وزير الدفاع الصيني: سنتحرك بحزم وقوة لمنع استقلال تايوان    وسام أبوعلي: معظم عائلتي استشهدت    «الأرصاد»: طقس الأحد شديد الحرارة نهارا.. والعظمى بالقاهرة 37 درجة    «أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    إنفوجراف| ننشر أسعار الذهب في مستهل تعاملات اليوم الأحد 2 يونيو    مبروك للناجحين وأوائل 3 إعدادي..رابط سريع لنتيجة الشهادة الإعدادية 2024 الترم الأول في الفيوم    32 لجنة تستقبل 5 آلاف و698 طالبا لأداء امتحانات الثانوية الأزهرية بكفر الشيخ    منصة ستيم لألعاب الكمبيوتر: حسابات ألعاب المستخدمين غير قابلة للتوريث    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس شعبة المخابز يتحدث عن تطبيق قرار الخبز    أسعار الخضار في الموجة الحارة.. جولة بسوق العبور اليوم 2 يونيو    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    سيناتور أمريكي: نتنياهو مجرم حرب ولا ينبغي دعوته أمام الكونجرس    الفنان أحمد جلال عبدالقوي يقدم استئناف على حكم حبسه بقضية المخدرات    عبير صبري: وثائقي «أم الدنيا» ممتع ومليء بالتفاصيل الساحرة    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    توقيف يوتيوبر عالمي شهير نشر مقاطع مع العصابات حول العالم (فيديو)    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن غارةً جويةً جنوب لبنان    مواعيد القطارات اليوم الأحد على خطوط السكك الحديد    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    الأونروا تعلق عملها في رفح وتنتقل إلى خان يونس    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسلمة الشوارع
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 07 - 2009

فى مدينة المحلة الكبرى، حيث قضيت جانبا كبيرا من طفولتى وشبابى، أقيمت فى مطلع الثمانينات كنيسة إلى جوار منزلنا تسمى كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل، فشرع على الفور صاحب المنزل الذى نسكن به إلى تحويل جراج أسفل العقار إلى مسجد سماه مسجد فاطمة الزهراء ليكون فى مواجهة الكنيسة، ثم حصل على موافقة المجلس المحلى لتغيير اسم الشارع الذى يقع به المسجد والكنيسة إلى شارع فاطمة الزهراء.
هذا التصرف عنى تغييراً فى المزاج العام للمدينة، فالمحلة الكبرى لمن لا يعرفها مدينة مفتوحة طوال عمرها على كل الأراء والأفكار وتتعايش فيها الأديان بسلام، ومن أشهر مدارسها مدرسة الأقباط التى تقع داخل الكنيسة وتجاور جامع أبو الفضل الوزيرى، فى منطقة تعرف باسم سويقة الأقباط، ويلتحق بها المسلمون دون تمييز.. فى نفس الوقت الذى كان فيه مدرسة أخرى تسمى الجمعية الخيرية يلتحق بها المسلمون والأقباط أيضا دون تمييز.
ورغم أن المحلة من البلاد التى تنشط بها جماعة الإخوان وجمعية أنصار السنة، فى نفس الوقت الذى تحتفظ فيه برصيد تاريخى لحزب الوفد وحضور قوى لليسار فى الحركة العمالية.
باختصار هى مدينة يتمتع أهلها بتدين ملحوظ سواء مسلمين أو مسيحيين، وتنفتح فيه على كافة الأفكار السياسية بما فى ذلك الماركسية، وهكذا عاشت سنوات طويلة تحافظ على هذا التنوع وتجعله رصيداً لها يزيد من تماسكها ولا يؤدى إلى اقتتال أو تناحر بسبب الأفكار أو المعتقدات.
