لن يقصف قلم فى عهدى" هذا ما وعد به الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية قبل وبعد انتخابه، ووفقاً للمثل الشعبى "كلام الليل مدهون بزبدة"، يقول الواقع إن عهده الأسوأ من حيث قمع الصحفيين والاعتداء عليهم والمساحات المتروكة لحرية التعبير وحرية الإعلام، فكانت مدينة الإنتاج الإعلامى على موعد مع حصار أنصاره من أولاد أبو إسماعيل لأول مرة منذ إنشائها، وأول اعتداء على صحفيين وقتلهم كان أمام قصره يوم فض اعتصام الاتحادية، وأحداث مكتب الإرشاد ليست ببعيد ومشهد تكسير عظام الصحفيين والمصورين أمامه كان رسالة بالغة الأهمية. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فمنذ الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس فى 21 نوفمبر الماضى الذى أطاح بالنائب العام السابق عبد المجيد محمود، وسيل البلاغات المقدمة ضد الإعلاميين والصحفيين ومقدمى البرامج لم يتوقف، والاعتداء عليهم وإرهابهم مازال مستمر، وأصبحت الملاحقة القضائية فى ظل وجود نائب عام ،متهماً بانتمائه للإخوان، سلاح أنصار الرئيس فى تكميم الأفواه وتهديد المنابر الإعلامية. كان المكتب الفنى للنائب العام قد أصدر قرارا بضبط وإحضار الإعلامى باسم يوسف، مقدم برنامج "البرنامج" على فضائية "سى بى سى"، للتحقيق معه فى عدد من البلاغات التى تقدم بها عدد من المحامين وأنصار الرئيس، وتتهمه بازدراء الإسلام وإهانة شخص رئيس الجمهورية. وجهت النيابة للإعلامى تهمة استغلاله برنامجه الساخر فى الاستهزاء من خطابات الرئيس الذى يتخذها باسم يوسف، كمادة إعلامية خصبة لتقديم برنامج الأسبوعى الذى ينتظره المصريين كل جمعة، ولم يحرك الرئيس ساكناً لمنع أنصاره من ملاحقة الإعلاميين بالرغم من وعود بضمان حرية التعبير والإعلام. فى ذات السياق أمر النائب العام المستشار طلعت إبراهيم عبد الله بإحالة البلاغ المقدم من المحامى السيد حامد، عضو لجنة الحريات بالنقابة العامة للمحامين، المعروف بدفاعه عن الرئيس وملاحقة كافة معارضيه سواء سياسيين أو إعلاميين أو صحفيين، إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق فى اتهام عدد من الإعلاميين بمخالفة ميثاق الشرف الإعلامى والصحفى والعمل على إثارة البلبلة والفوضى وتهديد امن الدولة والدعوة لقلب نظام الحكم. واختصم البلاغ رقم 854 لسنة 2013 بلاغات النائب العام قيد التحقيق كلا من لميس الحديدى، مقدمة البرامج بقناة "سى بى سى"، وعمرو أديب، مقدم البرامج بقناة أوربت، ويوسف الحسينى، مقدم البرامج بقناة "ON TV". وأوضح مقدم البلاغ أن الإعلاميين المشكو فى حقهم اعتادوا على مدار الشهور الماضية منذ أن تولى الدكتور محمد مرسى سدة الحكم فى مصر، ومن خلال البرامج التى يقدمونها، على الخروج عن النهج وميثاق الشرف، وشوهوا الحقائق ونشروا الأكاذيب بهدف إثارة الفتنة وتأجيج مشاعر المواطنين وإثارة الفوضى وتهديد السلم والأمن القومى. وأضاف السيد حامد أن السكوت على هذه الجرائم يمثل جريمة فى حق هذا الوطن لن يرحم مرتكبها التاريخ، وسيحاسب جميع من تخاذلوا عن رفع هذا الضرر عن الوطن الذى يتعرض لخطر التفتيت والحرق والتخريب، مطالباً النائب العام باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه المشكو فى حقهم، والتحقيق فى الوقائع التى ذكرها وتضمنتها مئات البلاغ الأخرى. الملفت للنظر أن ما ذكر هو نص البلاغ أى أنه لم يتضمن أى وقائع بعينها ضد الإعلاميين المتهمين فيه، غير أنها ملاحقة قضائية بتهم مرسلة تهدف فى المقام الأول لإرهاب المعارضين للرئيس، ومنع توجيه أى انتقادات لسياسات النظام الحاكم. كما أن أكثر من ألف بلاغ مقدم ضد جميع الإعلاميين فى مصر يحقق فيها المستشار ثروت حماد ،القاضى المنتدب من وزارة العدل، يتهمهم بإهانة القضاء والتعليق على أحكامه وإقحام المؤسسة فى الصراعات السياسية، وتبين من التحقيقات أن هذه التهم والبلاغات المقدمة من القضاة وتم تحريكها بعد تربع مرسى على عرش مصر، وتولى أحمد مكى منصب وزير العدل، بشأن استضافة القنوات الفضائية لمحامى أسر شهداء الثورة للتعليق على حكم قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق، وبراءة مساعدى العادلى. بل وصل الأمر لتقديم رئاسة الجمهورية بلاغات للنائب العام بنفسها ضد الإعلامى محمود سعد، مقدم البرامج بقناة النهار الفضائية، تتهمه فيه بإهانة شخص رئيس الجمهورية، وهى التهمة التى لم تستدل عليها النيابة العامة فقررت حفظ البلاغ، وتقدمت الرئاسة أيضاً ببلاغ ضد الكاتب الصحفى جمال فهمى، عضو مجلس نقابة الصحفيين تتهمه فيه بإهانة رئيس الجمهورية ذات التهمة الموجهة فى كل بلاغ ولم يصدر حتى الآن قرار فى تلك القضية.