قال له النبى في الغار: ما ظنك باثنين الله ثالثهما حين أسلم سماه النبى عبدالله، وكانت أمه من أوائل النساء إسلاما حرم على نفسه شرب الخمر وعبادة الأصنام منذ شبابه.. والشمس والقمر نزلا في حجره 63.. هي عمر أبو بكر الصديق وهو نفس العمر الذي مات عنه النبى - صلى الله عليه 3 أيام.. رافق خلالها النبى في الغار.. كما حمل الراية السوداء في غزوة تبوك اثنين ثانى إذ هما في الغار التاريخ حين تناول شخص أبى بكر - رضى الله عنه - رصد بدقة شديدة تفاصيل الصداقة والإخلاص وما كان عليه الرجل من نبل وشجاعة ساعدت في دعم رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو بكر بعد أن آمن بما جاء في رسالة الرسول الأكرم، وقف لجواره وناصره إلى أن انتشر دين الله في ربوع شبه الجزيرة العربية، حيث كان طوال فترة الرسالة ملازما للنبى وشريكا داعما للإسلام من خلال مشاركته في كل الغزوات والفتوحات. فالصدّيق وضع ماله كله في خدمة نشر رسالة الإسلام، حيث كان من أغنياء قريش في الجاهلية، وظل هكذا رفيقا مخلصا إلى أن أصبح أحب الناس إلى النبى محمد بعد زوجته عائشة، كما لقبه النبى بالصدّيق لكثرة تصديقه إياه. أما منزلة الرجل عند ربه فقد عرفها منذ أن رافق النبى في هجرته إلى المدينةالمنورة، حيث نزل فيه قول الله تعالى «إلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إذْ هُمَا فِى الْغَارِ إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا». وأبوبكر الصديق، هو عبد الله بن أبى قحافة عثمان بن كعب التيمى القرشي، ولد سنة 51 قبل الهجرة الموافقة للعام 573 الميلادي، أي بعد عام الفيل بنحو 3 سنوات، ويلتقى في نسبه مع النبى محمد بن عبد الله عند مرة بن كعب. ويذكر التاريخ أن والدة الصديق تدعى «أم الخير سلمى بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم»، وكان لا يعيش لها ولد، فلما ولدته استقبلت به الكعبة، قائلة: «اللهم إن هذا عتيقك من الموت فهبه لي»؛ ويقال إن هذا سبب تسميته بالعتيق، كذا يروى أن أبا بكر قبل الإسلام كان يدعى «عبد الكعبة»؛ وحين أسلم سماه النبى عبدالله، وكانت أمه من أوائل النساء إسلاما. نشأ أبوبكر في مكة، وفى مرحلة مبكرة من عمره عمل بائعا للثياب وحقق نجاحا في مهنته أعقبه ربح هائل زاد تجارته اتساعا وتزوج في بداية شبابه من قتيلة بنت عبد العزى، ثم تزوج من أم رومان بنت عامر بن عويمر. أما أصدق الروايات التي سردت مرحلة ما قبل إسلام أبى بكر وما تلاها، فأوضحت أنه أول من أسلم من الذكور دون تردد أو تكذيب لرسالة النبى محمد، كذلك رأى ذات مرة في منامه أن الشمس والقمر نزلا في حِجره، فأخذهما بيده وضمهما إلى صدره وأسبل عليهما رداءه، ولما سأل راهب تفسير الرؤيا، قال له الراهب: «يخرج في زمانك رجل يقال له محمد الأمين تتبعه، ويكون من قبيلة بنى هاشم وهو نبى آخر الزمان، وأنت تدخل في دينه وتكون وزيره وخليفته من بعده»، كذا عرف باتزانه قبل الإسلام فالرجل حرم على نفسه شرب الخمر وعبادة الأصنام، ولما سمع الصديق عن محمد نبى الإسلام هام قلبه وسعى إلى رؤيته، وما أن رأى رسول الله حتى أسلم بين يديه دون تردد، ليكون أول من أسلم من الرجال. وعرف عن أبى بكر تصديقه الجم للنبى محمد، فكان الرجل أول من صدق ما حدث للرسول في رحلة الإسراء والمعراج، وكان دائما يؤيد أقوال النبى دون نقاش أو جدل بمقولته المشهورة: «لو كان قد قال.. فقد صدق». أما مرحلة ما بعد إسلام أبى بكر، فكانت مليئة بالعطاء حيث وهب حياته وماله في سبيل نشر الإسلام ومساندة النبى في إتمام دعوته إلى دين الله، مستغلا مكانته الكبيرة بين سادات قريش، كما أسلم على يديه عدد كبير من بينهم: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيدالله. وظهرت الإنسانية في أبهى حالاتها عندما ساند المستضعفين ممن أسلموا وقام بشرائهم وأعتق الكثير من العبيد الذين ذاقوا عذابات الجاهلية على أيدى كفار قريش. وبعد أن علم النبى بموافقة ربه على أمر الهجرة إلى المدينة، ترقب أبوبكر قرار الهجرة، إلى أن ذهب النبى إلى بيت أبى بكر وكان نائما فأيقظه وأخبره أن الله قد أذن له بالهجرة. يومها بكى أبو بكر من شدة فرح، ثم خرجا وأقاما في غار ثور، تزامنا مع محاولات المشركين في الوصول إليهما حتى وصلا إلى الغار، وقال أبوبكر جملته الشهيرة: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فرد النبى قائلا: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما». ورافق الصديق النبى محمد ثلاثة أيام في الغار، بعدها أكملا الرحلة واستمرا في طريقهما حتى بلغا المدينة، واستقبل الصحابة مهاجرين وأنصارا رسول الله وصاحبه بسرور وفرح، وانطلق الغلمان والجوارى ينشدون الأنشودة الشهيرة: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع. وظل أبوبكر في المدينة مرافقا النبى محمد وشريكا أساسيا لعب دور الرجل الثانى بإخلاص، فشارك في جميع الغزوات المصيرية، ويذكر التاريخ أن أبا بكر كان على رأس مقتحمى حصن اليهود في غزوة خيبر، كذا ثبت مع صديقه في معركة «حنين» بعد أن انفض عنه المسلمون خوفا على حياتهم، كما أن هناك رواية تقول إن الصديق هو من حمل الراية السوداء في غزوة «تبوك». ولحق أبوبكر - رضى الله عنه - بصديقه في شهر جمادى الآخرة سنة 13 من الهجرة، وصلى عليه عمر بن الخطاب، ودفن بجوار النبى محمد. كان أبوبكر قد ولد بعد النبى بسنتين وأشهر، ومات بعده بسنتين وأشهر، عن عمر يناهز ال 63 عاما وهو نفس العمر الذي مات عنه النبى - صلى الله عليه وسلم.