لا أرى لا أسمع

يبدو أن النظام الحالى من ماركة "أبو لمس" فكل صحفى أو كاتب أو إعلامى ينتقد أداء مسئول ما، يسارع هذا المسئول إلى تقديمه إلى النيابة بتهمة السب والقذف والإهانة وهلم جرا.
والحقيقة أن الصحفيين والإعلاميين والكتّاب الشرفاء مظلومون، فهم يشيدون عندما يروون أن هناك عملاً يستحق الإشادة، وينتقدون عندما تكون هناك سلبيات، والأصل فى النقد هو إبراز العيوب والأخطاء؛ لتلافيهما فى المستقبل.
نعترف أن هناك منهم غير شرفاء وظهروا على حين غفلة، ومجرد وجودهم فى حياتنا يثير الغثيان؛ ولكن هذا هو حال جميع المهن؛ فهناك الطبيب الشريف وهناك الطبيب سىء السمعة، وهناك المدرس صاحب الضمير الحى وهناك المدرس الرديء، وهناك الضابط الشريف وهناك غير ذلك وهناك المحامى الجيد وهناك المحامى الألعبان، وهناك وهناك "ما تعدّش".
وهؤلاء عندما ينتقدون مسئولاً، فهم ينتقدون أداءه لا شخصه، وهذا هو نصيب كل صاحب منصب جماهيرى، وبعدين مش معظم المسئولين تبعنا فى بدايتهم مع المنصب يقولون،" إذا وجدتم فى اعوجاج قومونى" ولا هو كلام يا ابن عمى وخلاصّ!
والحقيقة عندما يرى المسئول أن كل من ينتقده أصبح عدوه يصبح هناك خلل ما فى شخصية هذا المسئول، وعندما يضيق بالنقد يصبح عرضة للقيل والقال ويكون غير جدير بالمنصب الذى يجلس على كرسيه، لأنه يجب عليه فى حالة نقده أن يثبت عكس ما يُقال وذلك بالعمل الجاد الذى لا تشوبه شائبة، فالناس لديها وعى كبير وتستطيع أن تميز بين من هو جاد فى عمله ومن هو "فنجرى بق"!
ويجب على المسئول أن يشجع الإعلاميين وغيرهم على نقد أعماله وإرشاده إلى طريق الثواب وتوضيح مواطن الضعف والقوة فى شخصيته حتى يعالج ما به من ضعف وبذلك يتقدم فى عمله وتتقدم بلدنا إلى الأمام.
وليتذكر كل مسئول أن من يقوم بنقده قد يكنُّ له كل الود والحب وإلا ما تعرض لأعماله وقراراته وليتركه هو وشأنه؛ لكى تكثر أخطاؤه وتسوء صورته أكثر فأكثر، وقد سئل ناقد ذات مرة: لماذا تنتقد فلانا؟ فأجاب: لأنى أحبه! وهذا صحيح فى كثير من الأحوال.
فيجب تشجيع الصحفيين والكتاب والإعلاميين وغيرهم على توضيح رؤيتهم ووجهة نظرهم إرساءً لقواعد الديمقراطية وحرية التعبير وحتى لا يصبح لدينا صحفيون وكتاب وإعلاميون من ماركة أنا لا أسمع لا أرى لا أتكلم، وينضمون للقطيع!!