قصف مدفعي إسرائيلي ل معبر رفح الآن    تقرير يرصد عدد صواريخ حزب الله التي سقطت على المنازل والمباني في شمال إسرائيل وآثارها    «عودة الموجة الحارة».. توقعات طقس اليوم الأربعاء والأرصاد تحذر المواطنين    بنص قصير وحاسم، الجزائر ستقدم مشروع قرار لمجلس الأمن لوقف المجازر في رفح    خمس دول في الناتو: سنرسل لأوكرانيا الدفعة الأولى من القذائف خلال أيام    موعد اعتزال وإمام عاشور.. أبرز تصريحات شيكابالا مع إبراهيم فايق    شيكابالا: مصطفى شوبير كلمني قبل كدا.. والشناوي أفضل حارس في مصر    شيكابالا عن كواليس حديثه مع إمام عاشور في نهائي الكأس: ما ينفعش أقول لكن هذا ما طلبه    شيكابالا: أرفض عودة إمام عاشور للزمالك.. وخسارة نهائي القرن أمام الأهلي هي الأصعب في مسيرتي    رسميًا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 29 مايو 2024 بعد الارتفاع الأخير    اليوم.. الحكم علي المتهم بقتل طليقته في الشارع بالفيوم    الكيلاني تهنئ الشيخ سلطان القاسمي بجائزة النيل: نشكره على كل ما قدمه للثقافة المصرية    شيكابالا: تمنيت أن أكون مثل هذا اللاعب    ادخل اعرف نتيجتك..نتائج الشهادة الإعدادية في محافظة البحيرة (الترم الثاني) 2024    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    عاجل.. شيكابالا يعلن موعد اعتزاله رسميا    كريم العمدة ل«الشاهد»: لولا كورونا لحققت مصر معدل نمو مرتفع وفائض دولاري    حسين عيسى: التصور المبدئي لإصلاح الهيئات الاقتصادية سيتم الانتهاء منه في هذا التوقيت    إقالة رئيس مدينة ديرمواس بالمنيا وإحالته للتحقيق    «خبطني بشنطته».. «طالب» يعتدي على زميله بسلاح أبيض والشرطة تضبط المتهم    إصابة 6 أشخاص في حادثي سير بالمنيا    عيار 21 يسجل 3140 جنيها.. تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب والدولار    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    إلهام شاهين: "أتمنى نوثق حياتنا الفنية لأن لما نموت محدش هيلم ورانا"    هل يمكن أن تدخل مصر في صراع مسلح مع إسرائيل بسبب حادث الحدود؟ مصطفى الفقي يجيب    إرشادات للتعامل مع مرضى الصرع خلال تأدية مناسك الحج    نشرة التوك شو| تحريك سعر الخبز المدعم.. وشراكة مصرية عالمية لعلاج الأورام    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    استعدادات مجتمعية وروحانية: قدوم إجازة عيد الأضحى 2024    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    شعبة المخابز تكشف حقيقة رفع الدعم عن رغيف الخبز    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    باختصار.. أهم أخبار العرب والعالم حتى منتصف الليل.. البيت الأبيض: لم نر أى خطة إسرائيلية لتوفير الحماية للمدنيين فى رفح.. النمسا: مبادرة سكاى شيلد تهدف لإنشاء مظلة دفاع جوى أقوى فى أوروبا    وزير خارجية الأردن لنظيره الإسباني: نقف معكم ضد الهجمات الإسرائيلية بعد قرار الاعتراف بدولة فلسطين    رئيس اتحاد شباب المصريين: أبناؤنا بالخارج خط الدفاع الأول عن الوطن    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    «الأعلى للآثار» يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بعد ترميمه.. صور    حظك اليوم| الاربعاء 29 مايو لمواليد برج الثور    طريقة احتساب الدعم الإضافي لحساب المواطن    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    إصابة 17شخصًا في تصادم ميكروباص بفنطاس غاز بالمنيا    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    «زي المحلات».. 5 نصائح لعمل برجر جوسي    هل يجوز الجمع بين صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان؟    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    من أفضل 10 فرق.. جامعة الجلالة تصل لتصفيات «الابتكار وريادة الأعمال» إفريقيا (تفاصيل)    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مركز دراسات:تركيا تتحول من دولة مسالمة إلى صانعة مشاكل بالشرق الأوسط..تدعم جماعات متطرفة وتراهن على تشكيل "قوس إخوانى" بالإقليم.. ومظاهرات تقسيم تهدد عرش أردوغان..وروسيا: أنقرة أداة أمريكا فى المنطقة
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 01 - 2014

عقدت وحدة العلاقات الإقليمية، بالمركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، أمس الأربعاء، حلقة نقاش، لمناقشة التحولات "المحتملة" فى السياسة الخارجية لتركيا تجاه الشرق الأوسط، فى إطار سلسلة حلقات النقاش التى تعقدها الوحدة، بمعدل واحدة كل شهر، بهدف مناقشة التحولات التى يشهدها الإقليم، وتحديد مسارات تأثيرها على المستقبل.
