قالت هيومن رايتس ووتش، فى تقرير أصدرته اليوم الأربعاء، إن سياسات الحكومة الإيرانية إزاء اللاجئين والمهاجرين الأفغان تخرق التزاماتها القانونية بحماية هذه الفئة المستضعفة من الانتهاكات، حيث قامت قوات الأمن الإيرانية بترحيل الآلاف من الأفغان بإجراءات موجزة، دون مراعاة الإجراءات الواجبة، ودون السماح لهم بفرصة إثبات أن لهم حقا للبقاء فى إيران، أو تقديم طلبات لجوء. وقال تقرير،"قام المسؤولون الإيرانيون خلال السنوات الأخيرة بالحدّ من الآليات القانونية المتاحة للأفغان لكى يطالبوا من خلالها باللجوء أو طلب وضع المهاجر فى إيران، رغم أن الأوضاع فى أفغانستان قد تدهورت، تمثل هذه السياسات تحدٍ جسيم لحقوق وأمن نحو مليون أفغان، تقر بهم إيران كلاجئين، ومئات الآلاف ممن فروا من الحرب وانعدام الأمان فى أفغانستان، كما تخرق هذه الممارسات التزامات إيران بموجب اتفاقية 1951 للاجئين". وأضاف، جو ستورك نائب المدير التنفيذى لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى هيومن رايتس ووتش: "ترحل إيران الآلاف من الأفغان إلى بلد يعانون فيه من خطر حقيقى وجسيم، وعلى إيران الالتزام بسماع طلبات لجوء هؤلاء الأفراد وليس جمعهم وإلقاءهم عبر الحدود إلى أفغانستان". ووثقت هيومن رايتس ووتش، انتهاكات منها الاعتداءات البدنية والاحتجاز فى ظروف غير صحية ولا إنسانية، والإجبار على دفع رسوم للتنقلات والإقامة فى مخيمات الترحيل والعمل الجبرى والفصل القسرى بين أفراد العائلة الواحدة، معربة عن قلقها إزاء انتهاكات قوات الأمن الإيرانية ضد الأطفال المهاجرين غير المصحوبين ببالغين – الذين يسافرون دون آباء أو أولى أمر أخرين – وهم جزء غير قليل من العمال المهاجرين والمُرحّلين الأفغان. وتزيد السلطات الإيرانية من ضغوطها على الأفغان كى يغادروا البلاد، حيث أنهت الحكومة الإيرانية فى يونيو 2012 تسجيلها فى خطة إعادة التنظيم الشامل التى وضعتها، التى سمحت لبعض الأفغان المقيمين بصفة غير قانونية بإضفاء الطابع القانونى على إقامتهم والحصول على تأشيرات محدودة. وفى نوفمبر 2012، أصدر مجلس الوزراء الإيرانى قراراً يسمح للحكومة بطرد 1.6 مليون أجنبى "يقيمون بصفة غير قانونية فى إيران" بنهاية عام 2015، هذا القرار الذى تمت الموافقة عليه على مستوى نائب الرئيس، يوجه وزارة الداخلية أيضاً إلى تيسير الإعادة الطوعية لنحو 200 ألف أفغانى آخرين مصنفون بموجب القانون بصفة اللاجئين، وإنهاء حالة اللاجئ لنحو 700 ألف آخرين من الأفغان. وأمر المسؤولون الإيرانيون 300 ألف أفغانى يعيشون فى إيران بتأشيرات مؤقتة، وتصاريح عمل مؤقتة – بموجب خطة إعادة التنظيم – بمغادرة البلاد بعد نفاد مدد التأشيرات فى 6 سبتمبر 2013، دون فرصة للتمديد، وحتى كتابة هذه السطور لم يكن المسؤولون الإيرانيون قد نفذوا بعد خطتهم بترحيل هؤلاء الأفغان. ومع تصعيد الحكومة الإيرانية الضغوط على الأفغان لكى يغادروا، فإن الوضع الاقتصادى والأمنى المتردى فى أفغانستان يزيد من المخاطر المحدقة بالعائدين، ففى الشهور الستة الأولى من عام 2013 أدى النزاع الأفغانى المسلح وانحسار معدلات الأمن إلى تزايد عدد النازحين داخل أفغانستان بواقع 106 ألاف، ليصل إجمالى عدد النازحين داخلياً إلى 583 ألفاً، وتعد هجمات طالبان والجماعات المتمردة الأخرى هى العامل الأساسى فى الزيادة بواقع 23 فى المائة فى عدد الخسائر فى صفوف المدنيين خلال الشهور الستة الأولى من 2013 مقارنة بالفترة نفسها فى عام 2012، كما أن انحسار الاستثمارات الدولية والمساعدات التنموية قبيل الموعد النهائى عام 2014 للانسحاب الكامل للقوات الدولية المقاتلة من أفغانستان، يزيد من انعدام الأمان الاقتصادى. وتحرم القيود القانونية والمعوقات البيروقراطية الإيرانية الأفغان الوافدين مؤخراً من فرصة تقديم طلبات اللجوء أو تسجيل أنفسهم فى أى من صيغ الحماية الأخرى التى يكفلها القانون الدولى بناء على الوضع