عاد السيد "سيد قراره" يطل علينا بعينين وقحتين ويهز كتفيه فى لامبالاة ولسان حاله يقول "إن كان عاجبكم". لم يهتز ولم يتحرك للتحقيق على أثر ما نشرته الزميلة "المصرى اليوم" حول أحكام «الإدارية العليا» وتقارير محكمة النقض، التى أقرت بطلان عضوية بعض النواب، ولكن اللجنة التشريعية بالمجلس لسنوات أخفتها وتجاهلتها ولم تعرضها على المجلس لكى يتم تنفيذها. لقد أقرت اللجنة العامة لمجلس الشعب بوجود 32 تقريرا ببطلان عضوية 32 عضو مجلس شعب، وهو ما يضع المجلس والحكومة والحزب الوطنى فى حرج شديد. العدد لا يستهان به رغم أن عضو المجلس الذى كشف الموضوع يزعم أن العدد ضعف هذا. وفى الديمقراطيات الحقيقية لو كان بالبرلمان عضو واحد يمارس سلطة لا يستحقها فهذا أمر لا يشين المجلس وحده وإنما يعيب فى حق البلد كلها، ويعنى أن هناك من يجلجل صوته فى قاعة المجلس مطالبا بإقرار القانون وإحقاق الحق وإنصاف المظلومين وسيادة العدالة فى حين أنه شخصيا أول دليل على غياب وانعدام والاستهانة بكل ما يطالب به !. أين كان الجميع وكيف غاب عنهم أن يطالبوا بإنصاف مواطنين هم – بحكم عدد الأصوات الصحيحة – أحق بعضوية المجلس..؟! الواقعة تفشى عوارا فى نظامنا الديمقراطى، فبدلا من التعاون بين السلطات نرى السلطة التشريعية تتجاهل قرارات السلطة القضائية وتعلن استقلالها تحت شعار "أن مجلس الشعب "سيد قراره ". و ترجمة هذه العبارة أن مجلس الشعب بإمكانه أن يلقى بعرض الحائط ما لا يوافق هواه من قرارات الوزارة (التنفيذية) وقوانين القضاء (القضائية) ويتمسك بالباطل رغم أنف الجميع. فإذا كان هذا حال أهم سلطتين فى البلاد فما بال الوضع بالنسبة للسلطة التنفيذية ؟ كيف نتعجب إذا ما ألقت بعرض الحائط أحكام القضاء وتجاهلت قرارات مجلس الشعب. وإذا كان هذا هو الحال بين السلطات الثلاثة فلماذا نعيب على السلطة الرابعة (الصحافة) انتقاداتها المستمرة لممارسات السلطتين التشريعية والتنفيذية ومحاولاتها الدءوبة لإصلاح ما يفسدانه ؟. و إذا كانت هذه هى الصورة البانورامية لمصر القرن الحادى والعشرين (الكل يضرب فى الكل ويعلن استقلاله التام) فكيف نعيب على المواطنين استهانتهم بالقوانين والفوضى العارمة (غير الخلاقة) التى تسود العلاقة بين المواطنين بعضهم وبعض وبينهم وبين الحكومة..؟! سبق وأن مر مجلس الشعب بأزمة مماثلة فى الثمانينات وكتبنا ننتقد بشدة ما حدث، ورفع المجلس برئاسة الدكتور فتحى سرور أيضا راية "سيد قراره" فى وجه كل من اعترض، ولكن السيد الرئيس أصدر قراره بتصحيح الوضع ولولا ذلك لاستمر الباطل إلى ما لا نهاية. إن حالة الطناش التى واجه بها مجلس الشعب (أغلبية ومعارضة) قرارات محكمة النقض لا يجب أن تمر بلا محاسبة، ولابد من نشر قائمة بأسماء الأعضاء المرفوضين قضائيا لكى ينفضح أمرهم لدى دوائرهم فيعرف القاصى والدانى ألا حق لهم فى الجلوس تحت قبة البرلمان. لقد صدر التقرير منذ ما يقرب من ثلاث سنوات ( فى 19 سبتمبر 2006) وأرسل إلى مجلس الشعب، وانتهت الدورة البرلمانية، وليس غريبا على الدكتور فتحى سرور الذى يحرص كل الحرص على تنفيذ القانون "بحذافيره" أن يبتدع حلا لتعويض الطاعنين، وعقاب الأعضاء المطعون فى حقهم، وبذلك يعطى مجلس الشعب القدوة والنموذج الطيب لاحترام أحكام القضاء واحترام الشعب.