مرشح غير محتمل! قال لى صديقى الذى يعرف ولعي بأضواء الشهرة.. وعشقى للتلميع الإعلامى: لماذا لا تعلن ترشيح نفسك لرئاسة الجمهورية، فأنت سوف تحصل فورا على لقب مرشح محتمل للرئاسة، وسوف تتبع كل وسائل الإعلام تصريحاتك وتصرفاتك، بل سوف ترصد عليك أنفاسك، وتجد نفسك ضيفا دائما على كل الفضائيات ، وجميع الصحف ناهيك بالطبع عن أن المجلس العسكرى وما عداه من مجالس مدنية سوف تسعى إليك تستشيرك ،وتحسب ألف حساب لك. قلت لصديقى بعد أن أفقت من قوله الذى فاجأنى.. إن قائمة المرشحين للرئاسةكبيرة ولا مكان لي فيها لأنني لا أملك.. ولوفرصة ضعيفة للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، فلا رصيد جماهيرى لى.. فضحك الصديق من سذاجتى ورد على قائلا :ألا تعلم أن 80٪ من السادة المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية لا رصيد جماهيرى لهم، وهم عديمو الفرص حتى فى انتخابات المحليات ، وليس رئاسة الجمهورية..وترشحك سوف يرفع فقط هذه النسبة قليلا! لكننى مع ذلك آثرت أن أقاوم فكرة صديقى المتحمس لتلميعى وقلت له : ياعزيزى أنت تعلم أن قائمة المرشحين المحتملين للرئاسة تضم شخصيات محترمة وتتمتع بميزات تنافسية أفتقدها.. فلا أنا كنت وزيرا سابقا، ولا توليت إدارة منظمة دولية من قبل، ولا عملت سفيرا، ولا أملك لقب شيخ أو مفكر دينى، ولا تدرجت فى العمل التنظيمى إلى درجة وكيل مؤسسين لحزب..، أو حتى مرشح لمكتب إرشاد جماعة، وأقصى رتبة وصلت إليها فى القوات المسلحة كانت رتبة ملازم أول احتياط، وذلك قبل أكثر من أربعين عاما مضت.. ثم اننى لا أحظي بتأييد عربى أو أمريكى أو أوروبى. فقاطعنى صديقى قائلا: وهل تتصور أن ذلك يكفى للفوز بمنصب رئيس الجمهورية فى الانتخابات القادمة القبول الجماهيرى أهم؟.. وألا ترى أن التأييد الخارجى لا يفيد بعض المرشحين المحتملين، والدليل تراجعهم فى استطلاعات الرأى إلى مواقع متأخرة؟.. ثم إن أغلب المرشحين المحتملين يدركون أن فوزهم فى انتخابات الرئاسة أمر بعيد المنال.. هم يدركون ذلك منذ وقت مبكر، ومع ذلك يصرون على إعلان الترشح لهذا المنصب للاستمتاع بمميزات لقب المرشح المحتمل، وهى مميزات جد كبيرة، وأنا أريدك، أن تستمتع بهذه المميزات بضعة أسابيع. رغم وجاهة كلام صديقى ألا أننى احتفظت بعنادى وقلت له : يا عزيزى أننى لا أملك من المال مايكفي لدعاية بضع ساعات خلال المعركة الانتخابية الرئاسية، التى ستحتاج بالقطع لإنفاق عدة ملايين من الجنيهات..وأنا فى ذات الوقت لا أرتضى لنفسى أن أنظم حملة تبرعات لتمويل معركتى الانتخابية ، والخزانة العامة أحوج لأي تبرعات الآن لتمويل عجز الموازنة الذى لن يقل عن 134مليار جنيه.. فضلا عن أننى أفتقد مهارات جمع التبرعات التى يحظى بها بعض الزملاء الإعلاميين. رد على صديقا مندهشا وقال لىّ: أولا: أنت لست فى حاجة لتنظيم حملة جمع تبرعات من الداخل، فأنت يمكنك الاعتماد على الخارج فى التمويل.. فقط عليك تأسيس كيان، إذا اخترت أن يكون دينيا ستحصل على دعم مالى من هيئات خليجية، وإذا اخترته مدنيا ستحصل على دعم مالى أمريكى أو أوروبى، ولن تعدم تمويلا إيرانيا أيضا.. وثانيا: من قال إنك ستحتاج للمال أو للدعاية أصلا.. أنت لن تصبح مرشحا حقيقيا.. بل سوف تتوقف عند مرحلة المرشح المحتمل.. فأنت عندما سيفتح باب الترشح لمنصب الرئاسة سوف تنسحب من هذا السباق، ولن تعدم سببا لتبرير انسحابك من المعركة الانتخابية، مثل أنك لا تتكالب على المناصب، وكل ما تبغيه هو خدمة البلد.. ويكفيك لقب مرشح محتمل. قلت لصديقى: لكنى بهذا الشكل يا عزيزى سوف أكون مرشحا غير محتمل للناس! [email protected]