ابتليت مصر الثورة بنهضتين، أولاهما: إخوانية، والثانية: أثيوبية، والنهضة الإخوانية ما إن حلق طائرها الخرافى فى سماء مصر، حتى اكتشف المصريون فنكوشيته نسبة إلى فنكوش عادل إمام فى أحد أفلامه أى أنه اسم بغير مسمى، ومع أن عادل إمام نجح فى إيجاد المسمى عن طريق الدكتور أيوب، إلا أن الإخوان وبحق قد فشلوا فى ذلك حتى الآن رغم وجود الدكتور قنديل، أما النهضة الأثيوبية فتتمثل فى سد النهضة الذى تبنيه أثيوبيا على النيل الأزرق، وعلاقته بمصر هى أنه يحجب مياه النيل الأزرق عن نيل مصر، وروافد نيل مصر متعددة إلا أن النيل الأزرق تمثل مياهه نسبة 80% من مياه نيل مصر. ولما كان نهر النيل نهراً دولياً فإنه محكوم باتفاقات دولية تنظم العلاقة بين دول المنبع ودول المصب، وقضية مياه النيل ليست قضية أمن قومى لمصر، وإنما هى قضية حياة أو موت، قضية وجود، فمصر كما يقول هيرودوت هبة النيل، والعبث بهذا الملف هو عبث بوجود مصر، لأن نهر النيل هو شريان الحياة لمصر، هو المياه التى نشربها، وهو المياه التى نروى بها أراضينا داخل هذا الوادى الضيق حوله، وهو المصدر الوحيد للمياه على ندرة المياه الجوفية وشح الأمطار وانعدام محطات تحلية مياه البحار على شواطئنا الممتدة شرقاً وشمالاً، ومصدر رئيسى من مصادر توليد الكهرباء عن طريق السد العالى، فجأة تجد كل ذلك مرهون بإرادة غيرك، فالمحبس لديه إن شاء فتحه وإن شاء أغلقه. وهو الذى يقدر دونك مدى احتياجاتك المائية وقدرها، ويقدر مدى الضرر الذى يحيق بك متى أغلق المحبس أو فتحه بقدر، وملف المياه قديم إلا أن الدولة المصرية قد لعبت فيه دوراً حال دون تجرؤ دول المصب على النيل من مصر، ليس خوفاً بقدر ما هو مهابة، فقد لعبت مصر الدور الأبرز والأهم فى حركات التحرر الأفريقية بما جعل هذه الدول مدينة بالفضل لمصر ولزعامتها، وكان هناك دوراً للأزهر الشريف وللكنيسة المصرية، إلا أنه للأسف جرى إهمال أفريقيا على نحو فتح للغير باباً للمزاحمة والتهميش، وعندما تصورنا أنه بثورتنا قد تحررت إرادتنا، وأننا سندير كافة الملفات لحساب مصر الوطن، فوجئنا بطائر النهضة الإخوانى يدير ملفات مصر لحساب الجماعة "وطظ فى مصر على نحو ما قال كبيرهم". فأصبح الرابط الموضوعى بين النهضتين النهضة الإخوانية والنهضة الأثيوبية أن كلاهما يهدد مستقبل مصر ويهدد وجودها، ولذا فقد وجدت مصر نفسها أسيرة أزمة فى إدارة أزمة سد النهضة، حينما خالف ممثلى الجهات الرسمية فى تصريحاتهم ما ذهبت إليه الآراء الفنية الصادرة عن خبراء المجال، فممثلى الجهات الرسمية ذهبوا إلى القول بعدم وجود أضرار، والآراء الفنية ذهبت إلى القول بوجود مخاطر محققة، فإذا بالأزمة تتبلور قسماتها فى التضارب والتناقض بين تصريحات ممثلى الجهات الرسمية فيما بينها، وتضارب وتناقض تصريحات الممثل الواحد من وقت إلى آخر، وهذا يدل دلالة واضحة على أن المناط بهم آداء هذا العمل الإحترافى هم مجموعة من الهواة المبتدئين اللذين لا هم لهم سوى أخونة مؤسسات الدولة، ولذا ابتليت مصر الثورة بالنهضتين.