لا يجب إغفال الخلل المجتمعى والأخلاقى الذي نشعر به جميعا ثم نكابر وندعى المثالية والتدين والقيم بينما مجتمعنا يعانى تبدلا سلبيا في منظومة القيم منذ مرحلة حكم السادات، تحديدا منذ بدء ما أسماه بالانفتاح الاقتصادى وفصل الهيئات الاقتصادية والسيادية عن بقية قطاعات العمل في الدولة وتميزها في الأجور والدخل، ثم جاء نظام مبارك وعمق الفجوة بين المحظوظين من المواطنين وبين أغلبية الشعب من الفقراء فزادهم فقرا وبؤسا، وبالتالى تراكمت الأحقاد بين المفقورين بينما تفاقم الشعور بالزهو والتعالى عند المميزين فخلق ذلك غلا اجتماعيا وحقدا طبقيا حقيقيا ترى أبسط صوره في الانفلات السلوكى اليومى في المرور. الباشا لا يمكن أن يُعاقب بمخالفة مرورية مثلا، الباشا هنا ليس فقط من ذوى السيادة ولكنه أيضا الثرى الذي لا يقدر عسكري المرور البسيط على معاقبته بسبب ثمن سيارته، لأنه من المؤكد ينتمى للطبقة العليا المميزة والمدللة، من المؤكد وجود ابن أو قريب باشا سيادى آخر ممن تُميز سيارته بعلامة هيئة سيادية! حتى وإن كان المواطن البسيط راكب السيارة الرخيصة ملتزما ومثاليا في سلوكه، تأتيه لحظات من الغل ويشعر بأنه ملتزم بسبب ضعفه وفقره، لذا تجده يمارس المخالفة المرورية بتعمد وغل يعوضان وضعه في نهاية كل شىء. أما من الناحية الاقتصادية، فالجميع أصبح يطبق الاستغلال على الآخر، الطبيب يجد نفسه مظلوما ولا يحصل على راتب فراش في بنك أو موظف بسيط في قطاع اقتصادى! يحلل لنفسه التغيب عن المستشفى الحكومى ويمارس عمله الخاص متنقلا من مكان لآخر أثتاء دوام عمله، وكذلك المعلم الذي تطعمه الدولة وعودا في شكل كادر، يلجأ من يستطيع منهم للدروس الخصوصية حتى يعوض ما يحصل عليه غيره فيذهب للمدرسة منهوكا غير قادر على أداء عمله. وعلى المواطن الفقير أن يجد البدائل في التعليم والصحة والخدمات، ماذا يفعل، يُدفع دفعا لممارسة نفس العلل التى يعانيها فيقوم باستغلال كل من يتعامل معه. إنها دولة البدائل والسرقة، النظام الذي لم يسقط حتى بعد ثورتين، يدعوك لسرقة غيرك من المواطنين لتتعايش في هذه الدولة الظالمة، فلتستغل من تقدر عليهم حتى تعيش وحتى تغتنى مثل غيرك. اذهب لأى مصلحة حكومية فتجد الموظف إما غائبا أو متكاسلا عن عمله انتظارا لرشوة استحللها بكل أسف ليعوض ضعف راتبه. معظم التجار والصناع يمارسون الاستغلال الاحتكارى والمكسب الحرام حتى يزدادوا ثراءً ويقدروا على مسايرة الانتقال الاجتماعى لطبقة الباشاوات الجدد من أفخم السيارت والمنتجعات الترفيهية، ينتقلون طبقيا فيشترون لأبنائهم مناصب عليا، بفلوسهم... نعم وبسرقتهم ووطنيتهم، يرفضون إضراب العمال والموظفين مدفوعين بمكاسبهم سعيا لركود اجتماعى يسمونه استقرارا ووطنية، يسرقوننا بوطنيتهم وأحيانا بتدينهم المزعوم، يستغلون الضعفاء ثم تجد أحدهم ممسكا بمسبحة مقصرا جلبابه وملزما زوجته بالنقاب أو بما يعتقده الحجاب الشرعى! لم لا فقدوته الشيخ فلان، يفعل مثله، يبيع الدين غاليا في الفضائيات متابكيا من خشية الله! اللهم ارحمنا [email protected]