وتمثل الإطار الرئيسى للحلقة، فى أنه أصبح فى الآونة الأخيرة وضع تركيا فى إقليم الشرق الأوسط، أحد القضايا المثيرة للجدل، خاصة فى ظل عملية التحول التى تمر بها سياستها الخارجية تجاه الإقليم، ومن كونها دولة عملت على "تصفير" المشاكل مع دول الإقليم، إلى دولة صانعة للأزمات، ومهددة لمصالح إستراتيجية لقوى رئيسية، وربما لقوى دولية أصبحت مهتمة بالإقليم مثل روسيا والصين، سواء فيما يتعلق بموقفها من المستقبل السياسى لجماعة الإخوان فى مصر بعد ثورة 30 يونيو، أو لإخوان الخليج، أو بشأن الصراع الدائر فى سوريا، أو إيران ودول الخليج، وخاصة تقسيم النفوذ فى الإقليم بينها وإيران ودول الخليج العربى، خاصة عقب تحول الثقل السياسى فى المنطقة إلى دول الخليج.
وعملت تركيا طوال الفترة السابقة على الثورات العربية، على حل مشاكلها مع دول الإقليم، بما فى ذلك الدول التى ترتبط معها تاريخياً بأزمات، أو قضايا خلافية، مثل العراق وسوريا قبل اندلاع الثورة فى مارس 2011.
واتجهت بعد الثورات العربية، التى انطلقت منذ نهاية 2010، لتقدم نفسها على أنها الدولة "النموذج"، لدول الثورات، لاسيما التى نجحت فيها جماعة الإخوان فى الوصول للسلطة، وهى تحديداً مصر وتونس، وبدرجة أقل ليبيا، حيث قدمت تركيا نفسها، لهذه الدول، وللدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، على أنها نجحت فى أن تحافظ على طابعها الديمقراطى فى ظل حكم حزب إسلامى، هو حزب العدالة والتنمية، وأن تحافظ فى الوقت ذاته على معدلات نمو اقتصادى مرتفعة، بفضل سياسات اقتصاد السوق التى تتبعها، وبالتالى تعد نموذجاً حياً، يفند ما ساد من مقولات فى الغرب، حول عدم ديمقراطية قوى الإسلام السياسى.
وانتشر فى الدوائر الأكاديمية التركية منذ الثورات العربية، تصور بأنها أصبحت الدولة التى تستطيع أن تحافظ على الاستقرار فى الإقليم regional order instituting country، فى ظل حالة الاضطراب التى شهدها فى الفترة التالية على الثورات العربية، وما ارتبط بها من تحول فى الأدوار الإقليمية لدول مارست دورا تاريخيا مؤثرا فيها، مثل مصر والسعودية وسوريا، وبدرجة ما إيران، ولكن، بعد ثورة 30 يونيو 2013 فى مصر، واضطراب الأوضاع فى تركيا، نتيجة مظاهرات تقسيم، ثم قضايا الفساد التى مست دوائر قريبة من رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، أصبحت تركيا دولة تثير اضطرابات وتتسبب فى مشاكل فى العديد من دول الإقليم.
