رئيس جامعة أسيوط يعلن فتح باب التقديم الإلكتروني للمدن الجامعية لعام 2025/2026    جامعة القاهرة تطلق مؤتمرها الأول للذكاء الاصطناعي في أكتوبر القادم    «التضامن» و«ويل سبرنج» تنظمان يومًا ترفيهيًا وتوعويًا لفتيات مؤسسة العجوزة    "المشاط" تشارك بالاجتماع الوزاري العالمي الأول للمشروعات الصغيرة بجنوب أفريقيا    إقبال على العنب والموز.. ارتفاع أسعار الفاكهة بالمنوفية اليوم الخميس 24 يوليو 2025    الخارجية الأمريكية: نعمل مع مصر وقطر للوصول إلى صيغة تنهي حرب غزة    17 شهيدا بنيران وقصف الاحتلال بينهم 3 من منتظري المساعدات منذ فجر اليوم    مصادر: سول تقترح استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار بأمريكا في إطار محادثات الرسوم الجمركية    مقتل 11 مدنيًا في معارك مسلحة بين تايلاند وكمبوديا    مصر و9 دول: لا سيادة لإسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    إيران تتمسك بتخصيب اليورانيوم وسط تهديدات أمريكية بضربات جديدة    إيكيتيكي ينضم لمعسكر ليفربول في هونج كونج    "لم أر سوى الخير من جماهير الزمالك".. مصطفى شلبي يعلن نهاية رحلته مع القلعة البيضاء    أول نتائج عمل لجنة المحترفين.. ثلاثي ليفربول وأرسنال وأوكسير في معسكر منتخب 20 عاما    فيريرا: هدفنا هو نفس هدف جماهير الزمالك.. ونتحسن يوما بعد يوم    السيطرة على حريق منزل عشوائي بشبين القناطر وإصابة شخص| صور    حملات الدائري الإقليمي تضبط 29 سائقا متعاطيا للمخدرات و1130 مخالفة مرورية    إصابة رئيس محكمة و3 من أفراد أسرته في حادث انقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي    ضبط صاحب مكتبة بتهمة بيع وتوزيع كتب دراسية خارجيه بدون تصريح    ضبط 5 أشخاص بعد مشاجرة بسبب خلافات الجيرة في مدينة بدر    نعوشا تحركت في صمت.. حيثيات حبس المتهمين في واقعة انفجار خط غاز طريق الواحات    انخفاض درجات الحرارة في كفر الشيخ.. والعظمى تسجل 37 درجة مئوية اليوم    «تطوير التعليم بالوزراء» وأكاديمية الفنون يطلقان مبادرة لاكتشاف وتحويل المواهب إلى مسارات مهنية    في ذكرى ثورة 23 يوليو.. منزل والد جمال عبد الناصر منارة ثقافية في الإسكندرية    هيئة الرعاية الصحية: تعاون مع شركة Abbott لنقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    تعليم الغربية: لا إجبار في اختيار نظام الثانوية العامة والبكالوريا اختيارية    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد    استقرار أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 24 يوليو 2025    وزير الري يبحث حالة المنظومة المائية وموقف المرحلة الثانية من تطهيرات الترع    محافظ الغربية: التعليم الفني قادر على تخريج أجيال تنهض بالمجتمع    رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع 3 عقود صناعية جديدة مع شركات صينية    رئيس الوزراء يستعرض جهود وزارة الأوقاف في مواجهة الشائعات وبناء الوعي المجتمعي    غدا.. تامر حسني والشامي يشعلان ثاني حفلات مهرجان العلمين    حسين فهمي ضيف شرف الدورة الثانية من جوائز الباندا الذهبية بالصين    الدفاع الجوي الروسي يدمر 39 مسيرة أوكرانية    حملة «100 يوم صحة» تقدم 12 مليون و821 ألف خدمة طبية مجانية خلال 8 أيام    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    