ما بين إعلان تصريحات منسوبة للدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء والطاقة، حول إمكانية تكفل رجال الأعمال بنفقات دراسات مواقع محطات نووية بديلة لموقع الضبعة، وما تردد عن تسلل مجموعة مجهولة من مصريين وأجانب إلى موقع الضبعة لتصويره ومعاينته، تمهيدا لترويجه سياحيا, تطل نوايا غير طيبة لمستثمرى الساحل الشمالى الطامعين فى الموقع الأشهر والأكثر إثارة للجدل خلال السنوات الأخيرة، وهو الجدل الذى يبدو أنه لن ينتهى قبل حسم الأمر لصالح أى من الطرفين، إما رجال الأعمال وأساطين الاستثمار السياحى بالساحل الشمالي، وإما وزارة الكهرباء وشرفاء الوطن المدافعين عن أمل مصر الأخير فى إحياء المشروع النووى، المحكوم عليه حتى الآن بالإعدام مع إيقاف التنفيذ. تصريحات وزير الكهرباء التى نقلتها صحيفة قومية فى صفحتها الأخيرة، أشارت إلى تأكيد الوزير بأنه لا مانع من تنازل الوزارة عن أرض الضبعة لهم إن تحملوا تكلفة الدراسات الجديدة الجارى إجراؤها على المواقع البديلة للضبعة، وهى التصريحات التى جرت على الوزير موجة من الانتقادات التى وصلت إلى مجلس الشورى، ليدخل أعضاء لجنة الإنتاج الصناعى والطاقة بمجلس الشورى، بعد أن أصروا على أن يكشف الوزير عن المواقع التى تم ترشيحها كبدائل للضبعة، وهو ما تهرب منه الوزير طيلة الاجتماع، قبل أن يعتذر عن اجتماع اللجنة الذى كان مقررا عقده بعدها بيومين، بالإسكندرية، لاستكمال مناقشة مشروع القانون، خوفا من تكرار هذا الموقف، المفاجأة أن وزير الكهرباء تنصل من تلك التصريحات، وأكد أنها لم تصدر عنه، على لسان الدكتور أكثم أبو العلا، وكيل وزارة الكهرباء للإعلام، الذى أكد أن الوزير "لم ولن يصدر مثل تلك التصريحات". إذن هناك من يروج لمثل هذه التصريحات لأهداف ليست بالتأكيد فى صالح المشروع، وإن كانت فى صالح مشروعات أخرى، ستقوم على أنقاض المشروع النووى، الذى قد تكون هذه فرصة مصر الأخيرة لإنجازه، بحسب تأكيد مصدر وثيق الصلة بهيئة المحطات النووية، ودراسات المشروع، لأن الدراسات حتى الآن تشير إلى أن الضبعة هى الأفضل لإقامة المحطات النووية فى مصر من الناحية الفنية، لكن المصدر أكد أن هناك حسابات أخرى تتداخل مع الرأى الفنى، نتيجة لضغوط مستثمرى الساحل الشمالى، القريبين من الحزب الوطنى، ودوائر صنع القرار العليا، وأكد المصدر، الذى يشغل منصبا هاما فى هيئة المحطات النووية، أن الضبعة هى الأفضل لإقامة المحطات النووية بنسبة 100%، وأن أى قرار يخالف ذلك هو قرار سياسى بالدرجة الأولى. ولا يمكن تبرير حادث تسلل بعض الأشخاص الذين من بينهم أجانب إلى موقع الضبعة مؤخرا، وقيامهم بتصوير الموقع فوتغرافيا وبكاميرات الفيديو سوى بأنه حلقة جديدة من سيناريو معد مسبقا للتشكيك فى الضبعة، والضغط على وزارة الكهرباء للبحث عن موقع بديل للمشروع النووى، خاصة وأن أحد رجال الأعمال المناهضين لمشروع المحطات النووية لم يكتف بإعلانه المستمر عن معارضته للمشروع، بل إنه اخترق الحزام الأمنى المخصص لمحطة الضبعة، والذى يمتد لكيلو مترين شرقى وغربى سور المحطة الخارجى، وقام بشراء الأرض الواقعة شرقى السور من واضعى اليد، انتظارا لإجهاض المشروع، ليتمكن من شراء أرض الموقع كاملة، على الرغم من منع محافظة مطروح، لأى تعامل مع الأرض الواقعة فى الحزام الأمنى للمحطة بطول كيلو مترين شرق وغرب المحطة. ولا داعى للتعجب إذا عرفنا أن رجل الأعمال الذى اشترى أرض الحزام الأمنى للضبعة، هو الدكتور إبراهيم كامل الذى يشغل منصب رئيس مجلس أمناء الاستثمار بالساحل الشمالى، ومالك مطار العلمين الدولى، وهو الرجل الذى استطاع إقناع رجل الأعمال محمد أبو العينين فى حضور أحد اجتماعات مجلس أمناء الاستثمار، فى مارس 2008 ليعلن أبو العنين خلال الاجتماع نيته لزيارة موقع الضبعة بصحبة أعضاء لجنة الصناعة والطاقة التى يرأسها بمجلس الشعب، لمعاينة الموقع وتحديد مصيره، استجابة لشكوى المستثمرين من تعطيل الموقع، وعدم استغلاله سياحيا، وتسببه فى تعطيل مشروعات خاصة بهم. ولم يتوقف نفوذ مستثمرى الساحل الشمالى عند حد إقحام رئيس لجنة الصناعة بمجلس الشعب فى الأمر، بل وصل نفوذهم إلى إقحام اللواء عبد السلام المحجوب، وزير التنمية المحلية فى أحد اجتماعات مجلس الاستثمار مرة أخرى، وهذه المرة طالب المحجوب بسرعة بدء العمل فى المشروعات السياحية التى وصفها ب "المتوقفة"، لوقوعها فى "الحزام الأمنى" الخاص بالموقع، وذلك خلال اجتماع مجلس أمناء الاستثمار بالساحل الشمالى.. ولم يكن المحجوب هو المسئول التنفيذى الوحيد فى هذا الاجتماع، بل صاحبه اللواء سعد خليل، محافظ مطروح، والمسئول التنفيذى الأول عن تراخيص المشروعات السياحية بالساحل الشمالى، وتحدث الاثنان، المحجوب وخليل، عن المشروعات المتوقفة بسبب محطة الضبعة بالقرب من الحزام الأمنى للمحطة، وأفتى وزير التنمية المحلية بجواز البدء فورا فى هذه المشروعات، لأنها لا تهدد أمن المشروع النووى، واستند فى تصريحاته تلك إلى حسابات خاطئة لموقع المحطة النووية – حال بنائها – باعتبارها ستكون فى منتصف الموقع الذى يمتد بطول 15 كيلو مترا، وأكد المحجوب أنه المساحة المتبقية فى هذه الحالة للحزام ستكون 2.5 كيلو مترا خارج الأسوار، يمكن إنشاء المشروعات فى محيطها. ما سبق يؤكد أن لوبى المستثمرين المناهض لإقامة المشروع بالضبعة لا يعد وسيلة لعرقلة المشروع، ولا يجد غضاضة فى إقحام مسئولين تنفيذيين فى مخططاته، لما له من نفوذ طاغ ونافذ، دون أدنى حساب لأهمية المشروع على المستوى القومى، ولكن هدفهم الاستحواذ على الأرض.