ويعد هذا التحول فى السياسة التركية، مرتبطاً بما يشبه أزمة "دور" تمر بها، حيث تظل كدولة تبحث عن دور معين لها فى الإقليم، لا ينتقص من أدوار دول أخرى، حتى لا تكون فى وضع شبيه لوضع إيران، وفى الوقت ذاته، يكون دورها مدعوما من القوى الدولية ذات التأثير فى الإقليم، وبالتالى يتمثل التساؤل الذى تهدف الحلقة النقاشية للإجابة عليه، هو هل ستصبح تركيا مثل "إيران" من حيث تسببها فى العديد من المشاكل فى الإقليم، وامتلاكها وكلاء فى عدة دول فى المنطقة، أم أنها ستعود إلى نموذج الدولة "المسالمة"؟
ونوقش فى هذا الإطار، أبعاد التحول فى السياسة الخارجية التركية، ودلالات ذلك فيما يتعلق بوضع تركيا فى إقليم الشرق الأوسط، من خلال ثلاثة رؤى، تعبر عن القوى الأكثر تأثيرا فى الإقليم، والتى ستؤثر بصورة ما على وضع تركيا فى الإقليم، وهى الرؤية الخليجية لتحولات السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الأوسط، والرؤية الإيرانية لتوجهات السياسة الخارجية التركية، والرؤية الروسية لأبعاد السياسة الخارجية التركية.
وتركز النقاش، حول ما إذا كان هناك تغير فى وضع تركيا فى إقليم الشرق الأوسط باتجاه أن تكون دولة صانعة للمشاكل trouble maker، على ضوء التحولات فى سياساتها الخارجية تجاه الإقليم، حرص الفريق القائم على تنظيم الحلقة، على مشاركة أحد المحللين الأتراك فى النقاش، بهدف ضمان قدر من التفاعل بين الدوائر الأكاديمية المصرية والأكاديميين الأتراك.
ويعرض التقرير، الاتجاهات الرئيسية للنقاش، على ضوء الإطار الرئيسى للحلقة، الذى أعدته إيمان رجب، الباحثة فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وفى ضوء الأوراق والمداخلات التحليلية التى قدمها المشاركون فى الحلقة.
وقدم ورقة العمل الرئيسية، على جلال معوض، الباحث المتخصص فى الشئون التركية، مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، وبمشاركة: إسلام أوزكان، الباحث المتخصص فى الشئون التركية، إسطنبول، محمد عز العرب، الباحث المتخصص فى شئون الخليج، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ومحمد عباس ناجى، الباحث المتخصص فى الشئون الإيرانية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ونورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، وأدار حلقة النقاش، السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق، وعملت إيمان رجب، مقرراً للحلقة.
وسيطر على النقاش توجه عام رئيسى بأن التطورات التى يشهدها إقليم الشرق الأوسط، تخلق بيئة "غير مشجعة" لمزيد من التوسع للنشاط التركى فى الإقليم، بذات الآليات والسياسات التى اتبعتها تركيا فى الفترة التالية على الثورات العربية، وتظل قدرة تركيا على التكيف مع هذه التغيرات محدودة، خاصة مع تزايد ضغوط الأزمات الداخلية التى تمر بها تركيا منذ احتجاجات ميدان تقسيم، وتركز النقاش حول ما يلى:
التغير فى الأهداف والآليات:
اتجه النقاش، إلى أن التحول الحالى فى السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الأوسط، لا يقتصر على تحول فى السياسات، إنما أيضاً فى الأهداف والآليات، على نحو أثر سلبا على الوضع فى المنطقة فمن ناحية، انتقل هدف تركيا فى سياساتها الخارجية من التغيير "الإيجابي" للإقليم، من خلال معالجة الصراعات فيه، إلى هدف تغيير الأنظمة نفسها، وإنشاء نظم إسلامية ديمقراطية، تستلهم النموذج التركى، القائم على الإصلاح السياسى والاقتصادى، و"استقلال" السياسة الخارجية، ولكن مسار التطورات فى المنطقة، جعل الهدف يفتقر لشرعية إقليمية.
وارتبط بهذا التغير فى الأهداف، توظيف "صراعى" الأدوات السياسة الخارجية، سواء الأدوات الدبلوماسية من خلال سحب السفراء، واستضافة المعارضة وفرض عقوبات اقتصادية كما هو الحال فى سوريا، أو التلويح بسحب تعهدات اقتصادية كما حدث مع مصر بعد ثورة 30 يونيو، ومن خلال استخدام وسائل الإعلام التركية التى عملت فى السابق على التواصل والانفتاح على المنطقة العربية، للتأثير السلبى فى الدول، وهو ما كان واضحا فى قناة "رابعة"، إلى جانب ذلك، عملت تركيا على التهديد بالتدخل العسكرى فى سوريا، وعلى توظيف المخابرات التركية لإدارة شئون المنطقة، ولتقديم الدعم لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، حيث أصبحت المخابرات التركية كياناً موازياً لوزارة الخارجية التركية.
