الدكتور عبدالمعطى بيومى عضو مجمع البحوث الإسلامية والعميد السابق لكلية أصول الدين اعترف بوجود قصور فى مستوى التعليم بالمؤسسات الأزهرية بسبب سياسة القبول، وقال إن التشدد ليس مسئولية الأزهر، وأن حوار الأديان فى أحسن حال فى الداخل، لكن إيران وبابا الفاتيكان أفسداه فى الخارج، ونفى اختراق السلف للأزهر، وقال بعدم جدوى الحوار مع شيعة مصر لأنهم سنة فى الأساس. تراجع دور الأزهر أدى إلى ما وصلنا إليه من غياب التسامح لصالح الفتنة والتشدد ما رأيك؟ - تراجع دور الأزهر قليلاً، لكن ذلك لم يؤثر لا على مكانته ولا قيمته فهى باقية بقاء الأزهر نفسه، ولا ينقص الأزهر سوى القليل ليسترد دوره السابق، لكنه لا يتحمل وحده مسئولية تنامى التشدد فى المجتمع. من إذاً؟ - هناك عوامل أخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية وراء ذلك، ومواجهة التشدد تحتاج إلى وقفة حاسمة من المؤسسات الحاكمة فى العالم الإسلامى، فالمجتمعات الإسلامية تحتاج إلى تحول ديمقراطى، وإصلاح اقتصادى وسياسى. أنت تعفى الأزهر من المسئولية عن المشكلة، وحلها أيضاً؟ - الجهد الذى ينبغى على الأزهر لعبه فى هذا الشأن يكون فى الدعوة إلى الإسلام المعتدل فى الخارج وتدريب الدعاة بشكل لائق، لأن هذا الجانب شهد بعض القصور فى الفترة الأخيرة. كيف؟ - حدث تراجع فى المستوى التعليمى داخل مؤسسات الأزهر، بسبب كثافة الفصول، وهذا راجع إلى سياسة القبول الحالية فى الأزهر والتى ورثناها عن أجيال سابقة حين كانوا يسمحون بدخول أى شخص بمن فيهم أصحاب المجموع المنخفض، والراسبون فى مراحل التعليم الأخرى. هل هناك حاجة إلى زيادة الميزانيات المخصصة للأزهر؟ - الميزانيات الموجودة تكفى، وجميع طلباتنا لدى الدولة مجابة. البعض ينادى باستقلال الأزهر مالياً وإدارياً عن الدولة؟ - المطالبة باستقلال الأزهر عن الدولة «كلام فارغ» لأنه لولا الميزانية التى تخصصها الدولة للأزهر لما تمكنا من القيام بدورنا الدعوى. دعاة الاستقلال يشيرون إلى أن بقاء الوضع الحالى يؤثر على توجه علماء ومشايخ الأزهر؟ - لا يوجد عالم أزهرى من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية يجامل السلطان على حساب دينه، من أجل هوى دنيوى لأنهم جميعاً فرغوا من الرغبات الدنيوية. وما رأيك فى الدعوة لأن يكون منصب شيخ الأزهر بالانتخاب، وليس بالتعيين؟ - انتخاب شيخ الأزهر ليس أفضل من تعيينه، فما الذى يضمن عدم تحول الأزهر إلى ساحة للصراعات بين مشايخه بسبب التربيطات الانتخابية، إذاً لا ضمانة سوى شخص شيخ الأزهر نفسه وليس الطريقة التى يصل بها إلى منصبه. لماذا يكتفى الأزهر بحوار الأديان مع الخارج رغم الطائفية التى انتشرت فى المجتمع مؤخراً؟ - بالعكس، الحوار مع الخارج توقف بينما فى الداخل مستمر بشكل دائم، فأنا فى حوار شبه يومى مع الآباء فى الكنائس الثلاث وكلهم أصدقائى، ولا أرفض أى دعوة لإلقاء محاضرات فى كنائسهم كما أننى أدعوهم إلى المساجد، لكن المشكلة أن الإعلام لا يلتفت إلى هذه الجهود ويركز فقط على مظاهر الفتنة. ولماذا توقف الحوار مع الخارج؟ - أنا أقصد الحوار مع الفاتيكان، وأنا كنت عضواً بلجنة الحوار وأوقفنا نشاطنا بعد هجوم بابا الفاتيكان على الإسلام، لكن الحوار لا يزال قائماً مع جهات أخرى وفى بلدان كثيرة. لكن هذا الحوار لم يسفر عن نتائج ملموسة بالنسبة لصورة الإسلام فى الخارج؟ - أنا لا أخشى على صورة الإسلام فى الخارج، لأننى أعرف أن «الإسلاموفوبيا» سببها فى الحقيقة زيادة أعداد الأوروبيين الذين يدخلون فى الإسلام يومياً من خلال القراءة والاطلاع، فدعاة الخوف من الإسلام هم من رجال السياسة الذين تقلقهم ظاهرة انتشاره فى الغرب. أى نوع من الإسلام ينتشر بين الأوروبيين؟ - فليختر الأوروبيون الإسلام الذى يتفق معهم، فهم شعب قارئ نهم للقراءة والاطلاع، وأنا لا أخشى من الطريقة التى يصلون بها إلى الإسلام، فتلك حريتهم الشخصية. وما رأيك فى المبادرات غير الأزهرية فى الحوار، مثل مبادرة عمرو خالد؟ - ما يقوم به عمرو خالد ليس حواراً وإنما «بيزنس». لماذا تتراوح مبادرات التقريب بين المذاهب فى المكان دون أن تظهر نتائجها؟ - التقريب بين المذاهب تعرقله التحركات السياسية لإيران، وأنا شخصياً جمدت جهودى فى التقريب بسبب التصرفات الإيرانية وآخرها دعمهم للحوثيين فى اليمن. فالسياسة تخرب جهود رجال الدين من الجانبين. لكن الأزهر يواصل تدريس كل الفرق والمذاهب أكاديمياً، لأنه يعتمد منهجاً وسطياً. الشيعة فى مصر يتهمون الأزهر بالتقصير فى الدفاع عنهم، وتجاهلهم فى الحوار؟ - الشيعة المصريون كانوا بالأساس سنة، انتقلوا إلى المذهب الشيعى وهؤلاء لا جدوى فى الحوار معهم، لأن الله وحده أعلم بما فى قلوبهم، وهم فى النهاية عدد بلا قيمة. هل صحيح أن الأزهر تراجع فى الاهتمام بالطلاب الوافدين، فأفسح المجال لدول أخرى؟ - هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، ولا توجد أى دولة فى العالم كله قادرة على لعب دور الأزهر، والمدينة الجامعية مكدسة بالوافدين. لماذا يطلب الأزهر من الدولة التصدى للفضائيات التى تثير الفتنة؟ - نحن لا نحتاج لتدخل الدولة فى هذه المسألة، والأزهر يرد على الفتاوى الخاطئة، وصوت الأزهر لا يزال قوياً والدليل على ذلك ما حدث فى معركة النقاب التى خضناها ضد المتشددين. البعض يرى أن الأزهر خسر هذه المعركة، لأنها ألبت الرأى العام عليه؟ - هذا غير صحيح، والمعترضون على قرار النقاب هم جماعات لها أغراض سياسية وابتعدت عن دورها الدعوى. هل صحيح أن الأزهر مخترق من قبل التيار السلفى؟ - على الإطلاق، وعدد المتأثرين بالفكر السلفى داخل الأزهر قلة قليلة لا تذكر.