وزير الخارجية والهجرة يلتقى الجالية المصرية فى مالى    «صفقة قادمة».. شوبير يشوّق جماهير الأهلي حول المهاجم الجديد    أحد الزملاء يخفي معلومات مهمة عنك.. حظ برج الدلو اليوم 24 يوليو    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    أرخص الجامعات الأهلية في مصر 2026.. المصروفات الكاملة وطرق التقديم (القائمة المعتمدة)    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    سيناء في «قلب جهود التنمية»    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    نهاية سعيدة لمسلسل "فات الميعاد".. تفاصيل الحلقة الأخيرة    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    تصرف مفاجئ من وسام أبوعلي تجاه جماهير الأهلي.. الشعار والاسم حاضران    شوبير يكشف حقيقة اهتمام الأهلي بضم أحمد فتوح    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات صحفى مسحول
نشر في فيتو يوم 06 - 02 - 2013

الذين ذهبوا بعيداً بحماستهم للمطالبة بمحاكمة المواطن حمادة صابر المسحول، ارتكبوا خطيئة لا تغتفر، فالمواطن المسحول تعرض لواحدة من حالات القهر المبثوث على الهواء مباشرة، كلنا رأيناه مسحولاً، مركولاً بالأحذية، مسحوقاً على وجهه كامرأة تغتصب على الهواء مباشرة، مقهوراً تحت الأحذية، منبوذاً تتقاذفه الأيدى الخشنة وبيادات صممت خصيصا لتحمى الأقدام من حثالة المتظاهرين والمحتجين.. كلنا رأيناه، لكننا جميعاً لا نستطيع أن نتصور كيف مرت به هذه اللحظات، وتصورنا وهماً أن لديه قدرة على اتهام ساحقيه، ومن هم ساحقوه؟
إنهم من ركلوه بأحذيتهم، وداسوه بأقدامهم، ومحقوا إرادته بحيوانيتهم.
هل تصورتم عندما أفاق حمادة فى المستشفى على وجوه معذبيه؟ هل تصورتم كيف ارتد إليه رعبه زلزالاً يهز أسرته؟ هل تصورتم كيف رأى نفسه على سرير ومن حوله جمع من وجوه لا تعرف رحمة ولا إنسانية؟ هل تصورتم كيف استعاد ما حدث؟.. لا أظن.
أقول لكم وأنا استعيد يوماً من أيام عام 1995م، عندما كنت فى المكانة نفسها التى عاشها حمادة صابر، كنت فى ذلك اليوم أؤدى عملى بجريدتى "الأحرار" بشارع الجمهورية عندما باغتتنى قوة هائلة من ضباط وجنود، وأحيانا مارة شاركوا القوة بإخلاص منقطع النظير.
فى تلك الأيام كنا نخوض معركة ضد التعذيب، وتبنينا قضية الشهيد عبدالحارث مدنى قتيل نقابة المحامين بأيدى زبانية التعذيب، وقد وصل إلى مقر الصحيفة أكثر من ثلاثة آلاف جندى من الأمن المركزى لتنفيذ حكم قضائى بطرد الصحيفة من مقرها، وكان الدور على العبد لله فى شارع الجمهورية وبالتحديد عند تقاطع الشيخ ريحان مع الجمهورية دارت وقائع سحلى لأكثر من ساعة، هم يسحلوننى وأنا أقاوم، نعال ارتدتها نعال، تنهال على رأسى وكلما أفقت كنت أضرب بكل قوة وجه أى ضابط يكون فى مرمى يدى.
ولأننى تعلمت ألا تقهرنى قوة باطشة‫..‬ اعتبرتها مباراة يضربوننى فأضربهم، يلكموننى فألكمهم، يسحلوننى على الأرض فأقاوم وأقف باحثاً عن وجه رسمى أنفث فيه غليل القهر، ظللت أقاوم وكاميرات زملائى تطبع صورى وأنا على الأرصفة أتحول إلى قطعة قماش بالية يمسحون بها الأرض، وسرعان ما أتحول إلى عملاق داخل نفسى فاستجمعها وأنهض كى أقاوم، اعترف أننى لم أكن لقمة سائغة مثل حمادة صابر، وأعترف أننى كنت أضرب بقدر الغل الذى يضربوننى به، وأخيرا سقطت بلا حراك.