ويرى هذا الاتجاه، أنه ترتب على هذا التغير، تحول فى آثار السياسة التركية، ونتائجها، حيث أصبح هناك مشكلة فى "الحضور" التركى فى القضايا المشتعلة فى المنطقة، على نحو قلص قدرة تركيا على الاستمرار فى لعب دور الوسيط، خاصة مع تراجع قدرتها على فتح قنوات اتصال مع الدول فى المنطقة.
"تعدد" التفسيرات:
رغم اتفاق المشاركين فى الحلقة، على أن التحول الحالى فى السياسة الخارجية لتركيا، متعدد الأبعاد ويؤثر سلباً على الوضع فى منطقة الشرق الأوسط، إلا أنه لا يوجد اتفاق حول تفسير التحول، خاصة بين الدوائر الأكاديمية المصرية، والدوائر التركية.
وتبلور اتجاه يعكس نمط التفسير السائد فى الدوائر الأكاديمية المصرية المهتمة بالشأن التركى، ويفسر التحول بثلاثة عوامل، يتمثل العامل الأول فى خطأ التقدير الإستراتيجى لتركيا، فيما يتعلق برؤيتها لمستقبل المنطقة بعد الثورات العربية، ومراهنتها على تشكل قوس إخوانى أو من قوى "الإسلام المعتدل"، كما تفضل أن تمسيه، وينصرف الثانى إلى غياب المؤسسات الموازنة، التى تعمل فى حالات محددة ككوابح لجماح السياسة الخارجية، ويتعلق الثالث، بالفجوة بين تصور تركيا بعد الثورات العربية، و"حدود" القدرة التركية على التأثير فى المنطقة.
وذهب الاتجاه الأخر، والذى يعبر عن أحد الدوائر الأكاديمية التركية، لتفسير التحول فى السياسة التركية، بعاملين، يتمثل العامل الأول فى الاضطراب الذى شهدته السياسة الغربية بصفة عامة والأمريكية بصفة خاصة تجاه المنطقة، حيث يرى هذا الاتجاه أن الحديث عن استقلال السياسة التركية، يغفل حقيقة "التلازم التاريخى" بين السياسة التركية والسياسات الغربية، ليس فى عهد حزب العدالة والتنمية فقط، وإنما منذ نشأة الجمهورية فى تركيا. حتى أن هذا الاتجاه يرى أن التيار المسيطر على صنع السياسة التركية حالياً هو "تيار غربى"، يهتم فى سياساته تجاه الشرق الأوسط بالسياسات الغربية، ويرى أن الخطوط الحمراء للسياسة التركية، هى المواقف الدولية، ومواقف المنظمات الدولية.
وينصرف العامل الثانى، إلى الطابع البراجماتى للسياسة التركية، الذى يعلى من أهمية المصلحة التركية، فهذا الاتجاه يرى أن سياسات تركيا لا تقوم على "مبادئ"، كما يرى البعض، وتتمثل مصلحة تركيا وفق تصور هذا الاتجاه، فى استعادة الدور الذى كانت تلعبه الدولة العثمانية، حتى وإن ترتب على ذلك تبنيها سياسات لا تتفق والخط العام المميز للسياسة التركية، ومن ذلك على سبيل المثال، تبنى تركيا موقف "طائفى" من بعض القضايا، رغم أن السياسة التركية تاريخياً ليست طائفية.
"براجماتية" خليجية:
واستندت مناقشة الرؤية الخليجية لتحولات السياسة التركية تجاه الشرق الأوسط، إلى الثقل السياسى الذى أصبحت تتمتع به دول الخليج فى الإقليم، فى الفترة التالية على الثورات العربية، خاصة ثورة 30 يونيو فى مصر، وهى تحديداً السعودية والإمارات، والبحرين والكويت، على نحو تستطيع معه أن تقلص فرص إعادة تموضع تركيا فى الإقليم، إذا ما أضرت سياسات تركيا الخارجية بمصالحها الإستراتيجية، فضلاً عن احتفاظها بشبكة علاقات مع قوى رئيسية فى تركيا، تسمح لها بممارسة نفوذ فى داخل تركيا.
وكان هناك اتفاق فى النقاش، على أن دول الخليج الست تختلف فى تقييمها لسياسات تركيا فى المنطقة، حيث تصورها قطر على أنها شريك إستراتيجى لها، بينما ترى البحرين والكويت وعمان، أنها دولة تختلف معها فى سياساتها، دون أن يعنى ذلك معاداتها، فى حين ترى السعودية والإمارات، أن سياسات تركيا خلال الستة أشهر الأخيرة، مصدر توتر فى العلاقات معها، خاصة ما يتعلق منها بتقديم الدعم للإخوان المسلمين.
