كانت مصر ولازالت صاحبة الأيادى البيضاء على معظم الدول الأفريقية سواء بالمساعدات العسكرية وغير العسكرية التى وفرتها لشعوب هذه الدول حتى نالت استقلالها عن الدول الاستعمارية الكبرى فى فترتى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، سواء بالمساعدات الاقتصادية والتعليمية التى وفرتها مصر لشعوب هذه الدول كى تخطو خطوات متقدمة فى عملية التنمية. وكانت مصر من أوائل الدول التى شكلت مع غيرها من الدول الأفريقية منظمة الوحدة الأفريقية التى تأسست فى النصف الأول من الستينيات والتى تم تغيير اسمها بتأثير القذافى فى نهاية التسعينيات إلى الاتحاد الأفريقى، وطوال هذه السنوات لم تغب مصر يوما عن هذا التجمع الأفريقى الذى كانت مصر من دعاماته الأساسية. ولكن بعد ثورة 30 يونيو الماضية التى ثار فيها الملايين ضد حكم الرئيس المعزول مرسى والتى ساندها الجيش وجدنا الاتحاد الأفريقى يتبنى وجهة نظر الإخوان ويقول إن هذه الثورة هى انقلاب عسكرى على حكم الرئيس المنتخب وبالتالى فإن هذا الاتحاد قام بإيقاف عضوية مصر لأنه ضد مبدأ الانقلابات العسكرية. ما سبق من قرار إيقاف عضوية مصر يمكن أن نقول عنه إنه سوء فهم من الاتحاد الأفريقى فربما يكون اتخذ هذا القرار بتأثير دول معينة داخل الاتحاد أو خارجه وربما لم يستطع قادة هذا الاتحاد تقدير كم السخط الشعبى على الرئيس المعزول ولذلك خرج الملايين ضده وعزلوه وربما لم يفهم القادة الأفارقة أن الجيش قد حمى هذه الثورة فقط ولم يستول على السلطة أو يديرها لصالحه وربما أخيرا نبع هذا الموقف من خوف بعض القادة الأفارقة من تكرار هذا النموذج فى بلادهم. ما حدث أول أمس الخميس ومع بداية اجتماعات هذا الاتحاد هو المهزلة الحقيقة فقد قرر الاتحاد استمرار تعليق عضوية مصر وفى نفس الوقت قام باختيار الجنرال محمد ولد عبد العزيز الرئيس الموريتانى كى يرأس الاتحاد الافريقى فى عام 2014 ولمن لا يعرف الجنرال عبد العزيز نقول له : إنه قائد الحرس الجمهورى لأول رئيس موريتانى منتخب وهو الرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله وعندما قام الرئيس بعزله من منصبه انقلب على الرئيس فى اغسطس 2008 ووضعه قيد الاقامة الجبرية واستولى على الحكم . ما حدث بموريتانيا هو انقلاب عسكرى مكتمل الأركان على الحكم المدنى فقد قام الجيش بالانقلاب على الرئيس وتولى الجنرالات الحكم مكانه، أما مصر أيها القادة الأفارقة فقد ثارت الملايين فيها ضد محمد مرسى وتولى قاضى وهو رئيس المحكمة الدستورية العليا الرئاسة بصفة مؤقتة حتى إجراء انتخابات رئاسية قريبا. المهزلة الحقيقة أيها القادة الأفارقة هى استمرار تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الافريقى بحجة الانقلاب العسكرى وأن تعهدوا برئاسته إلى جنرال وقائد حرس جمهورى انقلب على رئيسه السابق .