تشغل زيارة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، إلى مصر يوم الخميس المقبل اهتمام الصحف الأمريكية، وتقول صحيفة هيوستن كرونيكال فى مقال كتبه جاسون برونلى إن رسالة أوباما المنتظرة إلى العالم الإسلامى تفرض اختباراً حقيقياً لتعهد الرئيس الأمريكى بوضع نهاية لسوء المعاملة التى يتعرض لها المعتقلون وإعادة السمعة الأخلاقية للولايات المتحدة. وتشير الصحيفة إلى أن مصر، أكبر دولة من حيث تعداد السكان فى الشرق الأوسط، وموطن رأس أيمن الزرقاوى، أحد رموز تنظيم القاعدة، كانت دائماً حليفا عزيزا، وإن كان مصدر قلق للولايات المتحدةالأمريكية. ولقد صرفت الإدارة الأمريكية السابقة، برئاسة جورج بوش، مصر على اعتبار أنها مثالاً يحتذى به فى المعركة ضد الإرهاب، على الرغم من أن وزارة العدل الأمريكية وجهت اللوم كل عام إلى أجهزة الأمن المصرية لاستمرارها فى "سوء معاملة وتعذيب السجناء". وترى الصحيفة أن هنا تحديداً تكمن "ورطة" الرئيس الأمريكى، فالولاياتالمتحدة وبّخت الحكومة المصرية لأنها تعرض معتقليها إلى تعذيب شديد، على الرغم من أنها تؤيد، وفى بعض الأوقات تستغل، استخدام نفس الأساليب. وتشير الصحيفة إلى أنه فى حال لم يتوقف الرئيس الأمريكى عن دعم سوء معاملة المعتقلين بالخارج، وعلى رأس القائمة مصر، فإنه بذلك لن يبدد المخاوف الدولية المتصاعدة إزاء التزام واشنطن بحكم القانون. وربما لا يوجد تجسيد أكثر وضوحاً لهذه الورطة من ظاهرة "التسليم الاستثنائى"، والتى تعرضت لانتقادات منظمات حقوق الإنسان وإن كان الرئيس بوش قد تم استثنائه من حظر التعذيب، وهو ما يعنى تسليم بعض المعتقلين المشتبه فى صلتهم بالإرهاب لدول تقوم باستجوابهم وتعذيبهم. وقد قامت الولاياتالمتحدة بتسليم معتقلين لدول عديدة مثل مصر وسوريا والأردن. وكانت مصر بلداً مفضلاً لأمريكا فى هذا الأمر بدءا من صيف 1995 عندما اعتقل عملاء أمريكيون مسلحا إسلاميا يدعى طلعت فؤاد قاسم وسلمته للقاهرة. ولم تترد أى أخبار عن قاسم منذ هذا التاريخ ويعتقد أنه تم إعدامه. ويمضى برونلى فى القول إنه خلال السنوات الخمس الأخيرة من رئاسة بيل كلينتون، تمت ما يقرب من 10 عمليات تسليم معتقلين غير عادية، ويرجح تكرار ستة أضعاف هذا الرقم خلال فترة جورج بوش الأولى. وكان من بين هؤلاء المعتقلين الذين سلمتهم إدارة بوش إلى مصر، مواطن مصرى المولد يدعى ممدوح حبيب تم اعتقاله فى باكستان عام 2001 ثم نُقل من قبل السلطات الأمريكية إلى مصر لمدة ستة أشهر ثم انتقل إلى معتقل جوانتانامو لعامين ونصف العام قبل أن يتم إطلاق سراحه دون توجيه اتهام إليه. وتكشف القضايا المشابهة لقضية حبيب كيف أن تعذيب المعتقلين أضر بهوية أمريكا فى الداخل وصورتها فى الخارج، ومن الممكن أن تستمر تداعيات عمليات التسليم الاستثنائية لسنوات. حيث يخضع 26 من عملاء المخابرات الأمريكية الآن للمحاكمة فى إيطاليا لقيامها بعملية تسليم أبو عمر المصرى من ميلانو إلى مصر. ويختتم الكاتب مقاله بالقول إن أوباما كان قد تعهد بمحاربة الإرهاب مع الالتزام بحكم القانون. ولجعل هذا الأمر مقنعاً من القاهرة، عليه أن يتجاوز مجرد التوبيخ الأمريكى للحلفاء مثل مصر بسبب انتهاكاتهم لحقوق الإنسان، وأن يتعهد بأن الولاياتالمتحدة نفسها لن تقوم بمثل هذه الممارسات. فإنهاء عمليات التسليم الاستثنائية سوف تؤكد على أن الأسس الأخلاقية لأمريكا تقوم على ثوابت، وليس عمليات اختطاف وأعمال وحشية.