فتحت قوة من الجيش اللبنانى فجر اليوم الطريق الذى يربط بلدة عرسال (سنية) الواقعة شمال شرق البلاد بباقى الأراضى اللبنانية والذى كان قد أغلقه أهالى بلدة اللبوة (الشيعية) منذ يومين بعد تفجير انتحارى لنفسه فى بلدة النبى عثمان بالبقاع، مما أودى بحياة إثنين من عناصر حزب الله حاولا إيقاف السيارة التى كان يقودها. وقال بكر الحجيرى، مسئول تيار المستقبل فى بلدة عرسال البقاعية، لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط، إن أهالى بلدة اللبوة لم يعترضوا على قيام الجيش بفتح الطريق وإزالة السواتر الترابية، كما تعاون معه أهل عرسال. وأضاف أن الجيش دخل بلدة عرسال وبدأ مع قوى الأمن فى الانتشار فى جرودها القريبة من الحددود السورية (مناطقها الجرداء الجبلية النائية)، مشيرا إلى أن الحياة عادة إلى طبيعتها بالبلدة. وتكررت عمليات قطع طريق عرسال من قبل أهالى بلدة اللبوة، بسبب إطلاق الصواريخ والعمليات الانتحارية التى يقولون إن حدود عرسال الطويلة مع سوريا، أصبحت ممرا ومأوى للإرهابيين الذى يقومون بهذه العمليات. ولكن عملية قطع الطريق الأخيرة التى طالت أثارت ردود فعل أمس فى مناطق سنية عديدة بالبلاد، بما فيها العاصمة بيروت، وقام متضامنون مع عرسال بقطع الطرق وإحراق الإطارات. وفى هذا السياق وقع اشتباك مع الجيش اللبنانى فى منطقة قصقص فى بيروت مساء أمس أدى إلى وفاة شخص وإصابة آخرين، وشهد الأزمة انفراجة اليوم، بعد أن تم فتح معظم الطرق التى قطعت تضامنا مع عرسال. وذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن "سعد الحريرى رئيس تيار المستقبل أجرى اتصالات بالرئيس اللبنانى ميشال سليمان وقائد الجيش جان قهوجى وعدد من المسؤولين، طالباً دخول الجيش إلى عرسال". ولفتت مصادر قريبة من الحريرى ل"الاخبار" إلى أن "الوضع فى البلدة لم يعد يُحتمل بعدما باتت ملجأً للمسلحين، وبعضهم ينتمى إلى تنظيمات إرهابية. وهؤلاء باتوا عامل توتير للعلاقات بين عرسال وجيرانها". من جانبه، أكد وزير الداخلية اللبنانى نهاد المشنوق أن قوى الأمن والجيش دخلت عرسال للاهتمام بأمن الناس وحاجاتهم، كما ستدخل عرسال منظمات الإغاثة الدولية لتقديم المساعدات". وكشف المشنوق فى تصريح لجريدة النهار عن "اتصالات واسعة النطاق أجراها مع القوى السياسية من أجل إنجاز هذه الخطوة بالتزامن مع اجتماع أمنى سيعقد فى قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال سليمان لتثبيت هذه الإجراءات، وعن اتصالات أجراها مع كل الفاعليات التى تضامنت مع عرسال فى البقاع وبيروت والجنوب لطمأنتها وإعادة فتح الطرق التى قطعت احتجاجا". وأكد المشنوق، فى تصريح آخر لصحيفة "الأخبار"، أنه "لا تواصل حالياً مع حزب الله"، وكشف عن "أنه قرر تعزيز قوة الدرك فى بلدة عرسال ب40 عنصراً يبدأون عملهم اليوم". وأوضحت مصادر وزارة الداخلية "أن المشنوق الذى أجرى اتصالين برئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام وبقائد الجيش العماد جان قهوجى، جرى البحث خلالهما فى الوضع فى عرسال وطرابلس، وطلب من العماد قهوجى أن تقوم الشرطة العسكرية فى الجيش بإجراء تحقيق حول حادثة قصقص فى بيروت التى ذهب ضحيتها شاب لقى مصرعه، وأن يتحمل الفاعل أياً كان المسؤولية". من جانبه، شدد رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى، على أن "الحل للوضع المستجد فى البقاع الشمالى يكمن فى إعلان حالة طوارئ أمنية خدماتية فى بلدة عرسال ومحيطها"، مشيرا إلى أن "المطلوب دخول القوى الأمنية والجيش إلى عمق عرسال لضبط الأمن، ومنع أى مسلح من البقاء فى داخلها أو فى جرودها". واعتبر برى، فى تصريح صحفى نشر اليوم، أنه "يجب بالتزامن مع المعالجة الميدانية، أن تدخل الجمعيات الأهلية والإغاثية إلى عرسال لتقديم المساعدة إلى النازحين السوريين من المدنيين، على أن يرافق إطلاق المسارين الأمنى والإنمائى إجراء مصالحات بين عرسال وجوارها". وأكد أن "قلّة جعلت من عرسال رهينة لها، لافتا الانتباه إلى أن معظم أهاليها يرفضون استخدام بلدتهم ممراً أو مقراً للاعتداء على محيطها، لكنهم مغلوبون على أمرهم، والمطلوب من الدولة أن تسارع إلى احتضانهم".