أدعوكم اليوم لمشاهدة فيلم عربى طويل، مدته من ساعتين ونصف لثلاث ساعات، ولمن يسألنى: هل هو (قصة أم مناظر؟)، يسعدنى أن أقول لكم: (إنه مناظر)، فالقصة معروفة ومكررة وقد تم استنساخها ملايين المرات، ولكن المناظر حتما ستعجب الكثيرين، وللذى يسأل عن محاور الفيلم العربى المعروفة: رقص وحب وضرب، أحب أن أطمئنهم أن الفيلم مليء بمشاهد الحب، أما الرقص فهو لا ينقطع طوال ساعات عرض الفيلم، الأبطال هم: العريس والذى غالبا ما يلبس بدلة سوداء وأحيانا بيضاء، ويقوم بدور (زوج الراقصة) كما أنه الراقص الأول فى الفيلم، والعروسة وهى تلبس فستانا أبيضا دائما، غالبا ما تكون محجبة وأحيانا تكون متبرجة، ولكن تلك التفصيلة البسيطة فى ملابس البطلة لا تؤثر أبدا على دورها المتميز فهى راقصة الفيلم الأولى، وتبقى أدوار البطولة الثانية لوالد العريس ووالدته وإخوته، ووالد العروسة ووالدتها وإخوتها، وهناك (الكومبارس) أو المجاميع وهم أقارب العروسين وجيرانهم وأصحابهم. يبدأ الفيلم كالمعتاد بدخول البطل والبطلة على ترتيل لأسماء الله الحسنى، كعادة قنواتنا التليفزيونية حين تبدأ بالقرآن وتنتهى بالقرآن، وكلنا يعلم ما بينهما، ثم تبدأ الموسيقى المسجلة مسبقا والتى تعرف باسم (الدى جى)، تعزف نغماتها ليبدأ إيقاع الأحداث فى التسارع، وحينها تبدأ وصلات الرقص بكل أنواعه وأشكاله، الشرقى منه والغربى، لتستمر طوال عرض الفيلم بلا توقف أو انقطاع، يتبادل فيها الأبطال أدوارهم المحددة مسبقا، الجميع يشارك فى رقصة الجنون الجماعية تلك، وبالطبع للترفيه عن المشاهدين يتخللها مشاهد حب ساخنة بين بطلى الفيلم: العريس والعروسة، يتخلى فيها البطل عن كل معانى الرجولة، ليقف وبكل جرأة يعرض زوجته وأم أولاده (مستقبلا) أمام الجميع وهى بين زراعيه، ويتم تصوير تلك اللحظات الساخنة لتكون هى (أفيش) الفيلم، ولأننا كمصريين مبدعين دائما، فستجد المصورين المحترفين الذين يمكنهم تصوير تلك اللحظات فى أروع ما يكون، أثناء عرض الفيلم أو قبلها بأيام وسيتم نشرها بعد ذلك على صفحات الإنترنت، ليراها الملايين، فيحسدون ذلك المغوار على زوجته، ويتمنون لو أنهم مكانه، فيسعد هذا العريس الممتلئ رجولة واحتراما، وهو يرى كل من هب ودب، والغث والسمين يشاهد الزوجة الفاضلة وأم الأبناء (فيما بعد) فى تلك الأوضاع المزرية، وينتهى الفيلم بذهاب العروسين لبيت الزوجية، وعودة (الكومبارس) لبيوتهم بعد قيامهم بأدوارهم. وبعد مشاهدتى للفيلم، إسمحوا لى بالتقييم: من الناحية الفنية: الفيلم ركيك وسطحى، والقصة مكررة ومملة، وليس فيها أى إبداع، كما أن الكثيرين لا يتقنون أدوارهم، والافتعال سمة ظاهرة على الجميع. ومن الناحية الأخلاقية: الفيلم مبتذل، ضاعت فيه قيم الدين والأخلاق والمروءة، واضمحلت الرجولة، وغرقت الأنفس فى لجة المعاصى، بعد أن تعاهدا أبطال الفيلم على كتاب الله وتزوجا على سنة رسوله، فعلا كل ما يوجب سخط الله، ويغضب رسوله. ولا أدرى كيف سينظر هؤلاء فى عيون أبنائهم حينما يكبرون، ويشاهدون آباءهم وقدواتهم الأولى فى هذا الشكل المخجل. والحكمة الوحيدة التى استفدتها بعد مشاهدتى لهذا الفيلم: (أن الخطأ يظل خطأ، ويبقى الحرام حراما، حتى لو طال أمدهم أو فعلهم الجميع)، وأنتظر تقييم باقى المشاهدين.