عجباً لزمان غابت عنه شمس الحق وكثرت فيه المحن والأزمات وحجبت فيه الرؤيا عن العين والقلب.. ونما الخوف على أرض باتت ثمارها أشلاء ترويها أنهار من الدم.. استرق النظر للحظات لأجد موجات الصراع هنا وهناك عارية أمام تزييف الحقائق.. وأرى المعتقدات تئن من الألم على مصير اقترفناه بأيدينا وأسميناه ثورات الربيع.. لم أجد من تلك الثورات غير ليل ظلامه طويل ونجومه قهر وعويل وطريقه مقفرة ونهايته غير آمنة وكلها أمنيات من المستحيل.. كم تمنيت أن أرى تلك الثورات يملؤها الأمل وتحقيق الهدف والتضامن الأكيد.. ولكنها للأسف ثورات نهارها طويل وأفكارها عن الحق تحيد ومسافات التوافق بين من أشعلوا فتيلها بعيدة المنال والتحقيق.. فقد حفروها على لوح من الثلج لا يلبث أن يسيل عند بزوغ أول شعاع للشمس دون أن يصلوا إلى اتفاق يدعم ويقوى تلك الثورات التى راح ضحيتها الكثيرون وسالت من أجلها أنهار من الدماء. ماذا تريدون وإلى ماذا تطمحون يا أبناء الشعوب العربية؟ كل ثورة أشعلتموها باتت ظلالها مخيفة.. أضحت خيالات نواسى بها أنفسنا.. معتقدات تختلفون حولها وتتقاتلون بسببها.. ومغامرات تعجز الأمنيات عن تحقيقها.. لم تعد ثوراتكم ربيعاً طالما فيكم متآمرون وطالما أنكم تسعون لتفتيت شملكم وقتل وحدتكم بأيديكم.. كيف ستكون ثورة وأنتم تحاربون بعضكم بعضاً ولا تستطيعون أن تصلوا إلى قرار تحددون به مصيركم وترسمون به خارطة مستقبلكم؟.. لقد أصابكم الوهن من كثرة ما أزهقتم من أرواح إخوة لكم فى الدين والوطن.. لكنكم مع ذلك للغرب طائعين وأياديكم بأيديهم متحدين وضد أهلكم وشعبكم متأمرين.. كم تمنيت أن تنطوى عجلة الأيام كى أشاهد أجمل ما حلمنا به نحن العرب من ثمار هذه الثورات وهى تتحقق.. أخوة وتفاهم واتحاد.. لكن للأسف لم أشاهد سوى الدمار والأنين وأوهام أصابت تفكير الكثيرين على غصن ذابل نسميه معاً أكذوبة المتآمرين.. نهرب إليهم ونحتمى تحت أجنحتهم ونذوب بعباراتهم ونحن على يقين بأن سيوفهم تطعن ظهورنا على الرغم من ابتساماتهم الزائفة. إلى متى تصدقونهم وتشعلون نار الفتن فى بلادكم وتلوثون نسيم أرضكم وتراب أوطانكم؟.. إلى متى تستسيغون عبوديتكم التى تباع وتشترى بأبخس الأثمان؟ إلى متى تقبلون بإهانة ضمائركم وقطع ألسنة الضعفاء منكم والتأمر مع الكبار ضد إخوتكم بالدين، ألا تدركون نهاية ذلك الطريق؟ ألا تخافون على أسمائكم من كتب التاريخ؟ أما آن الأوان للقضاء على العبث ببلادكم والتأمر على أراضيكم وأوطانكم وسلب حريتكم ورفع شعار عبوديتكم لكل العالمين.. ألا تسعون لأن تزرعوا مكان ذلك الوفاء والإخلاص لشعوبكم الصابرة ولوطنكم الذى منحكم اسمه؟ أخى العربى فى كل مكان.. قل لى ماذا تريد بالضبط.. أمن وأمان واستقرار وراحة بال؟.. هل تحقق لك ذلك بثورات الربيع؟؟ تلك الثورات التى هللتم لها وعلقتم عليها الآمال وزعمتم أنكم كسرتم بها قيد المستحيل.. لم أجد بلداً واحدة ممن طالها هذا الربيع هدأت وابتسمت لها الحياة، وقال شعبها ها نحن بعد ثورتنا حققنا الراحة والأمان وأثمرت أشجارنا حياة بلون الزهر.. بل على العكس من ذلك لم نستنشق من هذه الثورات إلا عبير الرصاص وترانيم القتل وأنهاراً من الدماء.. ورسائل كلها تهديد ووعيد.. ومؤامرات تتراقص كطير جريح على جثث أشخاص لا ذنب لهم سوى عشقهم لأوطانهم وحلمهم بأن يعيشوا حياة يغلفها الحب وكرامة الإنسان.. أمريكا ومن يقف وراءها من دول العالم تسعى لتفتيتنا.. لتفرقتنا.. لقتل المحبة بيننا وزرع البغضاء فى قلوبنا لنكون لقمة سائغة بين أنيابها وأنياب ربيبتها إسرائيل.. فهل نحن على وعى بذلك؟؟ بالله عليكم يا إخوتى اتحدوا وتكاتفوا وكونوا يداً واحدة تقهر كل معتدى غريب عن ديارنا.. عندها ستجدون العالم كله يخشانا ويقدرنا ويحترمنا.. دعوا موكب الحق يسير ومعه صحوة الضمير والعمل لمصلحة بلادكم حتى لا تجدوا أنفسكم يوماً قابعين فى مزبلة التاريخ!!