عندما نطالب بهامش حرية عريض في الصحافة الرياضية، فنحن نفترض أصلاً أن في الصحافيين وكتّاب الأعمدة المهنية ورجاحة العقل، وفي الجهة المنظمة التشدد في قمع الرأي، والتضييق على حرية الصحافة، غير أن الحقيقة أن هامش الحرية مهما اتسع فلن نجد من يستفيد منه غالباً في توجيه النقد، أو عرض الرأي بطريقة توازي إضافة يمكن من خلالها إثراء الساحة الرياضية، وتغيير كثير من المفاهيم الخاطئة، خصوصاً أن المتطفلين على الصحافة وأصحاب الآراء الهزيلة باتوا أغلبية في الوسط الرياضي حتى انهم أصبحوا الأقرب إلى المنبر والأعلى صوتاً! وخلال الأسبوع الماضي ظهر أحد الصحافيين مطالباً بضم حارس الهلال حسن العتيبي إلى منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة في عبارات برهنت أن من بين الصحافيين الأكثر ظهوراً في القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت أناساً لا يمتلكون من الإدراك ما يمنحهم قدرة على التمييز أو عرض آراء يمكن أن تنعكس بالإيجاب على طرف ما، هذا الصحافي «العبثي» يرى في منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة عقاباً لحارس الهلال، ناسياً أن هذا الرأي يكشف مدى ضحالة فكره وضعف حصيلته العلمية، على اعتبار أن من تهكم عليهم جزء لا يتجزأ من مجتمعنا، الذي يستمد طريقة تعامله مع ذوي الاحتياجات الخاصة من موروث ديني وأخلاقي واجتماعي، إذ إن التعامل مع هذه الفئة العزيزة دائماً ما يكون مقياساً للالتزام الديني والمروءة وكرم الأخلاق والشهامة ومعان سامية أخرى، حتى أصبح من ينظر إلى أخيه المعوق بالشماتة أو التهكم يوصف ب«النذالة» ولا يرجى من نذل كرامة! هذا الصحافي الذي تجرد من إنسانيته وأخلاقه من أجل كرهه لناد أو لاعب نسي أن التهكم على إخواننا وأخواتنا من ذوي الاحتياجات الخاصة أمر لا يليق إلا ب«نذل»، وأن الحديث عن فئة غالية من مجتمعنا أكبر من كرة القدم ومستنقع التعصب الذي يسبح فيه كثير ممن دخلوا إلى الصحافة من الباب الخلفي، وحقيقة لا أعلم كيف يتصرف هذا الصحافي الذي يتباهى ب 30 سنة قضاها في الإعلام، أليس في الأمر حرج أمام عائلته ومجتمعه وهو الرجل الخمسيني الذي بات لا يعرف ما يقال وما لا يقال؟ مع الأسف أصبحنا لا نلوم هذا الشخص ومن هم على شاكلته بقدر ما نوجه اللوم إلى القنوات التلفزيونية والصحف التي أصبحت لا ترى في ظهورهم حرجاً أمام جمهورها، وهو نقص في حق وسيلة الاعلام قبل أن يكون نقصاً في ناقص عقل ومروءة. وحين نتحدث عن هامش الحرية في الاعلام، يجب أن نلوم أنفسنا قبل أن نلوم الرقيب لأن انتماء مثل هذا الصحافي الى الوسط الاعلامي وفتح المجال أمامه للعبث يكفي لخلق التوتر وافتراض أن يتحدث جاهل بجهالة وبالتالي انعدام الثقة بالرسالة الاعلامية، لأن المرسل غالباً لا يمتلك من رجاحة العقل ما يمكنه فرض رقابة ذاتية على رسالته، ومع الأسف في كثير من بلدان العالم تعتبر مثل هذه العبارات المسيئة جريمة اجتماعية لا مكان لفاعلها بين العقلاء، بينما نجد أن هناك من يرحب بأصحاب هذه العبارات ويمنحهم الفرصة للعبث من دون رقيب أو حسيب! نقلاً عن "الحياة" السعودية