكيد هو ليس مفكرا أو سياسيا يمتلك من الحجة والمنطق ما يقنع به الآخرين وما يمكنه من الدفاع عن رؤيته. والخاسر الوحيد من موقف الأسوانى هذا هو الأسوانى ذاته وذلك لتضارب تصريحاته مع ما يدعيه من تبنى للديمقراطية. فأبسط قواعد الديمقراطية أن نستمع إلى الآخر والأسوانى لم يستمع وأطلق أحكاما جزافية. وأنا والكثيرون من النوبيين نأسف أن يكون هذا موقف الأسوانى ولكن الأسف هنا عليه وعلى فكره الفاشى حمدى سليمان عضو جماعة المبادرين النوبيين فيينا