تم القبض علىّ، وألقيت معصوب العينين ومكتوف الأيدى داخل سيارة، وحولى عدد من قواتهم، مضت سنوات طويلة وهذا المشهد لا يغيب عن ذهنى، أصبح جزءاً من تكوينى، جعل رد فعلى غير مبرر كلما تكرر أمامى مثل هذا المشهد حتى لو كان سينمائيا.
عندما فكوا العصابة عن عينى قال لى أحد الضباط: أمامك حلّين الأول: أن ترحل من هنا إلى بيتك وتتعلم الدرس جيدا، والثانى: أن تتحمل نتيجة رفضك الذهاب إلى بيتك، وتلا على مسامعى أربعة عشر اتهاماً كان أخفها وطأة‫:‬ قيادة تظاهرة دون ترخيص وأشدها مقاومة السلطات ومحاولة قلب نظام الحكم، وبالطبع اخترت عدم الذهاب إلى بيتى وتحملت أعباء اتهامات باطلة بعد أن أقسمت لهم أن حقى لن يضيع وظللت لسنوات أطارد كل من طالتنى يده إلا جنود الأمن المركزى، حيث اعتبرتهم أكثر المسحولين فى الأرض ألماً.. أخذت حقى بعد سنوات طويلة بفضل زملاء أعزاء جندوا كل طاقاتهم من أجل استعادتى لإنسانيتى التى داسوها أمام المارة.
لهذه الأسباب أدرك جيداً حقيقة اعتراف حمادة صابر بأن الشرطة بريئة من جريمة تعريته، وسحله، وسحقه.. حمادة مواطن بسيط لا يملك قلماً وورقة، حمادة مواطن يعيش على هامش الحياة يجب علينا بدلا من أن نطارده بالبلاغات أن ندفعه دفعاً ليكون رمزاً لصمود الوطن قبل أن يعترف بأنه هو من سحقهم داخل المستشفى بعيدا عن الكاميرات، حمادة استعاد إنسانيته عندما أحس بالوطن يحيط به أعلنها صراحة، وتمرد على خوفه وانتصر لإنسانيته، انتصر لنفسه وهزم الجميع، بعد أن استمد القوة من الجيل الجديد، بعدما انتصرت له ابنته، وتراجع دون أن يدرك الجميع أن تراجعه كان انتصاراً ضد خوفه على أسرته، حمادة ترك وزير الداخلية تحت وطأة السحل يحيا، فضح الوزير وكشف عورات رئيس مفضوح منذ أن جاء إلى السلطة، أسقط آخر أوراق التوت التى حاولت جماعة الأشرار أن تتمسك بها.
أما الوزير الذى لم يخجل وهو يطلق تصريحات من عينة "إننا لم نسحله، ولم نعريه".. هذا الوزير هو المسحول الحقيقى.. نعم هو المسحول والمسحوق.. مسحول تحت وطأة عشق المنصب.. مسحوق بفعل جماعة تدفعه دفعاً لبيع ضميره دون مقابل.. هذا الوزير مقهور تحت أقدام سلطة غاشمة تصدر إليه الأوامر فإن لم ينفذها ستعريه مثل حمادة.
قلبى مع الوزير الذى حقن ضميره بمادة سامة، قاتلة قبل أن ينطق بما نطق به وباع تاريخه، وباع إنسانيته، وقلبى مع حمادة الذى فقد إيمانه بإنسانيته فتسامح مع ساحقيه، وقلبى معى لا يزال ينبض ويرفض كل محاولات القوى الثورية محاكمة حمادة لأنه فقد إنسانيته ليحمى أولاده وزوجته وأسرته البسيطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.