فى أفغانستان، وقالت هيومن رايتس ووتش إن السياسات الإيرانية تحول دون إتاحة فرصة الطعن القانونى على الترحيل بالنسبة لمئات الآلاف من الأفغان فى إيران الذين قد يواجهون الاضطهاد أو مخاطر كبرى لدى العودة إلى أفغانستان. وقال جو ستورك: "لقد تحملت إيران عبء استضافة أحد أكبر تجمعات اللاجئين فى العالم لأكثر من ثلاثة عقود، لكن عليها أن تفى بالمعايير الدولية الخاصة بمعاملتهم"، وتابع: "قد تكون أفغانستان مكاناً أخطر الآن من ذى قبل، وقت أن بدأ اللاجئون فى التدفق إلى خارج أفغانستان.. ليس هذا بالوقت المناسب لأن تعيد إيران هؤلاء الأفراد إلى بلدهم". قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغى على الحكومة الإيرانية التصدى للثغرات الكبيرة فى نظام اللجوء الإيرانى وهى الثغرات التى تحرم الأفغان من حق تقديم طلبات اللجوء. الأفغان البالغ عددهم الآن أكثر من 800 ألف شخص معترف بهم كلاجئين سجلوا عام 2003 بموجب نظام "أمايش" وهو نظام تسجيل تم تصميمه للتعرف على اللاجئين المعترف بهم وتعقبهم، مطلوب منهم تجديد بطاقات تسجيل اللاجئين الخاصة بهم كل عام وإلا فمن الممكن ترحيلهم إلى أفغانستان. كما وثقت هيومن رايتس ووتش مشكلات فى معاملة إيران للاجئين الأفغان المسجلين، استحدثت الحكومة الإيرانية عملية معقدة وشاقة لاحتفاظ الأفغان بوضع "أمايش" الخاص بهم. تشتمل هذه العملية على إعادة التسجيل بشكل متكرر لدى الهيئات الحكومية المعنية، دون مساعدة رسمية لمحدودى القدرة على القراءة والكتابة الذين يكافحون لفهم الإجراءات البيروقراطية، والرسوم المجحفة التى لا يمكن للكثير من اللاجئين الفقراء تحملها. قال أفغان مرحلون عن إيران لهيومن رايتس ووتش إن أصغر الأخطاء الفنية – مثل الأخطاء التى تحدث أثناء عملية التسجيل – قد تدفع السلطات الإيرانية إلى تجريد الأفغان من وضع اللاجئ بشكل نهائى وإلى ترحيلهم بإجراءات موجزة. كما قررت الحكومة الإيرانية "حظر" مناطق كبيرة من إيران فى وجه سفر وإقامة غير الإيرانيين. كذلك تخرق الشرطة وقوات الأمن الإيرانية حقوق الأفغان وترتكب انتهاكات جسيمة أثناء ترحيلهم، بعض الأفغان الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش حصلوا على الوضع القانونى كلاجئين من السلطات الإيرانية، وأمضى العديد منهم عدة سنوات أو حتى عقود فى إيران، لكنهم أفادوا أن المسؤولين الإيرانيين الذين رحلوهم لم يتيحوا لهم الوقت أو الفرصة لأخذ أجورهم ومتعلقاتهم الشخصية، أو حتى – فى بعض الحالات – فرصة الاتصال بأقاربهم. إن السياسات الخاصة بالحكومة الإيرانية إزاء المهاجرين الأفغان تهيئ المجال لانتهاكات أخرى ولأوجه من التمييز، رغم أن السلطات الإيرانية قد بذلت جهداً لتعليم الأطفال الأفغان، فإن العديد من الأطفال الأفغان غير المسجلين يواجهون عقبات بيروقراطية تحرمهم من ارتياد المدارس فى خرق للقانون الدولى. يحد القانون الإيرانى من فرص عمل الأفغان ممن لديهم وضع اللاجئ، بحيث تقتصر أعمالهم على عدد محدود من الوظائف الخطيرة ومتواضعة الأجر، بغض النظر عن التعليم أو المؤهلات، كما أن القانون الإيرانى يضيق كثيراً ويمنع حقوق المواطنة والزواج عن الأفغان، الرجال الإيرانيون الذين يتزوجون إيرانيات لا يمكنهم التقدم بطلب الجنسية الإيرانية، ويواجه الأطفال فى تلك الزيجات معوقات كبرى فى الحصول على الجنسية الإيرانية. كما أخفقت الحكومة الإيرانية فى اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الأفغان من العنف البدنى المتصل بتزايد مشاعر العداء للأجانب فى إيران، أو محاسبة من يرتكبون هذه الأعمال. وقال جو ستورك: "إن إيران تخفق على عدة مستويات فى احترام حقوق الأفغان المقيمين فى إيران"، وتابع: "حتى المهاجرين دون وضع اللاجئ لهم حق واضح فى تعليم أبنائهم، وأن يكونوا بمأمن عن الانتهاكات، وأن يحظوا بفرصة التماس اللجوء قبل الترحيل، وهى حقوق لا تحترم الحكومة الإيرانية أى منها"