تراه عاقد الحاجبين، لكنه خلق ليبتسم، أمام الكاميرات تناسى أمر عينيه الضيقتين تماما ورأي الدنيا مبهجة حقا تستحق ضحكاتنا فضحك وأضحكنا معه، كذا تجاهل إعاقته وطوع لسانه وفقا لطهارة روحه وقلبه... هكذا كان محمد صفا الجميل، أو قل الطفل "حرنكش" صغير "الست بلطية العالمة" في فيلم "فيروز هانم". صفا الجميل لم يكن كومبارس عاديا خاصة بعد أن عاد لأمه الفنانة زينات صدقى في الفيلم ذاته مضروبا وغارقا في دمه، لتوبخه أمام الفنان أنور وجدي "الفونس المزيكاتي" قائلة: ابني اتشلفط.. ده باظ خلاص ومش هيكبر عن كده.. أنا هرميه للقطط ياكلوه". صفا الدين الشهير باسم صفصف من باب التدليل، ولد في القاهرة 1920، عرف بلقب " نوفل "السينما المصرية، بعد أن قدم شخصية تحمل الاسم نفسه في فيلم "شباك حبيبي" مع الفنان عبدالعزيز محمود، حيث ارتجل أشهر "إفيه" سينمائى، والذي تحول إلى مقولة شعبية "شرف البنت زى عود الكبريت". اكتشفه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وقدمه في فيلم "دموع الحب" عام 1933، وظل ملازما لعبد الوهاب سنوات طويلة فقد كان عبد الوهاب يتفاءل به كثيرا. وفى عام 1937 شاهده نجيب الريحانى فاستشعر فيه روح الكوميديا وقدمه في فيلم "سلامة في خير" في دور الطالب عبد الله صاحب الصوت النشاز. الرجل كان إذا سئل عن طبيعة ملامحه قال: "كويسة..على العموم أنا مبسوط كدة.. ويمكن يعملوا مسابقة للوحاشة آخد فيها الجايزة الأولى.. مين عارف.. ربك كريم". بهذا الرد التلقائى والذي ينم عن شخصية قانعة لا تتعجب أن يمنحه الله محبة المشاهدين، إلى أن رحل في هدوء تام عام 1966، رحم الله صفا الجميل الذي شاركت موهبته في صناعة زمن الفن الجميل.