لكن تطورا كبيرا حصل فى المدينة التى بدأ أهلها يضيقون بالاختلاف منذ نهاية السبعينيات، وتحديدا بعد الهجرة الكبيرة للخليج والاحتكاك بالأفكار الوهابية السلفية، فعاد العاملون من السعودية بمزاج أكثر ضيقا بالآخر ويميل للتطرف، لذلك كانت السرعة فى تشييد المسجد وتغيير اسم الشارع.
المحلة الكبرى نموذج مصغر لمصر كلها، فحركة أسلمة الشوارع لم تعد حكرا على المحلة، وإنما انطلقت إلى كل أنحاء مصر، ففى الدقى وإلى جوار نادى الصيد يوجد شارع يحمل اسم ميشيل باخوم تم تحويله إلى شارع النور.. رغم أن ميشيل باخوم معمارى مصرى مميز أسس مع أحمد محرم عام 1950 أقدم مكتب تصميم عربى لمشاريع الهندسة المدنية الكبرى، وهو "المهندسون الاستشاريون العرب" "محرم – باخوم".
وكان باخوم أستاذاً لعلم هندسة الإنشاءات بكلية الهندسة جامعة القاهرة. وقام بتصميم، ومراجعة تصميم معظم الجسور والمطارات والأنفاق والقناطر وصوامع الغلال فى مصر والكثير من الدول العربية والأفريقية، وهو صاحب فكرة إنشاء استاد القاهرة، لكن كل ذلك لم يشفع له فتم رفع اسمه من على لافتة الشارع.
نفس الشىء حدث فى شبرا، حيث أشهر ميدان فيكتوريا إسلامه، وتحول إلى ميدان نصر الإسلام، رغم أن فيكتوريا هى سيدة يونانية وأول من سكنت الميدان وانتقلت المعركة إلى لافتات المحال، حيث وضعت بعض المحال لافتات تقول عصير فيكتوريا.. لترد على محال أخرى عليها لافتة عصير نصر الإسلام!
ومثل هذه التصرفات لا تعتبر بسيطة أو عارضة لأنها تنتشر فى كل مصر وهى تعطى إحساسا للأقباط بأنهم أقلية غير مرحب بها، مما يزيد الشعور بالغبن لديهم، ويجعل الناس فى كل أنحاء الوطن فى حالة استنفار غير مبرر، لدرجة أن يتحول خلاف تافه على رهن زجاجة مياه غازية إلى معركة بين المسلمين والمسيحيين تضطر معها قوات الأمن إلى الوصول إلى القرية بأعداد تفوق السكان وفرض حظر التجول.
طوال التاريخ البشرى لم ينعم أتباع الأديان بعيشة مشتركة فى معظم أنحاء العالم وحتى الآن، لكن مصر ظلت لسنوات طويلة بمنأى عن رياح التطرف، لكن هذه العدوى انتقلت إلينا فى السبعينيات وتصاعدت فى الثمانينيات، حتى وصلت إلى فتنة طائفية حقيقية ليست خافية على أحد.
كتبت عدة مقالات فى اليوم السابع عن مظاهر ودوافع التطرف والفتنة، وفى كل مرة يسألنى القراء هل المسيحيون فى مصر يعانون من الاضطهاد، والإجابة قولاً واحداً أن التضييق على حرية بناء الكنائس وممارسة الشعائر اضطهاداً بسبب الدين.. يجب التوقف عنه.. كما يجب التصدى لملف التعايش بين المسلمين والمسيحيين فى مصر بمنتهى الوضوح والشفافية.
وأعتقد أننا بحاجة ماسة إلى إنشاء مجلس أعلى للأديان يشارك فيه ممثلون للمسلمين والمسيحيين وممثلو المجتمع المدنى، ويتبع هذا المجلس الرئيس مباشرة وتكون له صلاحية التدخل المباشر لرفع مظاهر الظلم والتصدى لأى بوادر للفتنة وإصلاح القوانين التى تحتاج إلى تغيير، وبغير ذلك سنكون كمن يدفن رأسه فى الرمال، بينما الحريق مشتعل داخل البيت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.