من علو الهمة فى الإنسان عزة النفس وعفتها وصونها عن السؤال وعما يشين، لذلك يرفض عالى الهمة أن يعيش عالة على الناس وأطلقها العملاق عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، صحيحة (يا معشر القراء اعملوا ولا تعيشوا عالة على الناس)، لذلك قام علم من أعلام القراء فى عصره وهو الإمام عاصم الكوفى فى المتوفى سنة 127ه بالعمل من أجل صيانة نفسه رغم عاهته التى تغلب عليها فقد كان مكفوف البصر فاشتغل فى تجارة الغلال حتى أطلق الناس عليه لقب (الحناط) الذى يعنى بائع الحنطة وهى القمح. إن إطلاق كلمة (الفتة) وأقرانها بقوم يحملون أعظم كتاب وهو القرآن الكريم وجعله وسيلة للتسول وقراءته بصورة غير كريمة أمور لا تصح. فالذى نعرفه أنه كتاب هدى ورحمة وحركة حياة، لكننا جعلناه كتاب موتى متى نفهم القرآن ونحسن التعامل معه ونعمل العقل والتدبر، بدلاً من التطويح برؤوسنا ذات اليمين وذات الشمال وذات الشمال وإطلاق كلمة (الله .. الله ) أعد يا مولانا كلما قرأ بصوته الجميل آيات الخوف والعذاب، لقد قرأ تلك الآيات عبد الله مسعود، رضى الله عنه، حتى بكى من جلالها وهيبتها فبكى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وقرأها عمر، رضى الله عنه، حتى سقط مغشياً عليه وحمل إلى بيته ومكث أياماً مريضاً من هولها نحن فى حاجة إلى إعادة نظر فى علاقتنا بالقرآن وتصحيح مفاهيمنا.