طرحت على الساحة مرة أخرى قضية مافيا تجارة الأعضاء البشرية فى مصر بعدما تم ضبط اثنين من التشكيلات العصابة الأجنبية المتخصصة فى شراء الأعضاء البشرية من المصريين وبيعها للأثرياء العرب مقابل آلاف الدولارات للعضو الواحد بمحافظة 6 أكتوبر، خاصة مع الاعترافات التى أدلى بها أفراد التشكيلات العصابة بقيامهم بعمل فحوصات وتحاليل طبية لبائعى الأعضاء فى مستشفيات ومراكز طبية شهيرة بالمهندسين، وهو ما أثار قضية أخرى غاية فى الخطورة متعلقة بمدى الدور الذى تقوم به وزارة الصحة والجهات الرقابية بها فى شن حملات تفتيشية على هذه المستشفيات لضبط المخالفات والأخطاء التى تشهدها غرف العمليات بها. العميد جمال عبدا لبارى رئيس قطاع مباحث أكتوبر قال إن التشكيلات العصابة الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية تمارس أنشطتها فى أكتوبر للحداثة التى تتميز بها هذه المحافظة، بالإضافة إلى الهدوء التى تشهده مع توافد الكثير من سكانها من المحافظات المختلفة للعمل فى المنشآت الجديدة بالإضافة إلى أن قطاع أكتوبر يجمع بين الأثرياء المصريين والعرب وبين الفقراء والعاملين الكادحين فى مكان واحد، مما يسهل نشاط تلك العصابات فى توفير البائع والمشترى، كما يحتوى على العديد من الجنسيات المختلفة من مختلف البلدان العربية، خاصة من الأردن وسوريا، مما يجعلها قبلة يستهدفها هؤلاء لمواصلة مسلسل الاتجار فى الأعضاء البشرية التى يمارسونها فى بلادهم. وقد شدد عبد البارئ على أهمية الدور الذى تلعبه الجهات الرقابية فى وزارة الصحة لكشف هذه التشكيلات والتى يكمل هذا الدور قيام الأجهزة الأمنية بتعقب المتهمين والتوصل إلى الجانى والمجنى عليه والسمسار الذى توسط بينهما وكشف باقى التشكيلات الأخرى الممارسة لنفس النشاط معتبرا التواصل بين الصحة والداخلية هو الذى سيكون فيه القضاء على هذه التجارة، وقد أرجع زيادة هذه الجرائم فى هذه الآونة الأخيرة نظرا للأزمة الاقتصادية التى حلت وأثرت على المجتمعات الفقيرة قبل الغنية، وكذلك عدم الشعور بخطورة عمليات النقل إلا بعد ما يقع الشاب بين يدى هؤلاء السماسرة. بينما يرى الدكتور سيد عبد العلى رئيس قسم التخدير بجامعة الازهر، أن وزارة الصحة هى التى أعطت الفرصة لتجار الأعضاء البشرية فى التوغل داخل المجتمع المصرى واتخاذهم من المصريين سلعة يعرضونها للبيع للأثرياء بسبب انعدام الدور الرقابى على المستشفيات والمراكز الخاصة المنتشرة فى الأماكن الراقية والتى تكون قبلة لراغبى الحصول على الأعضاء البشرية، حيث تقوم إدارة هذه المستشفيات والمراكز المتخصصة بدور السمسار فى توفير الأشخاص الراغبين ببيع أجسادهم وتوفق بينهما للحصول على نسبة من جراء عملية البيع، وشدد على ضرورة تشكيل لجان تفتيشية من وزارة الصحة لمتابعة المستشفيات والكشف عن أى خلل أو مخالفات تقع داخل غرف العمليات، مع تشديد العقوبة الموقعة على المخالف مهما كانت صفته ومكانته خاصة مع انتشار ممن يدعوا انتمائهم لمهنة الطب دون إبدائهم أى التزام بآداب وأخلاق المهنة والذين يشوهون بأفعالهم مهنة الرحمة وينتحلون بزيهم المزيف دور الأطباء، ويستطرد الدكتور العلى أن السبب فى انتشار وضخامة هذه التجارة هو ارتفاع أسعار بيع هذه الأعضاء، حيث يصل ثمن الكلية إلى 10 آلاف جنيه، وقرنية العين إلى ما يقرب من ب15 ألفا، وفص الرئة إلى 20 ألف جنيه. وعلى الرغم من صدور تقارير كثيرة تؤكد وجود مصر ضمن قائمة أكثر دولا العالم تجارة فى الأعضاء واحتلالها المركز الرابع فى المقدمة، إلا أن الدكتور إمام حسين أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، شكك فى مصداقية هذه التقارير معللا ذلك أن تجارة الأعضاء تتسم بالخفاء وتتم فى ستار الليل لمخالفتها للقوانين والشرع وأرجع قيام بعض المنظمات والجمعيات وصف مصر بذلك لكونها من أكثر الدول الإفريقية كثافة بالسكان مع ارتفاع معدلات الفقر وزيادة أعداد الشباب العاطل، والذى يسعى للحصول على ما يكفى حاجته من الماديات بأية وسيلة حتى ولو كانت بالاستغناء عن جزء من جسده مقابل مبلغ مالى يقويه على متاعب ومشاق الحياة، وأضاف أيضا أن من ضمن هذه الأسباب انتشار ظاهرة أطفال الشوارع وتعاطى المخدرات وزيادة أعداد عصابات التسول مع قيام بعض الأشخاص "السماسرة" بتسهيل وترويج هذه التجارة متخذين من بعض الأنشطة ستارا لتجارتهم مثل أعمال السفر والهجرة غير الشرعية والتى يقع فيها الشباب فريسة سهلة لتجار الأعضاء. وعن زيادة نشاط مافيا تجارة الأعضاء تحدث الدكتور إمام حسين أنه طالما زاد الطلب على سلعة معينة زادت هذه السلعة، ومع اتخاذ الأثرياء العرب مصر مكانا يجدون فيه ضالتهم فستستمر هذه التجارة خاصة مع المبالغ المهولة التى يتم عرضها للوصول إلى الأعضاء التى يحتاجونها وأضاف أن هناك قانونا جديدا يتم الإعداد له ودراسته ووضع مواده خاص بتجريم الاتجار بالأعضاء البشرية سيكون من شأنه القضاء على هذه التجارة وهو غير القانون الخاص بنقل وزرع الاعضاء والذى لم يظهر حتى الآن نتيجة الاختلاف فى بعض أوجهه ومواده.