ورأى اتجاه فى النقاش، أن هذه الدول تتبع بدرجات متفاوتة، سياسة "التحالفات المرنة" مع تركيا، والتى تسمح لها بالعمل على بعض الملفات التى تتفق فيها مع تركيا، رغم الخلافات بينها فى قضايا أخرى، ففى الوقت الذى يستمر فيه التعاون الاقتصادى والأمنى بين تركيا ودول الخليج، هناك "عدم رضا" عن السياسات التركية، الخاصة بالتدخل فى الشئون الداخلية للدول.
الخصم الذى لا يمكن معاداته:
وانطلقت مناقشة الرؤية الإيرانية لتوجهات السياسة التركية تجاه الشرق الأوسط، من أن هناك تصور ساد فى الدوائر الأكاديمية منذ الثورات العربية، أن هناك توافق إيرانى – تركى على تقسيم ناعم للنفوذ فى إقليم الشرق الأوسط، استناداً لخطوط طائفية، بحيث تكون إيران الدولة صاحبة النفوذ بين القوى الشيعية، فى حين تكون تركيا الدولة صاحبة النفوذ بين القوى السنية. وتراجع الحديث عن هذا التوافق مع استمرار الصراع فى سوريا.
ورأى اتجاه فى النقاش، أنه يسيطر على إيران فى تعاملها مع تركيا، تصور بأن تركيا خصم لا يمكن معاداته بصورة معلنة، أو الدخول معه فى مواجهة مباشرة، ويرجع إلى تحكم المصالح فى هذه الرؤية، وليس الايدولوجيا أو المبادئ، وذهب هذا الاتجاه فى تقييمه للسياسة الإيرانية تجاه تركيا، إلى أن إيران استخدمت تركيا لفتح نوافذ مع الغرب، وهو ما انعكس فى استضافة إسطنبول المحادثات بين إيران ومجموعة 1+5 حول البرنامج النووى الإيرانى، ومحاولات الوساطة التى قامت بها تركيا، والتى انتهت إلى إبرام اتفاق تبادل الوقود النووى بينها إيران والبرازيل، والذى أعلن عنه فى مايو 2010.
وكان هناك اتجاه آخر فى النقاش، يرى أن العلاقات بين الجانبين منذ الثورات العربية، مرت بفترات انتقل فيها الصراع من صراع "مكتوم" إلى صراع "معلن"، مثل حالة العراق، وسوريا، على نحو أزكى الصراع السنى -الشيعى فى المنطقة، وكادت أن تنزلق فيه مصر أثناء فترة حكم الإخوان المسلمين، ووفق هذا الاتجاه، تظل فرص عودة التوافق الإيرانى – التركى حول المنطقة، قائمة، بعد اتفاق جنيف النووى بين إيران ومجموعة 1+5، واحتمال لعب تركيا دور ما فى المفاوضات التالية على الاتفاق.
رؤية "متناقضة":
وانطلقت مناقشة الرؤية الروسية لأبعاد السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الأوسط، من تحول روسيا إلى العب سياسى مؤثر فى تفاعلات الإقليم، على نحو غير مسبوق، حيث لم تعد المصدر للسلاح لدول المنطقة فقط إنما أصبحت تمتلك رؤية للمنطقة، والاستقرار فيها، ولعلاقات النفوذ والأدوار للقوى الرئيسية، وهى رؤية لا تتفق مع الرؤية الأمريكية، وهو أمر يمثل ضغوطاً على السياسة التركية.
ورأى اتجاه فى النقاش، أن رؤية روسيا لتركيا هى "متناقضة" بدرجة ما، وذلك يرجع إلى تصور روسيا بأن تركيا هى أداة السياسة الأمريكية فى المنطقة، ورغم ذلك، فهى دولة مهمة بالنسبة لروسيا فى إقليم الشرق الأوسط.
