خلال بطولات الخليج لكرة القدم، عادة ما ينشط موسم ركلات الجزاء والاحتجاجات على الحكام، لعدم احتساب ما لم يحتسب منها، وأصبح مشهد تساقط اللاعبين في منطقة الجزاء من مظاهر دورات الخليج التي لا تكتمل من دونها. وخلال البطولات الخليجية السابقة، كان الحدث المنتظر دائماً احتساب ركلة جزاء، وحين يطلق الحكم صافرته، مؤشراً بيده نحو علامة تنفيذ الركلة الجزائية، يشعر المتابعون بأن عقارب الساعة توقفت، وأن أمراً جللاً على وشك الوقوع، حتى بات الحصول على ركلة جزاء حلماً يراود اللاعبين والمدربين والمشجعين، ما جعل بعض المهاجمين يلعب طوال المباراة بحثاً عن الركلة «الملعونة»، بعيداً عن الطريقة التي يمكن بها الحصول على تلك الجزائية، فتجد أن كثيراً من اللاعبين يتعمدون السقوط، بل ويتفننون في مخادعة الحكام، من أجل الوصول إلى المرام. ولعل لاعبي المنتخب الكويتي اشتهروا في بطولات الخليج أكثر من غيرهم بإصرارهم المتواصل على البحث عن ركلة جزاء خلال مباريات منتخبهم ضد منافسيه، حتى تطور الأمر إلى أن يصبح جزءاً من ثقافة «الأزرق». ولن ينسى الكويتيون خلال فترة السبعينات إسهامات اللاعب حمد بو حمد الملقب ب«ديسكفري» في ترسيخ ثقافة البحث عن «بنالتي»، بعدما اشتهر وهو ينادي زميله جاسم يعقوب بعبارة «طيح يا جاسم» كلما دلف الأخير إلى منطقة جزاء الخصم، وكثيراً ما أثمرت سياسة بو حمد ونال الأزرق مبتغاه، وعقب سنوات طويلة توقف حمد بو حمد عن الركض، وانتقل إلى التعليق على مباريات المنتخب الكويتي، غير أنه بقي وفياً لسياسته التي يرى أن من شأنها أن تصل بالأزرق إلى تحقيق الكثير من الانجازات. وبدلاً من جاسم يعقوب جاء النجم الجديد جاسم الهويدي، ليواصل «ديسكفري» إطلاق عبارته الشهيرة «طيح يا جاسم» كلما وصل الهويدي إلى منطقة الجزاء، وخلال بطولة الخليج في عامي 1996 و1988 كان بو حمد يصرخ بأعلى الصوت ولم يكن من الهويدي إلا أن يسقط أرضاً في كل مرة يتذكر فيها أن المعلق يطالبه ب«الطيحة»، حتى بدأ لاعبو المنتخب الكويتي في غياب جاسم يتساقطون كأوراق الخريف في منطقة الجزاء بحثاً عن الركلة «الشيطانية» لا يسألون عن حرامها وحلالها! ويبدو أن الأمر استفحل في بطولة الخليج الحالية، وبات الجميع آيل للسقوط داخل منطقة الجزاء، حتى ان أحد لاعبي المنتخب البحريني لم يجد من يصطدم به للتحايل على الحكم خلال مباراة منتخب بلاده ضد العراق، فركل الأرض بقدمه وسقط في انتظار الحصول على ركلة الجزاء، قبل أن يلبي الحكم رغبته على الفور! مع الأسف هذا هو المستوى الحقيقي لبطولات الخليج، وهذا مستوى التنافس الذي نرتجي من خلاله الوصول إلى منافسة منتخبات شرق القارة في كأس الأمم الآسيوية المقبلة! نقلاً عن "الحياة" اللندنية