مالَ الزمانُ فَلمْ يسمعْ لشكوانا *** والدّهر لا ينصفُ الأحرارَ أحيانًا يا قلبُ صبرًا فما لِلّومِ فائدةٌ *** وامرحْ قليلاً فقد أُتْخِمْتَ أحزانا إن رأيت رياحاً بالمنى عصفتْ *** تَبكِ الأمانى بلحنٍ فاض أشجانا وإن رأيت امرأ ينساق فى شغفٍ*** فى موكبِ البغى تُبدِ القولَ نكرانا وإن رأيت امرأ يزهو بمنقصةٍ *** فيه تجلًتْ قضيتَ الليلَ سهرانا هل كلَّفتْك الليالى أنْ تُقوِّمَها *** أو أن تقيمَ بها للعدل ميزانا؟ أما رأيتَ أناسًا مالهمْ هِِمَمٌ *** يبغون نيلَ العُلا والمجد مجَّانا" مثل الجرادِ يريدُ القفزَ مرتفعًا *** لكنْ قواهٌ وَهَتْ فارْتَدّ ندمانا أو كالفراشةِ تأتى النورَ مسرعةً *** كيما تلاقى لدى الأنوار نيرانا أما رأيت أناسًا للعلا صعدوا *** مثل الفقاقيع تعلو الموج أزمانا يرميهم البحرُ فى حنقٍ ويقذفهم *** من بعد أن سببوا للبحر غثياًنا خفُّوا فطاروا ولَجُّوا فى تطاولِهم***حتى كساهم غرورُ الطيش أكفا أما رأيت أناساً كنتَ تحسبهم *** فى صفوةِ العيش أحْباب وإخوانا؟ إنْ يضحك الدهرُ قالوا أنت سيدنا *** وأظهروا الودَّ تقْدِيراً وعِرْفانا لكنْ .. إذا مالتِ الأيام أو عَبَسَتْ *** كانوا عليك مع الأيام أعوانا ياكم رأيتُ صنوفاً لستُ أحصرها *** وسَلْ خبيراً بهم إن شِئْتَ برهانا هَوِّنْ عليك فكم فى الناسِ من عجبٍ *** ولا تصاحبْ دعِيًّا حيثما كانا فمن يصادقْ صغيرَ النفس آلمَهُ *** إن الذباب يثير الغيظ أحيانا قد يألف المرء من أمسى يشابهُهُ *** والحرّ لا يرتضى الجهال خلانا تأبى الأسود طعاماً سيئاً عفناً *** وتجذب الجيفةُ النكراءُ غربانا ولا يؤاخى دنيئاً قطُّ ذو شيمٍ *** ولنْ يصادقَ ليثُ الغاب ثعبانا كم فى الرياض زهور ريحها عبقٌ *** والوحل يفرز أعطانا وديدانا لا خير فى الفن بل لا خير فى أدبٍ ***إن لم يُكوِّنْ لدى الإنسانِ وجدانا فإن رأيت امرأ شهماً له قيمٌ *** يرعى الجميل فقد أبصرت إنسانا