وذهب هذا الاتجاه إلى ان التصور الروسى لمنطقة الشرق الأوسط يعلى من أهمية الاستقرار، باعتبارها جوار شبه مباشر لروسيا، تهدد حالة عدم الاستقرار بها المصالح الأمن الروسى، وأن السياسات التركية فى الفترة التالية على الثورات العربية، تسببت فى عدم الاستقرار فى المنطقة، وهو ما أدى إلى وجود خلاف روسى - تركى حول قضايا "سياسية" كبرى، تؤثر على استقرار المنطقة، وتشمل الموقف التركى من البرنامج النووى الإيرانى، والدور التركى فى احتلال العراق فى تعزيز عدم الاستقرار فيه، ودور تركيا فى دعم المشروع الإخوانى، ودورها فى دعم "الفوضى" فى سوريا.
ورأى هذا الاتجاه، أن روسيا حتى الآن، نجحت فى فصل خلافاتها السياسية مع تركيا، عن العلاقات الاقتصادية والعسكرية، سواء فى مجال الطاقة، أو فى مجال التعاون العسكرى، وهو ما يعكس براجماتية روسية وتركية.
العزلة أو التوازن:
ولم يكن هناك اتفاق على ما إذا كان وضع تركيا فى الإقليم سيستقر لفترة على كونها دولة صانعة للمشاكل trouble maker، كما يقترح الإطار الرئيسى لحلقة النقاش، ولكن اتجه النقاش إلى أن أى تغير فى السياسة التركية خلال الفترة المقبلة، يتوقف على التغير فى هيكل السلطة فى داخل تركيا، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية فى أبريل 2014، وهنا يمكن التمييز بين اتجاهين، اتجاه رأى أن احتمال استمرار حزب العدالة والتنمية لا يزال قائم، حيث إن الكتلة التصويتية للحزب تشمل العناصر المرتبطة به أيدولوجياً، وهى لا تزال متماسكة، وتلك التى ترتبط به بمصالح اقتصادية، ولم تتضرر بعد من سياسات أردوغان الخارجية.
وراهن اتجاه آخر، يعبر عن التصور الخاص بروسيا ودول الخليج لمستقبل وضع تركيا، على حدوث تغير فى السلطة فى تركيا على ضوء الاضطرابات الأخيرة، ووفق تقدير هذا الاتجاه، قد يترتب على ذلك تغير التصور الروسى للدور السياسى لتركيا فى المنطقة، وكذلك التصور الخليجى.
وانتهى النقاش، إلى تحديد سيناريوهين محتملين لمستقبل وضع تركيا فى الإقليم، يتمثل السيناريو الأول فى التوجه للانعزال عن الشرق الأوسط، وهو سيناريو تدعمه دول الخليج، حيث ترى هذه الدول أن تركيا ستنكفئ على الداخل لمواجهة مشاكلها الداخلية، فى الوقت الذى تتمدد فيه دول الخليج.
وينصرف السيناريو الثانى، إلى اتجاه تركيا لاستعادة التوازن فى سياستها الخارجية، ولكن رأى النقاش، أن هناك صعوبات هيكلية ستحول دون تحقيق تركيا لذلك، كما أن اتجاه تركيا مؤخرا للتراجع عن سياساتها العدائية، تغير بطيء وقد لا يحدث تحول حقيقى فى السياسة التركية فى المدى القصير، حيث ترغب الحكومة التركية فى تجنب أى موقف "حرج" فى مواجهة الرأى العام التركي، خاصة بعد الحملة الإعلامية ضد نظام الأسد، وإن الوضع الحالى فى إقليم الشرق الأوسط، "غير مرحب" بأى توسع فى السياسة التركية، أو باستمرار وضع تركيا كدولة مثيرة للمشاكل فى الإقليم، خاصة أن سياسات واشنطن تجاه الإقليم تمر بعملية إعادة تعريف الأولويات والسياسات، كما أن روسيا التى أصبحت تمارس تأثير ملحوظ فى المنطقة، وكذلك دول الخليج، تختلف مع السياسات التركية فى المنطقة، خاصة أنها لا تخدم مصالحها، وبالتالى، لا تتوافر لتركيا الشرعية المطلوبة للاستمرار فى سياساتها الحالية فى المنطقة.
إلى جانب ذلك، سيكون للتطورات التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تأثير ملموس على مستقبل وضع تركيا فى الإقليم، لاسيما التقارب الإيرانى - الأمريكى، والذى من المتوقع أن يكون له تأثير على الرؤية الإيرانية لتركيا، خاصة أن أى اعتراف بإيران من قبل واشنطن كدولة "صديقة" فى المنطقة، سيترتب عليه خصم من الدعم الأمريكى لتركيا، كما أنه قد يغير من رؤية دول الخليج لتركيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.